في ربط غريب بين تصاعد الاحتجاجات الاجتماعية الأخيرة في المغرب، نتيجة الفاجعة التي أدت إلى مقتل محسن فكري بالحسيمة، واعتقال المغني سعد لمجرد في فرنسا بتهمة الاغتصاب، خرجت صحيفة “إلكورييري ديلا سيرا”، إحدى أشهر الصحف الإيطالية، بخلاصة أن “ما دفع ملك المغرب إلى الدخول على قضية الاغتصاب المتابع بها المغني سعد لمجرد في فرنسا هو الحفاظ على شعبيته التي اهتزت نتيجة الاحتجاجات الأخيرة”.
“إلكورييري ديلا سيرا” بعدما استعرضت خبر اعتقال مغني “البوب”، كما أسمته، المغربي سعد لمجرد، بتهمة الاغتصاب في باريس، وقفت مليا عند ظاهرة لمجرد وتصاعد شعبيته الملفتة في السنتين الماضيتين من خلال الأرقام التي حققتها أغانيه الأخيرة، خاصة أغنية “المعلم” التي تجاوز عدد مشاهداتها 100 مليون، وكذلك أغنية “غلطانة”، التي استطاعت أن تحقق في أسبوع واحد أكثر من 16 مليون مشاهدة.
وأشارت الصحيفة ذاتها إلى أن تورط لمجرد في قضية اغتصاب ليس الأول من نوعه، إذ مازال متابعا أمام القضاء الأمريكي بفعل قضية مشابهة أدت إلى اعتقاله في فبراير 2010 بنيويورك، ورفض المثول في ماي الماضي أمام المحكمة العليا الأمريكية، مكتفيا بعقد ندوة صحافية قال فيها إن سبب متابعته “هو شهرته والحمد لله”، حسب تعبيرها.
ما الذي يدفع ملك المغرب إلى الدفاع عن متهم بالاغتصاب؟
“الكورييري”، التي خصصت حيزا لقضية لمجرد في صفحاتها الخاصة بالقضايا الدولية، ذكرت أنه بمجرد إيقاف لمجرد يوم 26 أكتوبر الأخير تحرك المسؤولون المغاربة على أعلى مستوى، إذ عبر وزير الثقافة المغربي عن انشغاله بتتبع قضية المغني المغربي، ثم “سرعان ما تم إعلان تدخل الملك شخصيا بناء على طلب أسرة المجرد”، حسب تعبيرها، كما تم تنصيب أحد أشهر المحامين الفرنسيين المختصين في القضايا الجنائية، بناء على أوامر الملك لتتبع قضية لمجرد الذي تتهمه شابة فرنسية بالاغتصاب.
وفي تحليل لما قد يكون دفع الملك محمد السادس إلى الدخول على قضية سعد لمجرد، المتهم بالاغتصاب، وقفت الصحيفة الإيطالية ذاتها على الاحتجاجات التي شهدها المغرب مؤخرا إثر الفاجعة التي هزت الرأي العام بمقتل سماك الحسيمة محسن فكري بطريقة مرعبة، عندما طحنته طاحونة النفايات بإحدى الشاحنات، ما أدى خروج الآلاف، خاصة من الشباب، “ليس بمدينة محسن فكري فقط، بل بجل المدن المغربية، وأهمها الدار البيضاء والرباط ومراكش”، عازفة على “موسيقى أخرى غير موسيقى سعد لمجرد”؛ وهو ما جعل “المغرب يعيش أجواء من التوتر، وضعت شعبية الملك على المحك، وهو ما لا يمكن السماح به”، تضيف الصحيفة ذاتها التي تصدرها الشركة نفسها التي تصدر صحيفة إلموندو بإسبانيا.
المغرب بلد آمن! آمن لمن؟
هذا وتولي الصحافة الإيطالية اهتماما كبيرا للأحداث الأخيرة التي يشهدها المغرب إثر مقتل محسن فكري بالحسيمة، رابطة بينها وبين قضية البوعزيزي بتونس.
الكاتب الإيطالي الشهير روبيرتو سافيانو، صاحب رواية “غومورا”، دخل بدوره على خط فاجعة الحسيمة بعرضه صورة مقتل محسن فكري على صفحاته الخاصة على المواقع الاجتماعية التي يتابعها ملايين من الأشخاص، مصحوبة بتعليق يعتذر فيه عن نشر الصورة رغم فظاعتها، إذ إن “هناك من يعمل على طمسها”، حسب تعبيره، قبل أن يستعرض مختلف جوانب الحادثة، رابطا بينها وبين ما حدث منذ ستة سنوات بتونس.
“الأسطوانة نفسها يتم تكرارها..تجاوزات أمنية في حق أشخاص يرغبون في اكتساب قوت يومهم”، يقول الكاتب الإيطالي ذاته، ليختم بسؤال لم يخل من التهكم على الحكومات الأوربية التي تعتبر المغرب بلدا آمنا وتعقد معه اتفاقيات لاستقبال اللاجئين، قائلا: “المغرب بلد آمن! آمن لمن؟”.
ويعتبر روبيرتو سافيانو أشهر الكتاب الإيطاليين حاليا، وهو مرشح لجائزة نوبل، وتتم ترجمة أعماله إلى العديد من اللغات في العالم، بما فيها العربية، وهو يعيش تحت الحراسة الأمنية اللصيقة لتلقيه تهديدات من قبل المافيا لفضحه للعديد من أسرارها من خلال روايته الشهيرة “غومورا”.. وإضافة إلى أعماله الأدبية فهو يوقع للعديد من المنابر الإعلامية بأوربا وأمريكا، وسبق له أن أشرف على العديد من البرامج التلفزيونية والإذاعية.