أدى أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، مرفوقا بصاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن وصاحب السمو الامير مولاي اسماعيل، اليوم، صلاة الجمعة بمسجد الإمام البخاري بمدينة طنجة.
و استهل الخطيب خطبتي الجمعة بالتأكيد على أن الإسلام، دين العلم والمعرفة، دعا معتنقيه إلى التعلم والتحصيل، وحثهم على اكتساب المعرفة في سائر فروعها، ورفع شأن المعلم والمتعلم، وجعل لهما مكانة رفيعة بين الناس في الدنيا والآخرة، مصداقا لقوله تعالى “يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات، والله بما تعملون خبير”.
وأشار إلى أن أول آية نزلت من القرآن الكريم هي آية الأمر بتعلم القراءة والكتابة في قول الله تعالى ” إقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق، اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم”، مبينا أن الله تعالى أرشد نبيه إلى الاستزادة في طلب العلم، وجعل من حكمة بعثته إنقاذ الناس من الأمية والجهـل والضلال، والسمو بهم نحو المعرفة وصلاح الأحوال.
وسجل الخطيب أنه من خصوصية الإسلام، وسعة منظوره لكلمتي العلم والمعرفة، أنه أعطاها مدلولا كبيرا، ومفهوما واسعا جعلها شاملة لما يجب على المسلم تعلمه من قواعد دينه وأحكام شرعه، ولما ينبغي له معرفته من صنوف العلوم ومختلف اللغات.
وبما أن الإسلام دين العلم والمعرفة الشاملة للعلوم الدينية والدنيوية، يقول الخطيب، فإن توجيه الأولاد إلى التعلم والدراسة، بدءا من المرحلة الأولى في حياتهم، واجب من واجبات الآباء والأمهات، ومسؤولية من مسؤولياتهم الدينية والاجتماعية، لكي يحققوا أسس المواطنة الصالحة ومبادئها الأخلاقية، وقيم الديمقراطية وحقوق الإنسان كما دعا إليها الإسلام.
وذكر بأنه إذا كانت المؤسسات الدراسية، تقوم، في سائر مراحلها ومستوياتها الابتدائية بما هو مطلوب منها من واجب التعليم والتثقيف، والتربية والتكوين، وتعمل جاهدة على أداء رسالتها أحسن الأداء، فإن ذلك لا يكمل ولا يتم ، ولا يحقق غايتها المنشودة، إلا إذا كانت الأسرة كلها واعية بواجبها نحو أولادها، شاعرة بمسؤولياتها تجاههم، حريصة على القيام بدورها إزاءهم، تدفع بهم إلى التمدرس في بداية طفولتهم ونشأتهم، وتهتم بتتبع أحوالهم، وتسهر على مراجعتهم المنزلية لدروسهم وفهمها وتحصيلها تحصيلا جيدا، وتعمل على تنشئتهم تنشئة صالحة.
وأشار إلى أن أمير المؤمنين، صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، حرص منذ أن تقلد مسؤولية الإمامة العظمى، على الاهتمام بمجال التعليم والتعلم، فهيأ لذلك الأسباب والظروف المساعدة، المادية منها والمعنوية، واهتم حفظه الله أيما اهتمام بالمدرسة الوطنية، فأعطى توجيهاته النيرة لإصلاحها وتطويرها، والارتقاء بالوضع الاعتباري للفاعلين التربويين، وخاصة المدرسات والمدرسين.
كما حرص جلالته ، أيده الله، على بقاء التعليم والتعلم واجبا دينيا متأصلا، يحفظ للأمة ثوابتها ومقوماتها الروحية والوطنية، ومنفتحا، في ذات الوقت، على ما تزخر به الحياة من علوم حديثة وتكنولوجيات متطورة وخبرات عالية.
وفي الختام، ابتهل الخطيب، إلى الله عز وجل بأن يحفظ أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس بما حفظ به الذكر الحكيم وينصره نصرا عزيزا يعز به الدين ويرفع به راية المسلمين، وبأن يقر عينه بولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير مولاي الحسن، ويشد عضد جلالته بشقيقه صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد وبباقي أفراد الأسرة الملكية الشريفة.
كما تضرع إلى العلي القدير بأن يتغمد بواسع رحمته فقيدي العروبة والإسلام جلالة المغفور لهما محمد الخامس والحسن الثاني ويطيب ثراهما ويكرم مثواهما ويسكنهما فسيح جناته.