المحرر الرباط
ان المتجول في مدينة خريبكة، و العارف بشؤونها الداخلية، سيكتشف حتما كيف أن المكتب الشريف للفوسفاط، يعكس صورة الاستعمار في أبهى حلله، و يعيد طرح المقاومة التي تمخضت عن احتلال هذه المدينة ابان سنوات الحماية، في وقت تمتلؤ فيه حسابات المسؤولين على هذا المكتب و ترتفع أسهمه، يستمر الفقر في نهش ساكنتها التي من المفروض أن تكون أول المستفيدين من عائدات خيرات أرضهم، و أرض أجدادهم.
الخريبكيون، و كما هو واضح للعيان، يعيشون على وقع استنزاف لخيرات أرضهم، في وقت يتم اقصاؤهم من عائداتها، و يكتفون بمتابعة المشهد، و كأنهم يعيشون داخل تكنة عسكرية، رغد الحياة فيها يتوزع حسب الرتب العسكرية، و هو ما يقع فعلا في هذه المدينة الطيبة، حيث يعيش أطر و مسؤولو المكتب الذكور في رغد، بينما تنتظر الساكنة منذ زمن بعيد، نصيبها من خيرات الوطن، في ظل تعتيم اعلامي رهيب.
المنتمون للمكتب، يشكلون في مدينة خريبكة، شعب الله المختار، الذي توفر له جميع الامتيازات، و يتم وضع حاجز بينه و بين أصحاب الارض، الذين يشاهدون خيرات أرضهم تصدر و تستغل دون أن يساهم ذلك في أي قيمة مضافة لصالحهم أو لصالح مدينتهم، اللهم توسيع الهوة بين الطبقات، و اجتياح الاراضي من أجل تشييد المركبات و الفضاءات للمنتمين للمكتب الذين و على ما يبدو أنهم أصبحوا أصحاب الارض بعدما دخلوها من أجل العمل فقط.
مركبات ترفيهية ممنوعة على الساكنة، و مستشفيات خاصة بشعب الله المختار لا يمكن للمسكين أن يلجها، و مسابح ممنوعة على أبناء الخريبكيين الذين يقضون أوقاتهم في الضياع، كلها مظاهر تجسد الاحتلال و الاستعمار الذي ساهم في تفقير الخريبكيين، و اخراج بعضهم من أرضه بالقوة، حتى يتم استغلالها و بناء الفضاءات الترفيهية من عائداتها، و لا أحد يستطيع أن يخرج هذه القضية للرأي العام، في وقت لا يبخل فيه المكتب على الصحافة بالهبات و الاشهارات و التوظيفات المشبوهة.