بسبب خلافات سياسية و مذهبية و طائفية و عرقية:المسلمون يحتفلون بــــ”عيدين” للأضحى هذا العام…؟

عمّـــــــار قــــردود الجزائر

 
ربما من العادي و الطبيعي أن نسجل إختلاف المسلمين في صوم أول رمضان و آخره وفقًا لما يتم رصده في بلدان مختلفة لهلالي رمضان و شوال،فقد يظهر هلال رمضان في البلد الإسلامي الفلاني،فيما يتعذر رؤيته في البلد الإسلامي العلاني،رغم أن معظم الدول الإسلامية باتت تعتمد على الحسابات الفلكية الدقيقة و ليس فقط على الرؤية المجردة،و هو ما تم تسجيله خلال إحتفال المسلمين ببداية رمضان و نهايته لهذا العام.لكن غير العادي و لا الطبيعي و لا المألوف هو تسجيل إختلاف المسلمين في أصقاع الأرض في إحتفالهم بعيد الأضحى،لأن هذا العيد يرتبط بمناسك الحج الذي تحتضنها المملكة العربية السعودية و منطقيًا فإن تحديد موعد عيد الأضحى يكون من طرف هذا البلد و يتم تعميمه على كامل الدول الإسلامية،لكن هذا لم يحدث،و هناك عدة دول إسلامية خالفت السعودية في تحديدها لأول أيام عيد الأضحى لسنة 2018،و ليت الأمر كان بناء على حسابات فلكية مغلوطة و لكن للأسف بسبب خلافات سياسية حادة و إختلافات مذهبية و عرقية مقيتة.فهل يعقل أن أغلب أفئدة الناس متجهة إلى مكة والبقاع المقدسة في يوم معين في حين يحتفل الآخرون بعيد الأضحى؟
 
 
طبقًا للحسابات الفلكية:عيد الأضحى يوم 22 أوت المقبل
تختص المملكة العربية السعودية بإعلان نتيجة الرؤية الشرعية لهلال وغرة شهر ذي الحجة من كل عام، ويتبعها العالم في ذلك حتى يتفق الجميع في يوم وقفة عرفة-التي تجري على الأراضي السعودية-، وتتوالى الأيام ونقترب أكثر من عيد الأضحى 2018، والذي يحين أول أيامه في اليوم العاشر من شهر ذي الحجة.
 
 
طبقًا للحسابات الفلكية الصحيحة فأن شهر ذي الحجة لهذا العام هو 29 يومًا، وبناءًا عليه فأن يوم وقفة عرفات في المملكة العربية السعودية وفقًا للحسابات الفلكية هو يوم الثلاثاء الموافق لــــ 21 من شهر أوت لعام 2018، وأن أول أيام عيد الأضحى المبارك في السعودية وجميع الدول العربية والإسلامية هو يوم 22 من شهر أوت لعام 2018.
 
 
وأما بالنسبة لموعد عيد الأضحى المبارك لعام 1439هـ، في جميع الدول العربية والإسلامية، فمن المؤكد أن شهر ذي الحجة أو شهر الحج لبيت الله الحرام هو شهر عيد الأضحى المبارك، والذي يكون في اليوم العاشر منه، ولكن مع اختلاف الأيام البسيط بين الدول العربية والإسلامية وبعضها يبقى يوم الحج إلى بيت الله تعالى واحد في جميع البلدان في الدنيا، وهو يوم العاشر من ذي الحجة، والجدير بالذكر أن شهر ذي الحجة هذا العام لن يكون كاملاً، وآخر أيامه هو يوم التاسع والعشرون أن شاء الله.
 
و طبقًا لإعلان البحوث الفلكية:فإن غرة شهر ذي الحجة للعام الهجري الحالي 1439 ستوافق حسابيًا يوم الأحد -أمس-12 أوت 2018.حيث أنه سيوافق يوم 20 أوت 2018 لنجد أن موعد وقفة عرفات في باقي البلدان العربة يوافق نفس يوم عيد الأضحى المبارك أي أن أول أيام عيد الأضحى المبارك هي يوم عرفات.
 
 
فيما صرح الدكتور حاتم عودة، رئيس المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية، بأن غرة شهر ذي الحجة للعام الهجري الحالي 1439 ستوافق حسابيًا يوم الأحد 12 أوت المقبل، وعليه فإن وقفة عرفات ستكون الإثنين 20 أوت، وأول أيام عيد الأضحى يوم الثلاثاء 21 أوت.
 
 
وأشار “عودة”، إلى أن غرة ذى الحجة ستكون صبيحة كسوف جزئى للشمس لن تراه مصر والمنطقة العربية، ويتفق توقيت وسطه مع ميلاد الهلال ، وفيه سيغطى القمر 74 فى المائة تقريبًا من قرص الشمس.
 
وأضاف  بأن رؤية هلال ذى الحجة ستثبت يوم الرؤية الشرعية، وهو يوم التماس الهلال الجديد وهو يوم 29 من الشهر الهجرى، حيث سيولد الهلال فى تمام الساعة الحادية عشر وثمانى وخمسين دقيقة ظهرا بالتوقيت المحلى لمدينة القاهرة يوم السبت 29 من ذو القعده لعام 1439 هجريًا الموافق 11 أغسطس المقبل “يوم الرؤية “، وسيبقى فى سماء القاهرة لمدة 14 دقيقة بعد غروب الشمس ، فيما يبقى فى سماء مكة المكرمة لمدة 12 دقيقة، بما يمكن من رصده.
 
 
وتابع رئيس معهد الفلك: “عدة شهر ذي القعدة الحالي وهو الشهر قبل الأخير فى السنة الهجرية ستكون 29 يومًا، أن قمره سيصل إلى مرحلة الإكتمال بدرا يوم الجمعة القادم فى الساعة 10 مساء و 20 دقيقة بالتوقيت المحلى لمدينة القاهرة، فيما يصل لتربيعه الأخير يوم السبت 4 أوت الجاري”.

 

 
 
المغرب يُعاكس السعودية و تونس و الجزائر  تلتحقان بركب المطبلين لآل سعود
أعلن مفتي الجمهورية التونسية عثمان بطيخ،عن أول أيام عيد الأضحى المبارك لسنة 1439 هجري.و أفاد بطيخ أن يوم الأحد-أمس-12 أوت 2018 م هو أول أيام شهر ذي الحجة للعام 1439 هجري،ز أن يوم الإثنين الموافق لـــ20 أوت 2018 م هو التاسع من شهر ذي الحجة و هو يوم عرفة،و أن يوم الثلاثاء الموافق لـــ21 أوت 2018 م هو العاشر من شهر ذي الحجة و هو أول أيام عيد الأضحى المبارك.و يتناغم تاريخ عيد الأضحى في تونس مع السعودية و اللافت أنه جاء في أعقاب إعلان السعودية عن موعد عيد الأضحى.
 
كما أعلنت وزارة الشؤون الدينية والأوقاف الجزائرية في بيان لها أمس الأحد، أن عيد الأضحى المبارك سيكون يوم الثلاثاء 21 أوت 2018.وأوضح ذات البيان الوزاري الذي نقلته وكالة الانباء الجزائرية ، أن اليوم الأحد هو غرة ذي الحجة 1439 هجري الموافق لـ 12 أوت 2018، وأن وقوف الحجاج بعرفة سيكون يوم الإثنين التاسع من ذي الحجة الموافق لـ 20 أوت.وللإشارة فقد كانت كل من المملكة العربية السعودية، والجمهورية المصرية قد أعلنتا يوم الثلاثاء أول أيام عيد الأضحى المبارك.
 
و الغريب في أمر وزارة الشؤون الدينية أنها أعلنت عن موعد عيد الأضحى لهذه السنة مرتين و بتاريخين مختلفين،حيث سبق لها و أن أعلنت عن حلول عيد الأضحى يوم الأربعاء 22 أوت المقبل قبل أن تتراجع-صاغرة ممثلة لأوامر أسيادها آل سعود-و تعلن اليوم الأحد عن تقديم عيد الأضحى بيوم ليكون يوم الثلاثاء 21 أوت المقبل و تضع بذلك نفسها في موقف لا تُحسد عليه و هو محرج للغاية و أكثر من ذلك هو مسيء و مهين لسمعة الجزائر الدولية التي باتت مجرد “نعجة”-لا حول لها و لا قوة- في قطيع تقوده السعودية.
 
و أعلنت كل من السعودية ومصر والأردن وفلسطين، مساء أمس الأول السبت، أن أمس الأحد هو أول أيام شهر ذي الحجة لعام 1439هـ وأن يوم الثلاثاء 10 ذي الحجة الموافق لـــ21 أوت 2018 هو أول أيام عيد الأضحى المبارك.ففي السعودية، أعلنت المحكمة العليا، في بيان أن اليوم الأحد هو فاتح ذي الحجة من هذا العام 1439 هـ، مضيفة أن “يوم الاثنين 9 ذي الحجة الموافق ليوم 20 أوت الجاري سيكون يوم الوقوف بعرفة، فيما سيكون يوم الثلاثاء 10 ذي الحجة الموافق ليوم 21 أوت أول أيام عيد الأضحى المبارك”. وفي مصر، أكدت دار الإفتاء في بيان أن اليوم الأحد هو أول أيام شهر ذي الحجة لعام 1493 هـ وأن يوم الثلاثاء الموافق لـــ21 أوت 2018 الموافق لـــ10 من ذي الحجة، هو أول أيام عيد الأضحى المبارك.
وفي الأردن، أعلن مفتي عام المملكة الهاشمية محمد
 
الخلايلة، في بيان أن اليوم الأحد هو غرة شهر ذي الحجة لعام 1439هجرية، وأن يوم الثلاثاء 21 أوت الحالي، هو أول ايام عيد الأضحى المبارك.
 
وبفلسطين، أكد الشيخ محمد حسين المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية، رئيس مجلس الإفتاء الأعلى، أنه “ثبت بالوجه الشرعي، أن يوم الأحد الموافق 12 أوت 2018مـ هو غرة شهر ذي الحجة لعام 1439هـ”.وأضاف الشيخ محمد حسين، في بيان، أنه بذلك يكون “يوم الثلاثاء 10 من ذي الحجة الموافق لـــ21 أوت هو أول أيام عيد الأضحى المبارك”.
 
 
فيما أعلنت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربية أن اليوم الاثنين هو فاتح شهر ذي الحجة لعام 1439 وأن عيد الأضحى المبارك سيكون هو يوم الأربعاء 22 أوت الجاري.
 
 
وفي ما يلي نص بلاغ الوزارة المغربية:”تنهي وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية إلى علم المواطنين أنها راقبت هلال شهر ذي الحجة لعام 1439 هـ، بعد مغرب يوم الأحد 29 ذي القعدة 1439 هـ موافق 12 غشت-أوت- 2018 م، فثبتت لديها رؤية الهلال ثبوتا شرعيا.
 
وعليه فإن فاتح شهر ذي الحجة هو يوم غد الاثنين 13 غشت-أوت- 2018 م، وعيد الأضحى المبارك هو يوم الأربعاء 10 ذي الحجة 1439 هـ الموافق 22 غشت-أوت- 2018. أهل الله هذا الشهر المبارك وعيد الأضحى السعيد على مولانا أمير المؤمنين وحامي حمى الوطن والدين صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله باليمن والخير والبشر والبركات، وعلى ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير الجليل مولاي الحسن، وسائر أفراد أسرته الملكية الشريفة، وأعاده على الشعب المغربي والأمة الإسلامية قاطبة بالرقي والازدهار والأمن والهناء. إنه سميع مجيب”.
 

و لأول مرة منذ عدة سنوات يُعاكس المغرب السعودية في تحديد موعد عيد الأضحى و هو ما يؤكد مدى حدة و عمق الخلاف المغربي السعودي و الذي تأكد بشكل كبير عندما قاطع العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز لأول مرة منذ سنوات قضاء عطلته الصيفية بالمغرب كما درجت العادة.

 

و قد أعلنت عدوة دول إسلامية أن عيد الأضحى لسنة 2018 سيكون يوم الأربعاء 22 أوت القادم مُعاكسة بذلك السعودية،التي تستضيف مناسك و شعائر الحج،و هي ماليزيا،أندونيسيا،مملكة بروناي،سنغافورة و حتى المغرب الذي يبدو أنه بات يُغرد خارج السرب الخليجي على غير العادة بسبب توتر العلاقات بينه و بين السعودية،حيث أعلنت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية أن غدًا الاثنين هو فاتح شهر ذي الحجة لعام 1439 وأن عيد الأضحى المبارك سيكون هو يوم الأربعاء 22 أوت الجاري.
 
 
و بسبب هذا الإختلاف في مناسبة دينية إسلامية هامة و عظيمة مثل عيد الأضحى،سيضطر بعض المسلمين للإحتفال بعيد الأضحى في يومين مختلفين.أو بمعنى أصح سيحتفل المسلمون بـــ”عيدين” للأضحى هذه السنة.
 
 
عيد الأضحي و علاقته بالحج
إن موضوع الارتباط و العلاقة بين عيد الأضحى و بين شعيرة الحج في مكة المكرمة هو موضوع جدلي, فالجدل فيه قائم بين المسلمين في العالم. فبعضهم يناقش الموضوع بشكل عاطفي و يرى أن عيد الأضحى في كل العالم يجب أن يكون في اليوم الذي يلي يوم الوقوف في عرفة. أما البعض اللآخر فيقول أن عيد الأضحى ليس مرتبطاً بيوم عرفة أو بشعائر الحج, إنما هو شعيرة إسلامية منفصلة و مستقلة بذاتها, و يجب أن تحدد تبعاً للرؤية المحلية للهلال.
 
إن العلماء المعاصرين اللذين يفصلون بين عيد الأضحى و فريضة الحج و يربطون بينه و بين الرؤية المحلية يرون أن كلا العيدين قد قررا من قبل النبي ( ص ) عندما رأى أحوال أهل المدينة و عاداتهم في الاحتفال بعيدين محليين سنويين, فأبدل النبي ( ص ) ذاكين العيدين بعيدي الفطر و الأضحى. كما جاء في الحديث الشريف:
حدثنا أبو عبد الرحمان قال: أنبأنا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ قَالَ: أخبرنا إسْمَاعِيلُ قَالَ: أخبرنا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسِ ،: قَالَ: “(كَانَ لأَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ يَوْمَانِ من كُلِّ سَنَةٍ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا فَلَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ الْمَدِينَةَ قَالَ كَانَ لَكُمْ يَوْمانِ تَلْعَبُونَ فِيهِمَا وَقَدْ أَبْدَلَكُمُ اللَّهُ بِهِمَا خَيْرا مِنْهُمَا يَوْمَ الْفِطْرِ وَيَوْمَ النحر)” .
ان الرسول ( ص ) ربط عيد الفطر بتمام شهر رمضان, فهو أول يوم من أيام شهر شوال, بينما نرى أن عيد الأضحى مرتبط بالعاشر من ذي الحجة. كما أنه لا يوجد أي رواية أن النبي ( ص ) تحرى يوم الحج أو يوم عرفه لإثبات عيد الأضحى على إعتبار الارتباط بينهما و ذلك طوال وجوده ( ص ) في المدينة. بل أنه روي عن النبي ( ص ) أنه كان يضحي بشكل سنوي منتظم خلال العشر سنوات التي عاشها في المدينة كما يروي الترمذي،حدثنا أحمدُ بنُ مَنِيعٍ و هَنَّادٌ ، قالا حدثنا ابنُ أبي زائدةَ عن حجَّاجِ بنِ أرطأةَ عن نافِعٍ عن ابن عمرَ ، قال: «أقامَ رسولُ الله بالمدينةِ عَشْرَ سِنِينَ يُضَحِّي» . قال أبو عيسى هذا حديثٌ حسنٌ., أن النبي ( ص ) كان يحتفل سنوياً بعيد الأضحى مع الصحابة و كانوا يذبحون الأضاحي دون أن يرسل النبي ( ص ) أياً من الصحابة إلى مكة للتأكد من توقيت يوم عرفة على أساس ارتباط العيد به. فإنه لم يكن من الصعب معرفة اليوم الذي رأي فيه المكيون هلال ذي الحجة, ثم يحسب النبي ( ص ) يوم عرفة بناءً على ذلك, حيث أن العشرة أيام الفاصلة بين رؤية هلال ذي الحجة و بين يوم العيد هو وقت كاف لانتقال الخبر من مكة إلى المدينة. بناءً على هذه الحقائق اعتمد هؤلاء العلماء في الفصل بين تحديد أول أيام عيد الأضحى و بين يوم عرفة, فهم يرون أن عيد الأضحى ليس مرتبطاً بيوم عرفة بشكل مباشر. بل هو مرتبط مباشرة بالعاشر من ذي الحجة.وقد اتفق علماء الأمة أن يوم النحر هو العاشر من ذي الحجة.في الحقيقة أن يوم عرفة هو بالضبط التاسع من ذي الحجة كما قاله الفقهاء:يوم (عرفة) وهو تاسع ذي الحجة،على أن الأحاديث الصحيحة تربط بين تقديم الأضحية و بين شهر ذي الحجة. فعلى سبيل المثال:وحدّثني حَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ . حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ كَثِيرٍ الْعَنْبَرِيُّ . أَبُو غَسَّانَ . حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ ، أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ «إِذَا رَأَيْتُمْ هِلاَلَ ذِي الْحِجَّةِ، وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ، فَلْيُمْسِكْ عَنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ».
وحدّثني عُبَيْدُ اللّهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ . حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو اللَّيْثِيُّ عَنْ عُمَرَ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ أُكَيْمَةَ اللَّيْثِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ: سَمِعْتُ أُمَّ سَلَمَةَ ، زَوْجَ النَّبِيِّ تَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ «مَنْ كَانَ لَهُ ذِبْحٌ يَذْبَحُهُ، فَإِذَا أُهِلَّ هِلاَلُ ذِي الْحِجَّةِ، فَلاَ يَأْخُذَنَّ مِنْ شَعْرِهِ وَلاَ مِنْ أَظْفَارِهِ شَيْئاً، حَتَّىٰ يُضَحِّيَ».
كما أنه ( ص ) وضع قواعد عيد الأضحى دون إرجاعها إلى طقوس الحج أو يوم عرفة كما سنرى في الحديث التالي:«أَوَّلُ مَا تَبْدَأُ بِهِ فِي يَوْمِنَا هَذَا نُصَلِّي ثُمَّ نَرْجِعُ فَتَنْحَر، مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا، وَمَنْ ذَبَحَ قَبْلَ ذَلِكَ فَإِنَّمَا هُوَ لَحْمٌ قَدَّمَهُ لاِءَهْلِهِ لَيْسَ مِنَ النُّسُكِ فِي شَيْءٍ»
حدّثنا قُتيبةُ حدَّثنا أبو عَوانَةَ عن الأسْوَد بن قَيس عن جُندَب بن سفيَانَ البَجَليِّ قال: «ضحّينا مَعَ رسول الله صلى الله عليه وسلم أُضحاةً ذاتَ يومٍ، فإذا أُناسٌ قد ذبحوا ضَحاياهم قبل الصلاة، فلما انصَرَفَ رَآهُمُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم أنهم قد ذبحوا قبل الصلاة فقال: من ذبح قبلَ الصلاة فلْيَذبحْ مَكانها أُخرَى، ومن كان لم يذبحْ حتى صلَّينا فَلْيَذْبح على اسم الله».
حدّثنا مسدَّدٌ حدَّثنا إسماعيلُ عن أيوبَ عن محمدٍ عن أنسِ بن مالكٍ رضي اللهُ عنه قال: «قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: من ذَبحَ قبلَ الصلاة فإنما ذَبحَ لنفسِه ، ومن ذَبحَ بعد الصلاة فقد تمَّ نُسكهُ وأصاب سُنَّةَ المسلمين
 
إن الواقع في العالم الإسلامي أجمع أن المسلمين في السابق كانوا يذهبون في تحديد يوم عرفة و تحديد شهر ذي الحجة بالرؤية البصرية المحلية, هذه الحالة كانت في أغلبها نتيجة عدم تمكن المسلمين من معرفة يوم الوقوف على عرفة و الحج في مكة, و الشريعة لم تطلب من المسلمين إيجاد التاريخ الحقيقي للحج و ليوم عرفة, ذلك بأن الشريعة لا تطالب الإنسان بما هو فوق طاقته, و لكن من الواضح أنه كلما استطاع المسلمون غير الحجاج معرفة التاريخ الحقيقي للوقوف في عرفة فعليهم فعل ذلك وصوم ذلك اليوم كما سن النبي (ص) كما عليهم النحر في اليوم التالي من الوقوف بعرفة, و هناك احتمال كبير بأن أهمية صيام يوم عرفة و مضاعفة الثواب فيه راجع إلى أنه يوم التجمع العظيم للمسلمين في المكان المقدس و الزمان المقدس.
 
و من الإنصاف القول بأنه لا يوجد نص شرعي قطعي مباشر يربط عيد الأضحى عند المسلمين في كل أنحاء العالم بأعمال الحج و الوقوف في عرفة, إنما لدينا الكثيرمن النصوص غيرالمباشرة من القرآن والسنة التي تربط احتفال الناس بالعيد و السرور و البهجة باكتمال موسم الحج و أداء فريضة الحج و خاصة الوقوف في عرفة, و من الناحية الأخرى فإنه لا يوجد أي نص قرآني أو نبوي أو نص فقهي معتمد على أدلة الكتاب و السنة أو مأخوذ من الاجتهادات الفقهية في كتب السلف يوجب المخالفة المتعمدة ليوم عرفة المعلن به في مكة المكرمة.
 
و بالإضافة إلى أن الحج هو تذكير بالأمور الروحانية المتعددة إلا أنه فوق ذلك معلم من معالم وحدة المسلمين و هو إظهار لقوتهم و شوكتهم. و للحج أبعاد سياسية علاوة على أبعاده الروحانية والاجتماعية والاقتصادية. و هذا البعد السياسي لا يمكن تحققة إلا من خلال وحدة المسلمين في احتفالاتهم الدينية كعيد الأضحى المتعلق بأعمال الحج, و خاصة مع السهولة في معرفة يوم عرفة و يوم النحر في مكة.
 
و باعتبار المصلحة المرسلة فإننا نجد أن ارتباط المسلمين حول العالم بأعمال الحج في مكة أكثر نفعاً لهم على المدى البعيد من الوقوف على بعض الأخطاء غير المتعمدة أو بعض الاجتهادات الخاطئة للسلطات المسؤولة عن الحج في المملكة العربية السعودية.
 
 
رأي الشرع في الإختلاف بالإحتفال بعيد الأضحى لدى المسلمين
اختلاف المسلمين في تحديد أول شهر رمضان ، وتحديد وقت عيد الفطر ، راجع إلى اختلاف الفقهاء في مسألة مشهورة ، وهي هل رؤية الهلال في بلد تلزم جميعَ البلدان ، أم لكل بلد رؤيته ، وهذا ينطبق أيضا على تحديد وقت عيد الأضحى .
وهي من المسائل الاجتهادية ، وقد استدل كل فريق من العلماء بأدلة ، وربما استدل الفريقان بالنص الواحد ، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (1248) .
 
 
القول بأنه إذا رؤي الهلال في بلد لزم جميع البلدان هو مذهب جمهور العلماء ، وقد اختاره الشيخ ابن باز رحمه الله ، كما في مجموع الفتاوى (15/77)
والقول باعتبار اختلاف المطالع هو الأصح عند الشافعية ، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية واختاره من المعاصرين الشيخ ابن عثيمين ، وقد سبق نقل فتواه في جواب السؤال رقم (40720) .
 
 
ثانياً :ينبني على هذا الخلاف اختلاف المسلمين في عيد الفطر وعيد الأضحى من غير فرق بينهما ،
قال الشيخ ابن باز رحمه الله بعد أن ذكر اختلاف العلماء في العمل باختلاف المطالع من دخول الشهر وخروجه :” والذي يظهر لي أن اختلافها لا يؤثر ، وأن الواجب هو العمل برؤية الهلال صوماً وإفطاراً وتضحية متى ثبتت رؤيته ثبوتاً شرعياً في أي بلد ما ..
 
ثم قال : وإذا قلنا باعتبار اختلاف المطالع في الحكم أو لم نَقُلْ به ، فالظاهر أن الحكم في رمضان والأضحى سواء ، لا فرق بينهما فيما أعلمه من الشرع ” انتهى .مجموع فتاوى ابن باز (15/79)
 
 
وفي فتوى الشيخ ابن عثيمين رحمه الله المشار إليها آنفاً ذَكَر أن اختلاف المطالع يُعمَل به في عيد الأضحى كما يُعمل به في دخول شهر رمضان وخروجه .
 
وعلى هذا فلا إشكال في أن عيد الأضحى يكون في بلد يوم الجمعة ، ويكون في بلد آخر يوم السبت ، وهكذا ، بناء على تعدد الرؤية واختلافها .
 
ومثل هذا يقال في صوم رمضان ، وفي صوم عرفة ، وصوم عاشوراء ، لأنها مسائل مترتبة على رؤية الهلال والحكم بدخول الشهر أو عدم دخوله .
 
 
مرحى..مرحى بعيد الأضحى
يحتفل المسلمون في العالم أجمع بقدوم عيد الأضحى المبارك من كل عام، فمنهم من يذهب إلى أداء فريضة الحج، ومنهم من يبقى في داره محتفلاً ويقوم بنحر الأضاحي إن استطاع إلى ذلك سبيلاً، فما هو تاريخ عيد الأضحى، وما سبب تسميته بهذا الاسم؟!
 
باختصار القصة رويت في القرآن الكريم: نبي الله ابراهيم رأى مناماً، يذبح فيه ابنه إسماعيل وأخبره بذلك المنام، فما كان من إسماعيل إلا أن قال له، افعل ماتؤمر، فرؤى الأنبياء هي رسائل وإشارات وعبر.
 
فقد سُمي عيد الأضحى بهذا الاسم لأنّه يوم التضحية والفداء، فقد كان هذا اليوم هو يوم مكافأة من الله تعالى لأنبيائه إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، فاختبار الله تعالى لنبيه ابراهيم، كان بابنه فعندما بلغ معه السعي قال: (فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ) الصافات102، وعندما أتت لحظة الحسم استسلم النبيان لأمر الله، وأراد نبي الله إبراهيم ذبح ابنه إسماعيل وفي تلك الأثناء تدخلت السماء، قال الله في كتابه: (وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ)الصافات 104-105، وكان الفداء في يوم الفداء، إذ فدى الله نبيه إسماعيل بكبش عظيم، حتّى يعلو شأن آل إبراهيم في العالمين، وهذا بناء على قول الله في محكم تنزيله: (وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ * وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ * سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ) 107-109الصافات.
وبالتالي فإنّ عيد الأضحى مرتبط بالأضحية، أما عن وقتها فهي في يوم النحر يوم عيد الأضحى، وكذلك في أيام التشريق الثلاثة التي تأتي بعده، وينتهي وقت الأضحية مع غروب يوم الثالث عشر من شهر ذي الحجة.

واحسرتاه…على المسلمين..؟

المسلمين لن يكونوا موحدين في الاحتفال بعيد الأضحى هذه السَنة فقد انقسموا إلى طائفتين أعلنت إحداهما العيد يوم الثلاثاء 21 أوت 2018 واختارت الثانية أن يكون العيد يوم الأربعاء 22 أوت 2018 و يتحمل أهل السياسة وأولي الأمر مسؤولية هذه الاختلافات الحادة و غير المسبوقة التي تحدث أحيانا بين أبناء البلد الواحد.

زر الذهاب إلى الأعلى