بقلم : كريم حدوش
ما إن تقترب الانتخابات التشريعية في المغرب، حتى تبدأ تخمينات وتكهنات المحللين السياسيين والمواطنين ، في ترشيح حزب لتبوأ الصدارة على حساب حزب آخر ، كما يتم طرح اسم لترأس الحكومة على حساب اسم اخر ، والواقع أن هذا الترجيح بين الأحزاب والزعماء السياسيين من طرف المواطن المهتم والغير المهتم ومن طرف المتتبعين والمحللين السياسيين، لا يأتي من فراغ بل يكون مبنيا على معطيات ووقائع وأحداث تسبق يوم الاقتراع ، الأمر الذي يجعل مسألة الحسم في الحزب المتصدر للانتخابات أو الشخص الذي سيقود الحكومة أمرا سهلا عند البعض ، كما أن البعض الأخر يعتبر مسألة إجراء الانتخابات تحصيل حاصل فقط .
إن من بين التخمينات التي تسيطر مع اقتراب 7 من أكتوبر، تاريخ الاقتراع، هي استمرار حزب العدالة والتنمية في تصدر الانتخابات، ما يعني بقاء أمينه العام عبد الإله بن كيران لولاية ثانية، أو تحقيق حزب الأصالة والمعاصرة نجاحا كبيرا وترأس أمينه العام إلياس العماري للحكومة المقبلة .
في الحقيقة الأمر لا يعدو أن يكون لعبا للقمار ، فبالرجوع إلى الوراء وتحديدا عند انتخابات 25 من نونبر 2011 والتي تبوأ فيها حزب العدالة والتنمية صدارة مكنته من ترأس الحكومة ، كانت كل المؤشرات قبل تاريخ فرز النتائج تشير إلى حزب المصباح ، وإلى شخص عبد الإله بن كيران كرئيس للحكومة .
الواقع في نظرنا أن حصول العدالة والتنمية آنذاك على نتيجة 107 من المقاعد البرلمانية ، لم يكن ترجمة لمجهود خالص من الحزب ، بل جاء نتيجة للتحولات التي عرفتها المنطقة العربية خلال الحراك الاجتماعي الذي شهدته مجموعة من الدول العربية ، في إطار ما سمي بالربيع العربي .
ربيع مكن الإسلاميين ببعض الدول المجاورة للمغرب من ترأس الحكومات ومن تزعم الدول كذلك ، طبعا فهذا لم يكن خيارا ديموقراطيا خالصا ، بل جاء لإخماد النيران التي اكتوت بها بعض الشعوب العربية جراء حالة الفوضى واللانظام التي سادت ساحتها السياسية .
هكذا، وفي السياق ذاته، سارع المغرب بدوره الزمن، لكي لا تصله شرارة الفوضى التي عمت بعض الدول المجاور له، خاصة وأن المؤشرات والمعطيات كانت تشير إلى أن المملكة المغربية ستعرف سيناريوهات مشابهة نسجت حركة 20 فبراير خيوطها.
لقد استطاع المغرب أن يفلت من وضع كان يهدده وذلك بفضل حنكة ملكه، الذي استجاب للمطالب التي رفعت في الشارع، فوجه لشعبه خطابا وصف بالتاريخي في 9 من مارس 2011، كما أعلن عن إجراء انتخابات سابق لأوانها، وإجراء تعديلات دستورية غير مسبوقة.
و كما كان متوقعا لذا الغالبية العظمى من المتتبعين ، تمكن الحزب الإسلامي أو ذو المرجعية الإسلامية -العدالة والتنمية – من تصدر الانتخابات، ومن ترأس الحكومة لينجوا المغرب من خطر محتوم كان يهدد استقراره، طبعا دون الحديث عن شيء اسمه البرنامج الانتخابي للحزب أو الاهداف المسطرة بعد النجاح، لأن ذلك لم يكن ضمن الأولويات .
هكذا سارة الأمور خلال سنة 2011 ، والآن بعد مرور خمس سنوات، تغيرت المعطيات ولم نعد نتحدث عن ربيع عربي، حيث تراجع حدة الاحتجاجات في الشارع المغربي ، ما يعني تغير الأرضية التي عجلت بترأس حزب المصباح للحكومة .
دون الحديث عن لوبيات تتحكم في المشهد السياسي المغربي ، وعن لعبة ينسج القصر خيوطها ، سأذكر ببعض الأحداث والنوازل التي شغلت حيزا كبيرا في الصحافة المغربية ، في وقت مدروس ودقيق .
1) الضجة الكبيرة التي أحدثتها الصفقة التي عقدها رئيس جهة درعة تافيلالت الحبيب الشوباني، أقدم من خلالها على شراء 7 سيارات فاخرة من نوع “فولزفاغن تواريغ ” ، حيث حُدد ثمن كل سيارة في 405.000.00 أي 40 مليون سنتيم .
2)تسريب وثيقة عن رئيس الجهة الأفقر في المغرب تبين الطلب الذي وضعه الشوباني لذى السلطات المعنية لكراء قطعة أرضية تابعة للجماعة السلالية لمعاضيض تصل مساحتها إلى 200 هكتار .
3)قضية خدام الدولة التي فجرها عبد الوافي لفتيت والي جهة الرباط بعد استفادته من بقعة أرضية مساحتها 4 الاف متر مربع من أملاك الدولة ، حيث أعادت هذه القضية إلى الواجهة إجراء للدولة تقوم من خلاله بتفويت بقع أرضية إلى شخصيات نافذة بأثمنة زهيدة بمبرر أنها أسدت خدمات جليلة للوطن.
4) انتشار فيديو على مواقع التواصل الاجتماعية ، منسوب لوزير الشؤون الخارجية والتعاون صلاح الدين مزوار رفقة المستشار الملكي فؤاد علي الهمة ، وهم في وضعية مخلة بالآداب بإحدى الملاهي الليلية .
5) إلقاء القبض على قياديين بارزين في حركة التوحيد والإصلاح، عمر بن حماد و فاطمة النجار من طرف المصالح الأمنية بشاطئ المنصورية داخل سيارة بتهمة الخيانة الزوجية والإخلال بالحياء العام.
كلها وقائع توالت بشكل رهيب، كما شغلت حيزا كبيرا في المشهد الإعلامي المغربي، خاصة الغير الرسمي منه، نعتقد في تقديرنا أنها لن تبتعد عن مشروع الإعداد لرئيس الحكومة المقبل. لذا فنرى من الضروري الإكتفاء بطرح أسئلة قد تساعدنا على فهم جزء من كواليس اللعبة السياسية بالمغرب .
كل الوقائع التي ذكرت سابقا قدمت في الإعلام على أنها فضائح، فهل مصادفة الفضائح لاقتراب موعد الاقتراع أمر عرضي أم مدبر ؟
لماذا أغلب الفضائح التي تم النفخ فيها إعلاميا مرتبط بالجانب الخلقي؟
هل من الصدف أن ترتبط كل الفضائح ذات الضجة الإعلامية بالفاعلين الحكوميين، ومن لهم العلاقة بالحزب الحاكم ؟
هي مجرد أسئلة قد تكون مدخلا وبوابة للتفاعل مع العنوان الذي اخترناه لمقالنا ” حينما يتم الإعداد “لبروفايل ” رئيس الحكومة !!..”