عادل قرموطي
يبدو أن مصطلح “التحكم”، الذي ظهر مؤخرا في أوساط فيالق حزب العدالة و التنمية، لا يغدو أن يكون مجرد وباء انتخابي معدي، قد يصيب اي مواطن يطلق العنان لعواطفه خلال الاستماع للخطابات السياسية في المغرب، دون أن يحكم لغة العقل التي تفترض التحليل و النقاش، و هو نفس الوباء الذي و على ما يبدو قد أصاب نبيل بنعبد الله، زعيم الشيوعيين في حزب الكتاب، الذي أراد أن يطبق سياسة “دين و دنيا” فاختلطت عليه الامور حتى أصبح لا يفرق بين السياسي و المستشار الملكي.
ومن خلال حواره الاخير مع جريدة الايام، يتضح أن بنعبد الله، الوزير المكلف بسياسة المدينة، قد اندمج في بشكل كلي في الخطاب السياسي لحزب العدالة و التنمية، و نسي بانه يقود حزبا، تختلف توجهاته بسنوات ضوئية عن توجهات اخوان بنكيران، و كاننا أمام أجنبي لا يتقن العربية، ضيع معه أهل الدين وقتا كثيرا حتى يدخل الاسلام، و بعدما استطاعوا اقناعه بالدين الحنيف، جاءت داعش و استقطبته الى صفوفها.
تصريحات نبيل بنعبد الله، و تطاوله على المحيط الملكي، مراة تعكس مجموعة من الاشياء التي باتت تسود و تحكم في الساحة السياسية، و لعل اهمها، هو غياب الفكر السياسية، و اللهفة وراء المناصب، و لو أننا نعيش في بيئة سياسية سليمة، و خالية من الامراض، لما تحالف الشيوعي مع الاسلامي، و لما تبنى نبيل بنعبد الله، الفكر الذي يتبناه فرسان و قنديلات العدالة و التنمية، خصوصا عندما يتعلق الامر بالمواقف السياسية الخارجة عن اطار التحالفات.
من جهة أخرى، فقد عبر نبيل بنعبد الله، الذي من المفروض أنه وزير في الحكومة المغربية، عن ضعف في الشخصية، و قلة خبرة، عندما راح يتحدث بلسان حزب العدالة و التنمية، متهما الهمة بالتحكم، و بالوقوف وراء حزب في المعارضة، بل أن شجاعته الكاسدة و تاثره بالاسلاميين، جعلاه لا يميز بين ما يجب أن يقال وما لا يجب أن يقال، فراح يتهم مستشارا ملكيا بشكل مباشر، بالضلوع في ممارسة السياسة، و ذلك اياما قليلة فقط، عقب الخطاب الملكي، الذي نزه من خلاله نفسه و محيطه عن الحرب السياسية و من يخوضها.
و ان كان الشيخ نبيل بنعبد الله، قد فتح على نفسه ابواب جهنم داخل بيته الحزبي، بتلك التصريحات، فان ما تلفظ به مؤخرا في هذا الصدد، سيجعل العديد من مناضلي حزبه يعيدون النظر في سياسة قائدهم، و تعاملاته مع الاسلاميين، ضدا على الافكار و المبادئ التي تأسس لاجلها حزب الكتاب، خصوصا و ان نبيل بنعبد الله الذي تزايدت فضائحه في الفترة الاخيرة، يعتبره العديد من المتتبعين للشان السياسي في بلادنا، مجرد عجلة “سوكور” استطاع بنكيران من خلالها انقاذ ماء وجهه و الوصول الى رئاسة الحكومة، حيث توجد أكبر “خردولة سياسية” في العالم”.
و بما ان فكرة البعبع الذي اختار له مناضلو العدالة و التنمية اسم “التحكم”، قد لقيت نجاحا و لو بشكل افتراضي على الموقع الازرق، فلا بأس أن يحمل بنعبد الله سيفه ليحارب الى جانب بنكيران، وهما لا يوجد الا مخيلة من لازالوا يعتقدون بأن بنكيران هو الحل المثالي لقيادة الحكومة، و أن من يعارضه يمثل التحكم.