المحرر الرباط
مرت عقود على اندلاع الخلاف القائم بين المغرب و جبهة البوليساريو، ولازالت خصوصيات المنطقة تشكل الية فعالة لاستنزاف صناديق الدولة، بينما تعتمد الجهات المعروفة على أولوية القضية الوطنية بالنسبة للدولة من أجل تبدير المال العام، و اقتسام ما تبقى تحت الطاولة، لدرجة أن التاريخ قد سجل دخول العشرات من الاشخاص على خط في قضية الصحراء، و خروجهم منها بمبالغ و ممتلكات و غنائم وفيرة.
و اذا كانت فكرة تنظيم منتدى كرانس مونتانا بمدينة الداخلة الواقعة فوق اراضي النزاع، تدخل في اطار الترويج للقضية الوطنية، بينما يستغل المدافعين عن المنتدى، هذا الملف من اجل الابقاء على دعم الدولة و الحفاظ على استمرارية استنزاف الصناديق، فاننا نتساءل عن النتائج التي حققها منذ انطلاقته في المغرب، و الجميع يعلم بأن ملف الصحراء يمر في الوقت الراهن من منعطف خطير تخللته مجموعة من المشاكل التي لانعلم كم كلفت الدولة من اجل حلها.
منتدى كرانس مونتانا، أماط اللثام عن بعض الاشخاص، الذين شكل ارتباطهم بمدينة الداخلة، علامة استفهام مبهمة، خصوصا عندما يتعلق الامر بشركة تاسست في مدينة الرباط، و تحقق أرباحا خيالة من نشاطات في مدينة الداخلة، من خلال صفقات مع جهات رسمية، تمرر لها دون طلب عروض، و كأن الامر يتعلق بتدبير مفوض لاصلاح أحد المصاعد أو ترميم جزئ من بناية عمومية، هذا دون التدقيق في المبلغ الذي تتقضاه هذه الشركات نظير تكليفها بجانب من جوانب منتدى كرانس مونتانا أو بتدبير احدى المهام فيه.
و من بين المفارقات الغريبة العجيبة التي ارتبطت بتنظيم كرانس مونتانا، هو تحفيظ شق من الجانب الاعلامي للمنتدى، في اسم شركة مقرها بالعاصمة الادارية للمملكة، و تفويت الفقة لها بشكل مستمر و دون الاعلان عن طلبات العروض، في واقعة تحيلنا على شبكة علاقات كونها مسيرو هذه الشركة منذ حكومة ادريس جطو، و مكنتهم من ضمان لقمة عيش سنوية يتلقون خلالها مئات الملايين، بينما لا يصرفون لاجلها نصف المبلغ المرصود في الاوراق و الفواتير، و من هنا نتساءل “على سبيل المثال” عن الكيفية التي يتم من خلالها تفويت صفقة بمئات الملايين لشركة راسمالها خمسين مليون سنتيم، و نحن نعلم بأن الدفع ياتي بعد انتهاء المهمة….
و قد يعتبر تفويت صفقة بمبالغ خيالية، لشركة تأسست بمدينة الرباط، لتقوم بمهمة بمدينة الداخلة، ضربا في مجهودات الدولة الرامية الى اقرار جهوية متقدمة، تعتمد على تنمية محلية، خصوصا في الاقاليم الجنوبية للملكة، التي ما فتئ جلالة الملك يوصي بضرورة النهوض بمقاولاتها المحلية، هذا دون الحديث عن المبالغ التي تتقاضاها مثل هذه الشركات، و التي من شأنها أن تصرف في اشياء اخرى، قد تعود بالنفع على المنطقة و ساكنتها، و قد تحد بشكل كبير من ظاهرة الانفصال بالاقاليم الجنوبية، و تشكيل جبهة داخلية، قادرة على مجابهة الموالين للبوليساريو، و ردع محاولاتهم لتشويه صورة المملكة على المستوى الدولي.
اليوم و منتدى كرانس مونتانا يغادرنا في انتظار عودته السنة المقبلة، من حقنا التساؤل عن التقرير المالي المتعلق بالبهرجة التي تخللته، خصوصا في شقه المرتبط بالمال العام، حتى نتمكن من مقارنته مع ما تصرفة بلجيكا “مثلا” نظير احتضان فعالياته، و من تم مقارنة سكان القرى البلجيكية، بالمغارية الذين يقطنون في القرى المغربية، و الاشخاص الذين تحاصرهم الثلوج في جبال الاطلس.
فهل حان الوقت كي يصرخ المغاربة “كفى تبديرا لاموالنا تحت غطاء الخصوصيات”، أم أن دار لقمان ستبقى على حالها حتى اشعار اخر؟ سؤال نطرحه كلما تابعنا نفس العناصر و هم يسرقون الرغيف من الفقراء بدعوى انهم يدافعون عن المصلحة العامة.