المحرر متابعة
بعد توالي الاحتجاجات بعدة مدن مغربية ومن الجاليات المقيمة بالخارج، على وفاة بائع السمك بالحسيمة الذي طحن داخل شاحنة لنقل النفايات، صدر تقرير عن الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالحسيمة يكشف حيثيات الواقعة التي هزت المغرب .
كيف “طُحِن” فكري؟!
التحقيق الذي أجرته الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بتعليمات من وكيل الملك أظهر أن الشاب محسن فكري، صعد مصحوباً ببعض الأشخاص إلى الجهة الخلفية لشاحنة النفايات التي كانت ستنقل الأسماك المملوكة له والتي احتجزتها السلطات.
ويذكر التحقيق أن سائق الشاحنة تلقى إشارة من أحد عمال الشركة بتزويد آلة الضغط الخاصة بطحن النفايات بالكهرباء، ثم اشتغلت آلة الضغط جراء جر الجهاز الموجود في يمين الجهة الخلفية للشاحنة مما أدى إلى وفاته، دون أن يذكر التقرير ما إن كان السائق نفسه من قام بجر الجهاز أم شخص آخر.
التحقيق أشار إلى أن آلة ضغط النفايات تقع في الجهة الخلفية للشاحنة، ويتم تشغيلها بعد تزويدها بالكهرباء بواسطة زر يقع بمقطورة القيادة الأمامية من قبل السائق، وكذلك بجر جهاز آلي يوجد في الجهة اليمنى الخلفية للشاحنة.
هذه الرواية تكون أقرب إلى ما أوردته جريدة الغارديان البريطانية، نقلاً عن أحد الشهود قائلاً: “كان هنالك ثلاثة أشخاص، بائع السمك واثنان من أصدقائه. تسلق ثلاثتهم على ظهر الشاحنة لإنقاذ بضاعتهم. توقفت المطحنة عندها ولكنها عملت مرة أخرى بشكل مفاجئ. قفز صديقا محسن من الشاحنة، أما هو، فقد انحشر بالداخل ولم يستطع الخروج في الوقت المناسب”، مضيفاً أنه “من المستحيل أن أعرف إن كانت المطحنة قد عملت من تلقاء نفسها أم بواسطة أحد. ولكني لم أسمع أحداً يعطي الأمر بذلك. كان عامل القمامة في السيارة ذلك الوقت”.
هكذا وصلت شحنة السمك إلى شاحنة النفايات
بحسب الرواية التي قدمها تقرير الوكيل العام للملك، فإن الضحية محسن فكري كان قد اشترى حوالي نصف طن من سمك أبو سيف المحظور اصطياده في هذه الفترة من العام بحسب قرار وزاري، مضيفاً أنه كلف شخصاً بنقل هذه الكمية على متن سيارة نقل لم تخضع للمراقبة أثناء مغادرتها الميناء، ولكن عنصراً أمنياً مداوماً أبلغ عن الأمر ليتم إيقاف السيارة وسط المدينة.
وأورد قرار وكيل الملك، أنه بعد إيقاف الشحنة أكد ممثل عن مندوبية الصيد البحري، مخالفة الضحية للقانون المنظم لصيد السمك، ثم جاءت الشرطة القضائية بتعليمات من النيابة العامة التي أمرت بإحالة السائق والأسماك المحجوزة إلى مندوب الصيد البحري لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة في الموضوع.
المثير في القضية بحسب الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بالحسيمة أن “اللجنة المكونة من مندوب الصيد البحري ورئيس مصلحة الصيد البحري والطبيب البيطري وممثل السلطة المحلية استدعت، من أجل القيام بعملية الإتلاف، شاحنة نقل النفايات التي اشترط أحد المسؤولين عنها الحصول على أمر بالإتلاف قبل نقل كمية السمك المحجوزة،إلا أن اللجنة عمدت إلى تحرير محضر بإتلاف السمك المحجوز قبل القيام بهذه العملية، تم تسليم أصله لممثل الشركة”، ما يعني أنه تم تزوير أوراق رسمية وهو ما يكتسب طابع جناية بحسب النيابة العامة.
هل تعمّد طحنه؟
في الوقت الذي انتشر فيه هاشتاغ #طحن_مو بمواقع التواصل الاجتماعي رداً على عبارة تلفظ بها شرطي خلال عملية طحن السمك، أكد تقرير المدعي العام، أنه “لم يثبت من البحث المجرى في الواقعة صدور أي أمر بالاعتداء على الضحية من قبل أي جهة”.
وأوضح”من خلال دراستها لتفاصيل الأحداث وتصريحات الأطراف، رجحت كون الأفعال المرتكبة تكتسب طابع القتل غير العمدي، ومضيفاً أنه يبقى للقضاء الذي سينظر في القضية أن يقرر ما يراه ملائماً بشأنها طبقاً للقانون”.
وأوضح قرار وكيل الملك أن الفرقة الوطنية للشرطة القضائية الكائن مقرها بالدار البيضاء تولت التحقيق نظرا لخبرتها وضماناً للتجرد والحياد في عملها.