المحرر الرباط
لا شك أن التقارب المغربي الاسباني، الذي تعيش على إيقاعه العلاقات المشتركة بين البلدين الجارين، قذ تسبب لجارتنا الشرقية في حزن شديد و خيبة أمل كبيرة، خصوصا و أن الاصهار في قصر المرادية كانوا حتى الامس القريب يعتقدون بأن قضية بنبطوش قد أنهت علاقاتنا مع اسبانيا بشكل كلي و نهائي، بل و أنهم تأكدوا من اغلاق منفذ شمالي على المغاربة.
الريمونتادا، كان بطلها ملك المغرب، الذي تمكن بفضل بصيرته و حكمته و حين تدبيره لشؤون رعيته، من استعادة جميع قنوات الاتصال مع الاسبان، و بنقطة اضافية تكمن في الاعتراف الاسباني بمشروعية الحكم الذاتي، و تأكيدهم على أنه الحل الوحيد و الانسب لحل التزاع المفتعل حول الصحراء.
و إن كان المغرب بفضل جلالة الملك، قد قطع أشواطا في جلب الدعم لموقفه من قضية الصحراء، فإن اعتراف الاسبان بمغربية الصحراء له طعم خاص و استثنائي، خصوصا و أن لهم الشرعية التاريخية بحكم استعمارهم للصحراء و ضبطهم لهذا الملف، ما يمكن اعتباره صفعة تلقتها مخابرات الشنقريحة على خدها الايمن.
الاعتراف الاسباني بمغربية الصحراء، و إن كان دليلا على أن ماكان يجمع الجزائر باسبانيا هو الغاز المقطوع من منابعه، فإنه مرآة تعكس مدى أهمية المملكة المغربية بالنسبة لجارتها الشمالية، خصوصا و أن بلادنا باتت تشكل سدا منيعا يحول دون تسلل الارهاب و التطرف نحو الضفة الاخرى، بل و أن السياسة الملكية فيما يتعلق بالمهاجرين الافارقة قد ساهمت في الحد من الهجرة في اتجاه اسبانيا و شجعت الالاف من الافارقة على البقاء في المغرب.
ما يمكن للمغرب أن يقدمه لجارتنا الشمالية، يشكل أهمية كبرى و يفوق مصالحها مع الجزائريين، لكن العامل الاكبر في عودة الدفئ الى علاقة المغرب باسبانيا، هو الملك محمد السادس، الذي تمكن بفضل هدوئه في التعامل مع المواقف، و حكمته في الرد على الاساءة، و صبره الى حين تحقيق اهداف البلاد، من اعادة اسبانيا الى الطريق الصواب حيث توجد مصالحها الحقيقية، أما الغاز فهو قادم من نيجيريا لا محالة.
نجاعة الديبلوماسية الملكية لا تكمن في الموقف الاسباني فحسب، و إنما في العديد من المواقف التي عبرت عنها العديد من الدول، و بعدما كنا نسمع في كل مرة سحب هذه الدولة أو تلك اعترافها بالبوليساريو، ها نحن اليوم ننابع ازيد من عشرين دولة و هي تفتتح قنصليات بمدينتي العيون و الداخلة و “مازال العاطي يعطي”… يتبع