لأول مرة .. حقائق مثيرة بعد رد المغرب على السعودية والإمارات

المحررـ متابعة
في سابقة من نوعها، بخصوص تاريخ العلاقات الاستراتيجية التي تجمعه بدول الخليج، وجه المغرب رسائل قوية ومباشرة إلى السعودية والإمارات، مفادها أنه قد يعيد النظر في علاقاته مع الرياض وأبو ظبي، وذهب حد التلويح بإنهاء الشراكات الاستراتيجية.

رد المغرب على بعض الدول الخليج، جاء على لسان وزير الخارجية، ناصر بوريطة، خلال ندوة صحفية، بالدار البيضاء، مؤخرا، جمعته، بنظيره الأردني، مؤكدا أن السياسة الخارجية هي مسألة سيادة بالنسبة للمغرب، وأن التنسيق مع دول الخليج، وخاصة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، يجب أن يكون وفق رغبة من الجانبين، وليس حسب الطلب”.

ويرى مراقبون، أن التطورات الأخيرة بين المغرب، والسعودية والإمارات، جاءت في ظل تغير المواقف التي أضحت تطبع سياسات بعض دول الخليج، تجاه قضايا استراتيجية في منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط، في حين يرى آخرون، أن ما يحدث عبارة عن غمامة صيف عابرة.

وفي هذا الصدد، قال تاج الدين الحسيني، أستاذ القانون الدولي بجامعة محمد الخامس بالرباط، إن “ما كان يعتقده الكثيرون أنه غمامة صيف في العلاقات المغربية السعودية الإماراتية أصبح يتحول بشكل تدريجي إلى مشاكل ذات طبيعية جوهرية، مؤكدا أن هناك نوع من الشعور لدى متخذي القرار السياسي في المغرب، بأن بعض المبادئ الأساسية وبعض الثوابت في السياسة الخارجية المغربية، أصبحت تتعرض لنوع من المساس في جوهرها بسبب نوع من السلوك الذي تطبعه سياسة الإملاءات في السياسة الخارجية لبعض البلدان الخليجية”

وأضاف الحسيني في تصريح لـ”الأيام24″، أن “سياسة الإملاءات تظهر واضحة في عدة مناطق من الوطن العربي، خاصة بالنسبة لكون المغرب قد أطر اتفاق الصخيرات التي أضفت الشرعية على حكومة السيد فايز السراج في ليبيا، والآن السعودية تحاول ربط علاقات مفضلة مع الجنرال خليفة حفتر، ضد على مواقف الشراعية الدولية، وهو نفس الشيء يتكرر بطريقة أخرى في اليمن حيث كان الهدف هو انقاذ البلاد من هيمنة أجنبية ومن تحالف الحوثيين مع إيران، في حين انقلبت الأوضاع إلى مقتل ربما الآلاف وربما تجويع مئات الألاف من المواطنين اليمنين”.

وأوضح المحلل السياسي، “أن هناك بعض الأشياء التي تمر تحت الجسر بشكل غير مقبول فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية والقدس الشريف بوصفه عاصمة مفترضة للدولة الفلسطينية، وكذا بالنسبة لكل التراب الفلسطيني في إطار ما يسمى بصفقة القرن، التي تتعارض مع الدور المعهود به للملك محمد السادس، كرئيس للجنة القدس الشريف”.

وأكد الحسيني، “لاحظنا هذا التطور بوضوح في البيان المشترك الذي أصدره الملك محمد السادس، مع العاهل الأردني، خلال الزيارة الأخيرة التي قام بها عبد الله الثاني بن الحسين، إلى المغرب، بخصوص القدس الشريف، والأراضي الفلسطينية، وكذا الأراضي السورية، والسياسة الأحادية التي تنهجها إسرائيل وبالتالي هذا النوع من تعارض المواقف على هذا المستوى، ربما يدفع المغرب إلى مساءلة شركائه الخليجيين الذين يفترض أنه بينه وبينهم علاقات ذات طبيعة استراتيجية، يفترض أن يسائلهم عما إذا كان هذا النوع من التحول الذي يتم بكيفية انفرادية يستحق هذه المساءلة، أي إن كانت هناك أشياء في العلاقات المشتركة ذات طبيعية استراتيجية، يجب أن تكون بكيفية توافقية وثنائية، وإلا فإن المغرب سيكون مضطرا في هذه الظروف، إلى البحث عن بدائل أخرى”.

واعتبر أستاذ القانون الدولي بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن “سياسة المغرب الخارجية، أصبحت منذ عدة سنين تتجاوز مبدأ التفرد بحلفاء معينين، وترتكز على عدم وضع كل البيض في سلة واحدة، هذا لا يعني بالضرورة، الوصول إلى مرحلة القطيعة مع بلدان الخليج، لا اعتقد ذلك، مشيرا في ذات السياق، أن علاقات الرباط، مع بلدان الخليج، هي ذات طبيعية تاريخية، وهي أنظمة ملكية في مجموعها وترتكز على مصالح استراتيجية واضحة وتبادلية، ولا أعتقد أنها ستصل إلى مرحلة القطيعة ولكن اعتقد أنه بين حين وآخر، قد يصبح متخذ القرار السياسي، مضطرا إلى وضع النقط على الحروف، بالنسبة لتصحيح بعض المسارات التي تحاول أن تعامل المغرب على أنه دولة تابعة أو أنها تخضع لإملاءات بسبب ظروف اقتصادية، أو بسبب الحصول على مساعدات”.

وأشار إلى أن “المغرب دولة راسخة الجذور في تاريخها كإمبراطورية منذ القديم، ولها سيادتها وتحاول احترام سيادة الدول الأخرى، وتتمسك بهذه المبادئ بما فيها مبادئ حسن الجوار، والمعاملة بالمثل، إلى جانب العمل بمبدأ تسوية القضايا الثنائية..إلخ”.

وكانت العلاقات المغربية السعودية دخلت منعطفا جديدا خلال الفترة الأخيرة بعد قرار المغرب استدعاء سفيره لدى الرياض للتشاور في فبراير الماضي، بعد أيام على عرض قناة العربية السعودية تقريرا بشأن الصحراء يدعم مزاعم بأن المغرب غزاها بعد أن غادر المستعمر الإسباني عام 1975.

وبينما لم يصدر حينها أي بلاغ رسمي من البلدين، أكد السفير المغربي مصطفى المنصوري في تصريحات صحفية استدعاءه إلى الرباط، معتبرا أن “الأمر يعتبر عاديا في العلاقات الدبلوماسية حينما تعبرها بعض السحب الباردة”.

وبالموازاة مع استدعاء السفير، أعلن مسؤولون حكوميون لوكالة “أسوشيتد برس”، انسحاب المغرب من التحالف العربي الذي تقوده السعودية في اليمن.

زر الذهاب إلى الأعلى