رجل أعمال أردني يدشن مشروعه الثاني على أنقاض غابة مديونة بطنجة. في صمت مريب للسلطات المحلية

[author title=”كادم بوطيب” image=”https://6.top4top.net/p_14295ha510.jpg”][/author]

كما هو معلوم لكل الطنجاويين ومتتبعي الشأن العام المحلي للمدينة، فمشروع “سطارهيل”لصاحبة الأردني الجنسية وشركاؤه المغاربة من الشخصيات السامية تم بناء شطره الأول بعد إعدام جزء كبير من غابة مديونة و إبادة أشجار عمرها يقدر بمئات السنين ،فالمكان كان يسمى بالأمس القريب «غابة مديونة»، وهي من الغابات التاريخية والقديمة جدا بمدينة طنجة، حيث تم ذكرها في عدة كتب وتحدث عنها مؤرخون قدامى. والمرجح أن هذه الغابة يعود تاريخها إلى عشرة قرون خلت، أما اليوم فهي مكان لمشروع معروف باسم «ستار هيل”.

و تحت أنظار السلطة و احتجاجات المجتمع المدني، هاهو دا الوزير أخنوش والوالي الجديد بطنجة وربما بجهل أكيد منهم بالتاريخ الدموي للمشروع ، يستعدون يوم التلاتاء ٣ دجنبر ٢٠١٩ لتدشين بناء الشطر الأخير من المشروع و فندق فوق انقاض الغابة العريقة و التاريخية المغتصبةمع إسدال التراب فوق رفاث موروتاتنا الغابوية الطبيعية بالمدينة.

وكما هو معرف فإن غابة الرهراه ومديونة والسلوقية بطنجة تعيش اليوم عملية تدمير ممنهجة وخطيرة، حيث تكالبت عليها مافيا العقار والبناء العشوائي وأصبحت تقتطع من الغابة مساحات كبيرة كل يوم، في ظل صمت مريب للسلطات التي تتصرف وكأن ذلك يحدث في كوكب المريخ.

ومنذ أن أصيبت طنجة بالسعار العقاري فإن وحوش العقار يتصرفون في غابة الرهراه وكأنها غابة في جزيرة نائية من دون رقيب، مع أن كل سكان طنجة يرون يوميا الإجرام اليومي الذي تتعرض له هذه الغابة القريبة جدا من القصر الملكي .

ويمكن لمن يقف في مرتفع الرميلات أن يشاهد تآكل هذه الغابة كل يوم، حيث يكتسح الأسمنت غابة مديونة والرهراه والسلوقية من جميع أطرافها، وكل ذلك موثق بطريقة علمية، خصوصا عبر نظام “غوغل إيرث”، الذي يبين حجم الإجرام المقترف ضد هذه الغابة، لكن سلطات طنجة تتصرف وكأن المدينة لا تزال تعيش في القرون الوسطى.

وكانت الجماعة الحضرية لطنجة قررت قبل بضع سنوات وضع خطة “غريبة” لإنقاذ هذه الغابة، وهي إحاطتها بمقابر جديدة، بحيث يمكن للموتى حماية هذه الغابة من الأحياء بعد أن عجز الأحياء عن حماية أنفسهم.

ويتساءل سكان طنجة إن كان الوالي الجديد محمد امهيدية لا يعرف هذه التفاصيل، خصوصا أن الوزير أخنوش وأسماء كبرى بالرباط يعتبرون الشركاء الرئيسيين للمستثمر الأردني ،وأن هذه الخطة الممنهجة للإجهاز على أحسن منطقة في شمال إفريقيا يجري في وضح النهار ويعلم بها الوزراء و الولاة والعمال والقياد والمقدمون والمنتخبون….، بحيث أن هناك احتمالين اثنين، إما أن القياد وأعوان السلطة لا يخبرون الوالي بما يجري، أو أن الوالي عجز عن محاربة مافيا غابة الرهراه والسلوقية، علما أن سمعة الوالي الجديد تجعل منه الأمل الوحيد لدى سكان طنجة من اجل إنقاذ هذه الغابة.

وقد تعرضت غابة الرهراه والسلوقية ومديونة من قبل لعدة حرائق، ويعتقد أنها حرائق مفتعلة ويهدف أصحابها إلى تدمير هذه المحمية الطبيعية من خلال النيران حتى يتسنى لهم السيطرة عليها.

وإلى حدود اليوم فإن المخطط الناجح في غابة مديونة هو مخطط الفساد، حيث يتحالف الفساد الإداري والانتخابي مع وحوش العقار من أجل التدمير الممنهج لواحدة من أجمل غابات البلاد، والتي يبدو أنها ستصبح في خبر كان بعد سنوات قليلة، في ظل صمت مخجل للسلطات.

الكل يتدكر أنه في سنة 2003 انقلبت الغابة في غفلة عين إلى إسمنت حين تم تفويت 35 هكتارا من الغابة، وهي كلها مشجرة، إلى شركة خاصة لإقامة مشاريع سياحية وثقافية، وصاحب هذه الشركة يحمل جنسية أردنية من أصل فلسطيني ويوصف بأنه يتمتع بنفوذ قوي من طرف شركاءه بالمغرب. أبرزهم وزير الفلاحة والصيد البحري الحالي.

وأصل الحكاية أن المستثمر الأردني اشترى هذه البقعة الأرضية من شركة فرنسية. وهي توجد على بعد كيلومترات قليلة من القصر الملكي بطنجة في المنطقة المعروفة باسم الرميلات. ففي سنة 2002 تقدم المستثمر الأردني بطلب لإقامة مشروعه الخاص، لكن محمد حلاب، والي جهة طنجة تطوان السابق، رفض الترخيص له باعتبار تلك المنطقة محمية طبيعية تبدأ من غابة الرميلات إلى مديونة،وباقي الغطاء الغابوي الممتد حتى رأس سبارطيل المطل على المحيط الأطلسي.

سنة بعدها سيتم نقل الوالي حلاب إلى الإدارة المركزية بالرباط ويعيد المستثمر طلبه مرة أخرى وبطريقة مغايرة، وهي عبارة عن عملية مبادلة بقطعتين أرضيتين، فكان جواب السلطات المحلية بالرفض، غير أنه بعد تدخل مسؤول سابق رفيع المستوى رحل مؤخرا إلى دار الخلد والبقاء، استطاع المستثمر الحصول على رخصة المشروع ببناء 360 فيلا، لكن تم الاتفاق معه على ألا يتجاوز حجم البناء 11 في المائة من مساحة الأرض المشجرة، خصوصا وأن أشجار «مديونة» توصف بالنادرة ولا توجد في بقية القارة الإفريقية.

ناضل الرأي العام والمجتمع المدني والسياسي في طنجة من أجل ألا تفوت هذه القطعة باعتبارها متنفسا بيئيا مهما جدا لمدينة طنجة، وتم إصدار بيانات من عدة جهات بالمدينة، لكن السلطات أوصلت إلى جهات عليا أخبارا مغلوطة تقول إن المحتجين الذين ينتفضون ضد تدمير الغابات هم «ضد الاستثمارات الأجنبية التي تعرفها البلاد وضد مشاريع التنمية التي يشهدها العهد الجديد».

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد