من الاعتقادات الشائعة لدى معظم الناس، حسب الثقافة السائدة، أن “الحشيش” مجرد مخدر ناعم خفيف ولا يشكل أي خطر حقيقي، ويستعمل كعلاج طبي، إلى درجة أنه تم ترخيص استعماله في كثير من الدول المتقدمة، ما شجع الكثير من المراهقين على الإقبال على استهلاكه؛ بينما الحقيقة تفيد بخطأ هذا الاعتقاد؛ بل إن كثيراً من الأبحاث العلمية أثبتت خطورته وتأثيراته السلبية على الدماغ وعلى الجانب الدراسي والاجتماعي للمستهلك. فلنتعرف جميعا على هذا المخدر الساحق من حيث المكونات ومخاطره الجسيمة.
1- المركب الرئيسي لـ”الحشيش” هو “رُباعي هيدرو كانابينول”، ويصل إلى الدماغ في أقل من دقيقة، مباشرة بعد أول جرعة منه، ويستقر فيه لأكثر من ثلاثة أسابيع قبل التخلص منه. هذا في حالة إذا دخن الشخص المستهلك منه مرة واحدة؛ أما إذا كان يدخنه بشكل مستمر، ولو مرة في الأسبوع، فسيبقى هذا المركب النشيط يرافقه معظم حياته، وسيؤثر على دماغه وكأنه يدخن يومياً؛ ولهذا يعتبر “الحشيش” أخطر مخدر.
2- يستهدف “رباعي هيدرو كانابينول” خَمسَ مناطق في الدماغ، ويضعف وظائفها العديدة، مثل التعلم والتركيز وأخذ زمام المبادرة والمزاج والشعور بالخوف أو الحزن أو الفرح، وكذلك يُضعف الذاكرة والاهتمام بشؤون الحياة…
3- كمية “رباعي هيدرو كانابينول”، التي تصل إلى الدماغ بالمقدار نفسه المستهلك من “الحشيش”، تختلف من شخص إلى آخر من جهة، ومن جهة أخرى حسب جودة “الحشيش” المُستهلك، والكمية المستعملة منه؛ ولهذا لا نرى لـ”الحشيش” التأثيرات نفسها عند كل الأشخاص.
4- “الحشيش” يتسبب في إفراز نقال عصبي يخلق الإحساس بالمتعة عند المستهلك، وهذا هو الذي يكون سبباً في الإدمان عليه.
5- الإحساس بالمتعة يتحقق بكمية قليلة من “الحشيش”، أما إذا كانت الكمية مرتفعة أو ذات جودة عالية أو تحتوي على كثافة عالية من “رباعي هيدرو كانابينول” فبالإمكان أن يتعرض المستهلك للأعراض التالية:
* الإحساس بتغيير الزمان والمكان، بحيث لا يعرف بوضوح وتلقائياً أين يوجد وتاريخ اليوم مثلا.
* نوبة الفزع الحاد.
* الهلوسة
* الهذيان
* ذهان حاد قابل للعلاج أو أن يتطور ويتحول إلى ذهان مزمن يتسبب في إعاقة دائمة للمريض
6- يتسبب “الحشيش” عند استعماله بشكل مستدام في الأعراض التالية:
* تغيير إدراك الحواس. ويشعر المدمن كأنه في كامل قواه، ولكن سرعان ما ينغلق في عالمه الخاص ويبتعد عن الواقع بدون إدراك أو وعي بما ما يقع له ويجري حوله، وفي هذه الحالة يصبح الحوار معه بدون جدوى فيهجره العديد من الأفراد من محيطه و”يَتَهمَّشُ” شيئاً فشيئا، ويأخذه هذيان المؤامرة ضده، وهذا ما يزيد من شدة انغلاقه في عالمه حتى يصل إلى أقصى درجات التهميش والانقطاع الكلي عن بيئته ومحيطه الواقعي.
* البرود العاطفي واللامبالاة بمحيطه، والتي تنتهي به إلى إهمال كل جوانب الحياة.. “مَرْفوعْ ما هْواشْ فْهاذْ العالم”.
* فقدان الرغبة في كل شيء مثل الرياضة والاجتماعات العائلية والأنشطة الثقافية والدراسة، ونظافته وملابسه…
* فقدان القدرة على اتخاذ القرارات.
* فقدان القدرة على أخذ زمام المبادرات والاندفاع نحو الأمام
* خلل الذاكرة القصيرة المدى
* تجزئ التفكير واختلال التعبير وصعوبة التحليل وتقلص المقدرة على القيام بعمليات ذهنية تركيبية
* انخفاض مستوى التركيز والقدرة على التعلم
علماً أن نضج نمو الدماغ عند الإنسان قد يستمر في بعض الأحيان حتى سن الثلاثين فلنتخيل مدى خطورة استهلاك “الحشيش” على نضج الدماغ، خاصة إذا كانت بداية الاستهلاك منذ بداية سنوات المراهقة!
وسائل الوقاية: إذا علمنا أن السيجارة هي بوابة لاستهلاك “الحشيش”، فعلينا أن نفكر في برامج تحسيسية بمخاطره، ترافق الطفل في كل مراحل نموه حتى سن المراهقة، سواءً في المنزل والمدرسة أو عبر وسائل الإعلام؛ لأن الطفل بطبيعته حساس بكل ما هو خطر على صحته وعائلته ومجتمعه، وإذا رسخ هذا الوعي الوقائي ضد “الحشيش” وغيره من المخدرات في ذهنه فإن حظوظ نجاته كبيرة عند كبره؛ لأن الوقاية خير ضمانة لصحة الأجيال القادمة.
وسائل العلاج: هناك برامج خاصة لعلاج الإدمان على “الحشيش”، وعلينا أن نعلم أنه كلما سارعنا في خطوات العلاج المبكر كلما كانت حظوظ النجاح كبيرة. وتجب مشاورة الطبيب المختص أو الاستعانة بخدمات المراكز المختصة للتزود بكل المعلومات والطرق العلاجية التي من شأنها إنقاذ ضحايا الإدمان على هذا السم الفتاك المهلك، الذي لا ينبغي بأي حال من الأحوال الاستخفاف به أو الاستسلام لإغرائه.