أجرى الإستجواب : كريم حدوش (صحفي متدرب )
بعد طول إنتظار، أفرجت الحكومة أخيرا في 28 من يوليوز الماضي ، على مشروع القانون التنظيمي رقم 26.16 المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفية إدماجها في مجال التعليم وفي المجالات العامة ذات الأولوية ، كيف تقرأ هذا التوقيت ؟ ونحن على بعد بضع أشهر على نهاية ولاية الحكومة ، هل يمكن القول بأن مقتضيات الفصل 86 من الدستور هي التي عجلت بالمصادقة على المشروع ؟ أم يمكن تبرير هذا التأخر بضمان الجودة في التشريع ؟ أم أنه تماطل حكومي ؟
بالنسبة للقراءة الأولى والواضحة لما جرى، هو احتقار الأمازيغية وعدم اعتبارها من الأولويات، فلو كانت ضمن أولويات الحكومة، لأدرجت ضمن القوانين الأولى التي تم وضعها منذ سنتي 2012و2013 ، وقد كان تصورنا واضحا منذ ذلك الوقت، حيث قامت الفعاليات الأمازيغية بمجموعة من اللقاءات في ربوع المملكة، كما صاغت مقترح قانون كامل منذ سنة 2013 وتم إعداد مذكرات ووثائق توضيحية لمضمون مشروع القانون التنظيمي ، وكيف ينبغي أن يكون .
الرؤية كانت واضحة بالنسبة لنا منذ ذلك الوقت ، لكن الحكومة لم تكترث نهائيا ، وحتى الأحزاب الحليفة لنا مثل حزب الحركة الشعبية وحزب التقدم والإشتراكية ، لم يحركا ساكنا ، ولم يكترثا بالموضوع ولم يقدما أي مقترح في هذا الشأن ، وهو شيء مؤسف لأنه يدل على ضعف هذه الأحزاب ،يقول مستغربا : كيف يمكن لأحزاب أن ترفع شعارات معينة وهي في المعارضة وعندما تكون في الحكومة تصمت عن تلك المطالب؟ !
هناك كذلك مشكل حزب العدالة والتنمية الذي يرأس الحكومة الحالية، فهو معروف بعدائه التاريخي للأمازيغية لغة وثقافة وهوية ، حيث أن مرجعية هذا الحزب ورؤيته لا تتطابق مطلقا مع الأفكار الحديثة التي تتعلق بسياسة التدبير الديموقراطي للتعدد اللغوي والثقافي ، مما ساهم في هذا التماطل كذلك، أما حزب التجمع الوطني الأحرار فقد تبنى مقترح قانون تقدمت به إحدى الجمعيات الأمازيغية ، لكنه تخلى عنه بمجرد تواجده في الحكومة، بالنسبة للفاعل الملكي فهو لم يتحدث في الموضوع ولم يعطي إشارة لضرورة البدأ في وضع هذه القوانين التنظيمية إلا في افتتاح الدورة البرلمانية الأخيرة ، فيما قبل كانت هناك خطط ملكية تتحدث عن الأمازيغية وتضعها ضمن الأولويات ، ولكن للأسف لم يتحقق ذلك ، ولم يبدأ المسلسل الفعلي لوضع القانونين التنظيميين سواء المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية أو المتعلق بالمجلس الوطني للغات والثقافة الأمازيغية ، إلا بعد الإشارة الملكية في افتتاح الدورة البرلمانية ، حينها كان الوقت ضيقا . فقد أحدثت لجنة برئاسة السيد إدريس خروز لوضع مشروع القانون التنظيمي الخاص بالمجلس الوطني للغات والثقافة الأمازيغية ، وكنا ننتظر نفس الشيء بالنسبة لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية ، غير أننا فوجئنا برئيس الحكومة ، الذي قال فيما قبل بأن موضوع الأمازيغية بيد الملك ، (فوجئنا به ) ، يتولى صياغة مسودة مشروع القانون التنظيمي مع مستشاريه ، ووضع لنا بريدا إلكترونيا دعانا إلى المساهمة عبره بمذكراتنا ومقترحاتنا ، وهو الإجراء الذي قاطعناه بالإجماع لأنه لا علاقة له بمفهوم الشراكة، كما نتصورها وكما هي معمول بها ، فالشراكة هي أن نستدعى و أن نستشار ، وأن نكون أعضاء في لجنة صياغة هذا المشروع باعتبارنا خبراء في الشأن منذ نصف قرن .
ما تقيمك لمشروع القانون هذا؟
أولا هذه مشاريع قوانين يجب أن تعدل ، نحن لا نقبلها على الإطلاق، الآن الحكومة صادقت ولكن هذه المحطة الاولى فقط ، المحطة الثانية هي المجلس الوزاري الذي يرأسه الملك ، ثم المحطة الثالثة هي مصادقة البرلمان، إذن فهي لا تزال مشاريع قوانين ، ونحن نرفضها وندينها لأنها غير مطابقة لا للدستور ولا لمطالبنا ، فهي تحمل تراجعات عن مكتسباتنا التي راكمناها منذ 2001 وهذا خط أحمر بالنسبة لنا ، من جانب اخر نعتبر بأن الفرصة لا زالت قائمة لإعادة النظر في هذه المشاريع، وتعديلها وفق ما ينص عليه الدستور ووفق التراكمات الإيجابية التي تحققت .
لقد تم تمرير مشروع القانون التنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية إلى الأمانة العامة للحكومة التي قدمت صيغته النهائية ، وهي صيغة مخجلة، بعيدة كل البعد عن الطابع الرسمي للأمازيغية، كون مشروع القانون هذا لا يتطابق مع الدستور ،الذي ينص على أن القانون التنظيمي للأمازيغية هو الذي سيحدد كيفية ومراحل إدراج الأمازيغية في التعليم والمجالات الأخرى ذات الأولوية ، فهذا المشروع الذي تمت صياغته لا يحدد أي شيء فهو عبارة عن جمل فضفاضة وواسعة تتهرب من القيام بما ينص عليه الدستور.
هل قمتم بتقديم مقترحاتكم فيما يجب أن يكون عليه مشروع القانون التنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية ؟
طبعا، لدينا وثائق مصاغة بشكل دقيق منذ سنة 2013، و قد تم تقديمها إلى الأحزاب التي تتواجد في البرلمان و لرئيس الحكومة لكنه لم يتم الأخذ بها ، فهم اعتمدوا على خيارات اخرى لأنهم يملكون أهدافا سياسية غير الإدماج الفعلي للأمازيغية فلو كانت لديهم الإرادة الحقيقية سيتم الأخذ باقتراحاتنا ، كما تمت صياغتها لكنهم تجنبوا ذلك، فنحن نشكك في وجود إرادة سياسية فعلية للنهوض بالأمازيغية، ونعتبر هذه القوانين التنظيمية هي مشاريع لإقبار الأمازيغية وليس النهوض بها ، كما أننا نعتبر أن الأمازيغ ليس من حقهم أن يقوموا بتدبير لغتهم والعناية بها بل سيتولى ذلك آخرون نيابة عنهم .
هل هناك مواد بعينها تتعارض ومواقفكم أو تسجلون عليها مؤاخذات؟
هناك مجموعة من المواد التي تتعارض مع الدستور وتتعارض أيضا مع مطالبنا، فيما يخص التعارض مع الدستور فهو يتمثل في جعل التوجهات الكبرى لإدراج الأمازيغية في التعليم والمجالات الأخرى، من إختصاص مؤسسات اخرى عوض ان تحدد في القانون التنظيمي، بمعنى أن الدستور ينص على أن هذا القانون التنظيمي هو الذي سيحدد، وإذا بالذين وضعوا هذا المشروع يقولون بأن السياسة التعليمية تتحدد حسب ما يراه المجلس الأعلى للتربية والتكوين أو وزارة التربية الوطنية أو ما شابه ، إنه أمر بعيد عن الصواب فمجلس التربية والتكوين والوزارة ينبغي أن ينطلقا من التوجهات الكبرى التي يضعها القانون التنظيمي للأمازيغية.
إذن فهو إلتفاف وتلاعب بمطالبنا لأننا نعرف أن المجلس الأعلى للتربية والتكوين هو مجلس لا نمثل فيه ، فهو يضم القوميون العرب ويضم الإسلاميين ولا يوجد ممثل واحد للحركة الأمازيغية ، فهؤلاء الأعداء التاريخيين للأمازيغية هم الذين سيتولون التخطيط للأمازيغية في التعليم ، لذا فنحن نعتبر بأن إحالة هذا الموضوع على المجلس الأعلى للتربية والتكوين في القانون التنظيمي للأمازيغية هو تراجع عما يوجد في الدستور ، ذلك أن الرؤيةالاستراتيجية لهذا المجلس هي رؤية تخطط لإبادة الأمازيغية ، وقد اطلعنا عليها ورفضناها وقمنا بإدانتها ونددنا بكوننا أقصينا من هذا المجلس، كما اقصينا من اللجنة التي صاغت ميثاق التربية والتكوين منذ سنة 1998 حيث قام اناس اخرون نيابة عنا في التخطيط للأمازيغية وهم لا يحبون حتى سماع هذه الكلمة ، فأصبحوا هم الذين يضعون سياسة الأمازيغية في الدولة وهو شيء غريب لا نفهمه ، هل الدولة تريد النهوض بالأمازيغية أم تريد القضاء عليها؟ ! . فإذا كانت تريد النهوض بها فهي مطالبة بجعل خبراء الأمازيغية والمختصيين فيها يتولون أمرها.
تخيل معي مثلا ، بأن يعهد للنخبة الفرونكفونية التي تحتقر اللغة العربية بمهمة التخطيط لها بوضع سياسة لإدماجها في التعليم وفي المجالات الأخرى ،إنه الأمر نفسه الذي يحدث الآن مع اللغة الأمازيغية.
لقد نص الدستور في الفصل 5 بإحداث المجلس الوطني للغات والثقافة الأمازيغية ، كما تم مؤخرا تدارس مشروع القانون التنظيمي رقم 04.16 المتعلق بالمجلس من قبل الحكومة .كيف تنظر إلى المجلس وهل تراه تجربة ناجحة ؟
في ما يتعلق بالقانون التنظيمي للمجلس الوطني للغات والثقافة الأمازيغية ، فالأمر الغريب ، هو أن يصبح المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، الذي يعتبر مكسبا كبيرا للقضية الأمازيغية ، باعتباره واضع الأسس الفكرية والعملية لإدراج الأمازيغية في التعليم وفي مختلف المجالات ،(أن يصبح) تحت وصاية المجلس الوطني للغات ، كما سيصبح محددو التوجهات الكبرى من خارج دائرة الخبراء في الأمازيغية ، وهذا معناه إفراغ مؤسسة المعهد الملكي من مضمونها ، وأيضا المس بالمكتسبات التي راكمناها ، وقد وردت جملة في مشروع القانون التنظيمي رقم 04.16 المتعلق بالمجلس الوطني للغات والثقافة الأمازيغية ، تقول بأنه “سيتم تدارس التعابير الكتابية للأمازيغية ” ، فالتعبير الكتابي الأصلي للأمازيغية هو حرف “تيفنار”، وقد تقرر في الدولة منذ 10فبراير 2003 وقام جلالة الملك ببعث برقية تهنئة للمعهد الملكي الذي أقر ذلك ، فهل سنعود الآن إلى الصراع حول الحرف الذي يجب أن نستعمله ؟ ! ، إذا كانت لغتنا لن تكتب بحرفها الأصلي، فنحن نريد الحرف اللاتيني الذي تكتب به جميع لغات العالم ، فإما أن تكتب بحرفها الأصلي أو بالحرف اللاتيني ، أما أن يفرض علينا حرف لغة تعاني من مشاكل كثيرة، وتتواجد فقط في البلدان المتخلفة كبلدان شمال إفريقيا والشرق الأوسط ، فهذا شيء لا نقبله ، لأنه يدخل ضمن الوصاية السياسية ويدخل أيضا ضمن الميز اللغوي، فالأمازيغية يقرر فيها أهلها الذين رفعوا مطالبها منذ 50سنة والذين ضحو من أجلها ، أما الذين عادو هذه اللغة وتمنو بأن تنمحي فهؤلاء لا يمكن أن يكونوا هم المخططين لها.
إن الصيغة الحالية لمشروع القانون التنظيمي الخاص بمجلس الوطني للغات والثقافة الأمازيغية تتميز بالغموض ، فنحن لا نعرف من سيخطط في المجلس، لأن قانونه التنظيمي يقول بأن هناك إطار داخل المجلس يوجد فيه أشخاص هم الذين يقررون، من هم هؤلاء الاشخاص؟ نحن لا نعرفهم .
بالنسبة للتعينات ، فقد أسندت لأشخاص لا يمكنهم أن يعينوا مسؤولين من الحركة الأمازيغية ،مثلا لرئيس الحكومة ورئيس البرلمان ، هذا يعني أننا مقصون من المجلس الوطني للغات، وهو ما سيجعل القوميون العرب يسيطرون عليه ، ونحن سنكون في الشارع حيث سنرفع مطالب ونندد ونستنكر، والآخرون يخططون بدلا عنا في أمور هي من اختصاصانا،علميا وأكاديميا وسياسيا وعلى جميع المستويات، هذا في الواقع شيء لا يجوز ، نحن لا نستسيغ إقصاءنا في حين يستحضر الإسلاميون والمثقفون العرب ، نحن نسيج جمعوي كبير يتجاوز الألف ومئة جمعية بالمغرب ، ولنا علاقات مع مختلف التيارات الفكرية والسياسية داخل البلد وخارجه ، ولست أدري لماذا يُتعامل معنا بهذا الشكل؟، إذا كانت الدولة لاتريد الأمازيغية، فل تصرح بذلك ، أما أن ترفع شعارات كبرى حول النهوض بالأمازيغية وتفعل العكس ،فهذا شيء نرفضه ، وإذا تم تمرير هذه المشاريع سندينها داخليا وخارجيا في كل المنتظمات الحقوقية الدولية، و سنفضح هذه السياسة الحربائية التي تهدف إلى محو لغتنا وقتلها بشعارات إيجابية .
كما جاء في المذكرة التقديمية لمشروع القانون التنظيمي للأمازيغية ، تم اعتماد مبدأ التدرج في تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية من خلال ثلاث آماد ، مدى قريب أقصاه 5 سنوات ومدى متوسط أقصاه 10 سنوات، ومدى بعيد أقصاه 15 سنة، في نظرك هل هذه الآماد منطقية ولها ما يبررها؟
المشكل ليس في التدرج ، نحن نقبل التدرج الذي قد يصل إلى 20 سنة أو 30 أو 50 سنة ، لأننا نعرف أن حكومة بنكيران أغرقت بلدنا في الديون ، ولم تعد تتوفر على ميزانية كافية لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية في وقت قصير ، فالمشكل هو في الكيف ؟ ، إذا كانت الأمازيغية ستدرج مثلا في التعليم الابتدائي في خمس سنوات، فنحن مبدئيا متفقون، ولكن كيف سيتم ذلك ، إن القانون التنظيمي لا يحدد الكيف ، بل ترك ذلك للمجلس الأعلى للتربية والتكوين،الذي أصدر رؤية عنصرية ضد الأمازيغية ، إذن فالدولة تريد أن تعمم أمازيغية ثانوية محتقرة لا قيمة لها.
نحن نريد تعميم لغة رسمية للدولة كما هي في الدستور ، و باعتبارها لغة إلزامية لجميع المغاربة ، ونطالب كذلك بتعميمها أفقيا وعموديا على كل التراب الوطني وفي كل أسلاك التعليم وتكتب بحرفها الأصلي تيفنار، كان ينبغي لهذه الأمور أن ترد في الباب المتعلق بإدماج الأمازيغية في مجال التعليم داخل مشروع القانون التنظيمي، لكي يلتزم بها المسؤولون ، وبما أنها لم ترد فإن هناك تلاعبات وهناك سعي إلى إجهاض مكتسباتنا داخل المؤسسات.
نصت المادة 34 من مشرع القانون التنظيمي على إحداث لجنة وزارية دائمة لدى رئيس الحكومة، يعهد إليها بمهام تتبع وتقييم مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، بدوركم ألم تشكلوا لجنة موازية للتتبع قصد التنبيه والمراقبة سواء بتنسيق مع الفعاليات المدافعة عن ترسيم اللغة الأمازيغية أو في المركز الأمازيغي للحقوق والحريات الذي ترأسونه؟
نحن نرفض لجنة وزارية تحت وصاية رئيس الحكومة، كونها لن تراقب أي شيء ولن تتابع أي شيء،نحن نريد مؤسسة مستقلة ذات ميزانية لمتابعة هذا الورش الكبير، فإدراج لغة رسمية في المؤسسات على جميع الأصعدة هو ورش وطني كبير لا بد له من مؤسسة مستقلة، وليس لجينة تحت وصاية رئيس الحكومة ،ولهذا من بين الملاحظات التي سجلناها أننا نرفض فكرة إحداث هذه اللجنة ونريد مؤسسة قادرة على المتابعة كما هو مطلوب .
إذا لم يعدل مشروع القانون التنظيمي الحالي فإنه لا جدوى من المتابعة، ( يتساءل باستنكار)، ستتابع ماذا؟ ، ستتابع تعميم لغة هامشية لا قيمة لها ، نحن نريد أن نحدد أولا المرتكزات الكبرى لهذا التعميم، يعني يجب أولا أن نجيب على سؤال “الكيف؟” كيف ستدرج الأمازيغية في التعليم كيف ستدرج في الإعلام إلى غير ذلك من المجالات، عند إذن يمكننا أن نتابع.
سأعطيك مثالا : في الفقرة المتعلقة بالإعلام، القانون التنظيمي يقول بأنه على القنوات التلفزية و الإذاعية أن ترفع من نسبة البرامج الأمازيغية ، (يتساءل باندهاش) هل هذا قانون تنظيمي؟ ! هذه مهزلة . فأن ترفع من النسبة المئوية معناه أن تضيف القنوات التلفزية مثلا برنامجا مدته الزمنية 13 دقيقة ، وسيتم القول بأنها رفعت نسبة البرامج الأمازيغية ، المفروض أن تقدم لنا نسبة الرفع من البرامج هل هي 03% مثلا أم 40 %، لكي يتضح ما نصيب الأمازيغية في الإعلام ، و تلك النسبة المئوية المحددة هي التي ستسعى القنوات أن تصل إليها، ونحن عند إذن عندما سنراقب سنرى مدى إلتزام القنوات بتلك النسبة المئوية المخصصة للبرامج الأمازيغية ، لكن في الوقت الحالي لا يوجد معيار لنتابع به التفعيل، وهو غموض متعمد ومقصود ، لأنه لا توجد هناك إرادة حقيقة للتفعيل.
وبالتالي فقد تم صياغة قوانين فضفاضة لا تقول أي شيء ، حاليا النسبة المئوية للبرامج الأمازيغية في القنوات التلفزية لا تتعدى3 %، لنفرض ، تم رفعها إلى 4 %في المئة ، هل هذه هي اللغة الرسمية ولغة الدولة التي توجد في الدستور؟!، لنفرض أن النسبة كذلك رفعت إلى 10 % ، فهذا غير كافي ، إذن فما دامت الدولة تتهرب من تحديد نسبة البث في القنوات التلفزية والإذاعية فهي لا تريد تعميم الأمازيغية بشكل جدي.
ألا ترى بأنك تضرب عرض الحائط كل الأمور الإيجابية التي جاء بها المشروع؟ فقد نص مثلا على بث الخطب الملكية باللغة الأمازيغية وجعل الأمازيغية لغة للتقاضي، كما أدرجها في الوثائق الرسمية للمواطنين .
هي كلها أمور بسيطة ، تعكس الهوية البصرية للدولة، فالجوهر الأساس هو التعليم ، إذا لم ينجح التعليم فكل هذه الأمور التي ذكرتها ستصبح سطحية ومجرد مظاهر خارجية، يمكنني أن أكتب لك كل عناوين مؤسسات الدولة باللغة الامازيغية وكل الوثائق بما فيها الأوراق النقدية، لكن سأعمل على إفشال التعليم ما سيؤدي إلى عدم التعريف بهذه اللغة وقد ننتظر سنة 2050 أو 2030 لنرى إن تم تفعيلها أم لا .
فكل شيء مبني على التعليم مثلا : اللغة العربية تم تعميها في 18 سنة ، حيث كانت الفرنسية هي لغة الدولة، قبل الاستقلال ، بعد خروج المستعمر لم يكن لدينا مدرسون، وتم استقطابهم من العراق وسوريا ومصر ولبنان ، واستغرقت عملية المغربة مدة ربع قرن أو اكثر ، فبدئنا العملية بتعريب المواد التربوية لكي يتعلم المواطنون اللغة العربية ، والآن الأجيال كلها التي تعرف اللغة العربية ، فقد اكتسبتها بفضل التعليم ، لنفرض أن هذا التعليم لم يكن ، كم من المغاربة سيتحدثون اللغة العربية؟ 1% أو 2%؟، كما كان عليه الحال قبل سنة 1956 ، فقط فقهاء القرويين، والمدارس العتيقة وبعض أبناء العائلات الأرستقراطية في المدن، حيث لم يكونون يتجاوزون 2 % .
إذن فالتعليم قفز باللغة العربية من 2% إلى النسبة التي قدمها الحلمي في الإحصاء الأخير ،فكل شيء مبني على التعليم وبالتالي فما دام هناك غموض في القانون التنظيمي حول الكيفية التي ستكون عليها الأمازيغية في التعليم فالمشكل سيظل قائما ، لأنه بإفشال التعليم ستظل المسائل التي تم الحديث عنها والتي اعتبرتها إيجابية مجرد مظاهر خارجية بدون محتوى.