قال وزير الصحة والحماية الاجتماعية، خالد آيت طالب، اليوم الأربعاء بالرباط، ان “تحقيق الأمن الدوائي بالمغرب، يعتبر قضية بالغة الأهمية، من أجل تعزيز الوقاية والسلامة الصحية بمفهومها الشامل، باعتبارها خط الدفاع الأول لحماية مجتمعنا، ومحاربة كل أشكال الغش التجاري، والحد من استفحال خطر ظاهرة بيع وتسويق الأدوية، والمنتجات الصحية المزيفة والمهربة ومجهولة المصدر التي من شأنها المساس بالصحة العامة”.
وحذر آيت الطالب، في كلمة له خلال اليوم الدراسي المنظم بشراكة وتعاون بين وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، و رئاسة النيابة العامة حول موضوع: “تعزيز الأمن الدوائي بالمغرب: التحديات والآفاق”، من خطر ظاهرة بيع وتسويق الأدوية، والمنتجات الصحية المزيفة والمهربة ومجهولة المصدر”.
وأكد وزير الصحة أنها ” ظاهرة أصبحت تتخذ أبعادا معقدة ومركبة وتتداخل فيها مجموعة من المصالح، تنشط ضمنها العديد من الشبكات على المستوى الدولي والقاري، مما يشكل خطرا حقيقيا على بلادنا، إذا لم يتم الحسم فيه، والقضاء نهائيا على مثل هاته الممارسات المخالفة لأخلاقيات المهنة، والتي لاتكترث لصحة المواطنين عبر تسويق وبيع أدوية ومنتجات صحية مزيَّفة دون ترخيص من لدن السلطة الوصية الخاضعة لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية”.
وأشار وزير الصحة والحماية الاجتماعية الى أنه ” لا يمكن حل هذه المعضلة إلا بتظافر الجهود واعتماد مقاربة استباقية وتشاورية والتنسيق مع كل الفرقاء والمتدخلين على المستوى الوطني”، مشددا على ضرورة اعتماد خيارات مناسبة وفق سياسة دوائية وطنية متجانسة ومتكاملة، تعتمد على تطوير برامج وآليات جديدة لمكافحة ترويج مثل هاته الأدوية والمنتجات الصحية المزيَّفة، ترتكز على التشريعات والمساطر القانونية الآنية، مع إمكانية سن قوانين جديدة كفيلة بمعالجة واحتواء الظاهرة من أجل درء كل أشكال الخطر عن بلادنا”.
وأوضح آيت الطالب أن ” الرؤية الملكية لتعزيز السيادة الصحية كأساس للأمن الاستراتيجي للمملكة، والإشراف الملكي على أوراش تنزيل هذه الرؤية، مكنت المغرب من التموقع كبلد رائد على الصعيد الإقليمي والقاري”، مشيرا إلى أن ” هذه الرؤية المتبصرة تدعونا إلى إحداث تغيير في المنظومة القائمة بما يجعل من قطاع الصحة قطاعا منتجا، يضفي قيمة اجتماعية واقتصادية باعتماد التكنولوجيات المعاصرة ومنفتحا على محيطه الدولي والقاري”.
وأضاف وزير الصحة والحماية الاجتماعية :” و تنفيذا لهذه التوجيهات الملكية السامية، فإن استراتيجيتنا، من خلال جملة من التدابير، تترجم جيدا هذه الإرادة الملكية التي تطمح إلى تعزيز السيادة الدوائية وتمكين المواطنين من حق الولوجية للأدوية والمستلزمات الطبية ذات الجودة العالية والفاعلية والسلامة الصحية.
ومن أهم التدابير السالفة الذكر نجد السياسة الدوائية الوطنية والتي تمت بلورتها بتعاون مع المنظمة العالمية للصحة بناء على مقاربة تشاركية وتشاورية”.
وسجل الوزير في هذا الصدد، بأن ” السياسة الدوائية الوطنية ساهمت بشكل كبير في ضمان جودة الدواء المغربي، وبما أن هذا الدواء يتعلق بحياة المواطنين وصحتهم، فقد اعتمدنا في ظل سياستنا، الحكامة الجيدة، وتكريس مبدأ الشفافية، والنزاهة، والمراقبة الصارمة، حيث لا يمكن الحديث عن الأمن الدوائي ما لم تكن هناك ضمانات تثبت أن هاته الأدوية تستوفي المعايير المقبولة للجودة والفاعلية والسلامة الصحية لضمان حصول المريض على الدواء المناسب ذي الجودة”.
وكشف خالد آيت الطالب بعض الجهود الملموسة، التي تقوم بها وزارة الصحة والحماية الاجتماعية لمكافحة التزوير والتزييف في الأدوية والمنتجات الصحية، مؤكدا بأنه ” لايمكن أن تتكامل هذه الجهود بفضل المساعي المشتركة للحكومة المغربية بهدف تحقيق السلامة الصحية بمفهومها الشامل”، مبرزا بأنه ” تم توفير ترسانة قانونية غنية ومتنوعة، تمكن من تقنين وتأطير قطاع الأدوية والمنتجات الصحية بمختلف مراحله، انطلاقا من عمليات التصنيع والاستيراد والحيازة والتوزيع والصرف والتصدير بهدف توفير أدوية كافية عبر التحكم في المخزون الاحتياطي للحد من آفة انقطاع الأدوية”.
وأبرز الوزير بأن ” هاته الترسانة القانونية تتجلى من خلال مراقبة عناصر الجودة المتعارف عليها عالميا في هذا الميدان. فالقانون رقم 17 -04 بمثابة مدونة الأدوية والصيدلة ومجموعة أخرى من القوانين الموازية وأهمها قانون84 12-المتعلق بالمستلزمات الطبية وقانون 08-11 الخاص بالكواشف المستعملة لغرض إجراء التحاليل بالمختبر تلزم بضرورة انشاء مواقع لصنع الأدوية والمنتجات الصحية مرخصة وخاضعة للتفتيش والمراقبة بصفة منتظمة، و الحصول على الإذن بالعرض في السوق إذ لا يمكن إدخال أي دواء أو منتج صحي، ولو في شكل عينات، إلا عن طريق ترخيص مسلم من طرف وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، وكذا احترام قواعد حسن إنجاز تصنيع وتوزيع وتخزين الأدوية والمنتجات الصحية، فضلا عن اعتماد نظام الاحتراز الدوائي والاحتراز المتعلق بالمنتجات الصحية.
وتابع وزير الصحة والحماية الاجتماعية أن ” الوزارة تزاول مهامها المتعلقة بمكافحة كل أشكال الغش والتزييف من خلال مراقبة الجودة والسلامة بجميع مكوناتها بدءا بتقييم الملفات مع إلزامية التكافؤ الحيوي بالنسبة للأدوية الجنيسة، إلى جانب إجراء التحاليل المخبرية من طرف المختبر الوطني لمراقبة الأدوية وكذا لجان التفتيش الصيدلي من طرف أطر مشهود بكفاءتها”.
وسجل خالد آيت الطالب بأن ” قطاع الأدوية والمنتجات الصحية يعرف مراقبة يقظة وتفتيشا بانتظام ويعرض عدم احترام القوانين والتنظيمات صاحبه إلى عقوبات وخيمة من طرف المشرع. حيث تقوم لجان التفتيش الصيدلي بالمراقبة الميدانية للقطاع بشكل دوري للتحقق من مدى احترامه للتشريعات والتنظيمات المعمول بها في الميدان الصيدلي، وتقوم بحملات تفتيش بشكل مستمر، للتأكد من جودة الدواء والمنتج الصحي المتداول في السوق الوطنية، وتتعامل مع الأدوية المُبلغ عنها للتأكد من مطابقتها للمواصفات. وفى حالة وجود دواء أو منتج صحي غير مسجل بوزارة الصحة والحماية الاجتماعية أو غير مطابق، يتم تحرير محضر ويتم مصادرته فورا حسب القواعد والقوانين المعمول بها”.
وأكد المسؤول الحكومي بأن ” ظاهرة تزييف الأدوية والمنتجات الصحية تشكل تهديد للصحة العامة والمساس بمصداقية النظام الصحي باعتبار أن المنتجات المزيفة لا تحترم أدنى شروط الجودة والفاعلية والسلامة المعمول بها”، مشيرا الى أن ” هذه الممارسات قد تترتب عنها مشاكل قد تعصف بالاستقرار الاقتصادي وزعزعة الأمن الاجتماعي وتنامي الجريمة”، مؤكدا بأن ” ما تدره هاته الآفة من أرباح طائلة تستعمل غالبا في تمويل الجريمة والإرهاب”.
واعتبر خالد آيت الطالب أن ” 50-80% من الأدوية على الصعيد العالمي، تسوق وتباع عبر شبكة الإنترنيت في غياب مطلق لأية مراقبة من لدن الجهات المختصة”، مشيرا في هذا الصدد الى أن ” المغرب معني بهذا التهديد العالمي، مع أنه يصعب حاليا الوقوف على الأرقام الحقيقية التي تشكلها ظاهرة تزييف المنتجات الصحية ببلدنا”.
وفي هذا الصدد، قال وزير الصحة والحماية الاجتماعية :” فبالنسبة للدواء، لم تسجل حالات مهمة لترويج الأدوية المزيفة، ولم تحجز أي كميات في هذا الإطار، هذا يرجع لبعض المميزات التي سأتطرق لها فيما يلي. أما الحالات المسجلة فتتمثل في التهريب الذي ينشط في بعض المدن الحدودية حيث تتمكن عناصر الجمارك والأمن الوطني من حجز كميات هامة من الأدوية المهربة”.