سلمت المملكة المغربية إلى مالي نسخ مخطوطات العالم المالي البارز أحمد بابا التمبكتي (1556-1627) المحفوظة في المغرب.
وخلال حفل رسمي نظم في المتحف الوطني لمالي، قدم سفير المغرب في باماكو، إدريس إيسباعين، إلى وزير الصناعة التقليدية والثقافة والصناعة الفندقية والسياحة المالي، أندوغولي غيندو، هذه المخطوطات المجمعة في ثلاثة أقراص مدمجة وثمانية ميكروفيلم.
وفي كلمة بالمناسبة، انتهز السفير هذه الفرصة للإشادة بالعالم أحمد بابا التمبكتي، أحد أكثر العلماء استنارة في عصره، وأحد رموز العلاقات العريقة التي تجمع المغرب ومالي، مذكرا بأن حكمته وفلسفته أثرت في المفكرين.
وسلط الدبلوماسي المغربي الضوء على العلاقات العريقة بين المغرب ومالي، وما مثلته هذه القامة الفكرية من ترسيخ للروابط بين الشعبين والأمتين.
وقال: “هناك علاقة تاريخية عميقة بين المغرب ومالي تمتد لقرون وبعدها الإنساني والديني قوي للغاية”، مشيرا إلى أن الزيارتين اللتين قام بها الملك محمد السادس إلى مالي في عامي 2013 و2014، أعطتا محتوى أقوى وأكثر جوهرية لهذه العلاقة الثنائية المثالية بالفعل.
وذكر بأنه تم خلال هاتين الزيارتين التوقيع على 17 اتفاقية، انضافت إلى ثلاثين اتفاقية أخرى تتعلق بكافة المجالات ذات الاهتمام المشترك بين الشعبين، مما يشكل أساسا متينا للتعاون في جميع المجالات، ورغبة واضحة في تعزيز العلاقات بين البلدين.
وفي هذا الصدد، أبرز إيسباعين أنه بفضل التواجد الهائل للمستثمرين والاقتصاديين المغاربة، أصبحت مالي الوجهة الثالثة للاستثمارات المغربية في إفريقيا، مشيرا إلى أن المحاور الطرقية التي تربط المغرب بمالي عبر موريتانيا تتيح الإمداد اليومي من المنتجات المغربية للأسواق المالية، مما يعطي معنى لهذا التعاون مع بعد إنساني قوي.
كما أكد أن مالي أصبحت المستفيد الثاني من المنح الدراسية المغربية، موضحا أن هذا البلد الشقيق هو أول من وقع اتفاقية مع المغرب لتدريب 500 إمام ومرشد ومرشدات ماليين، وكذلك المستفيد الأول من تجديد هذه الاتفاقية التي تشمل تدريب 300 إمام ومرشدين ومرشدات والتي تم التوقيع عليها في الرباط في 22 شتنبر الماضي، وهو ما يبين وقوف المغرب إلى جانب الشعب المالي واستعداده بإرادة قوية لدعم مالي في هذه المرحلة الانتقالية التي تمر منها، لمواجهة التحديات التي تواجهها، مع احترام وحدتها وسيادتها الوطنية.
من جانبه، جدد وزير الصناعة التقليدية والثقافة والصناعة الفندقية والسياحة المالي، أندوغولي غيندو، التعبير عن شكره للملك محمد السادس على هذه المبادرة ذات الحمولة الكبيرة، التي تعزز التعاون الثقافي بين البلدين.
وشدد على أن هذه المناسبة تعبير آخر عن العلاقات المتميزة بين المغرب ومالي المستندة إلى روابط الأخوة والصداقة التاريخية بين شعبي البلدين.
وأبرز مكانة هذه المخطوطات في التراث الوثائقي لمالي، داعيا المملكة المغربية إلى مواصلة دعم إجراءات الحفاظ على التراث الثقافي وإدارته وتعزيزه في مالي وتطوير التعاون الثقافي الثنائي.
من جهته، عبر ممثل قبائل تمبكتو، مولاي علي خليل أسكوفار، عن سعادته لعودة أعمال أحمد بابا التمبكتي إلى مدينة تمبكتو مسقط رأسه، مرحبا نيابة عن قبائل تمبكتو بهذه المبادرة.
أما ممثل منظمة اليونسكو في مالي، إدمون مكلا، فقد اعتبر أن هذه المبادرة تشهد على زخم العلاقات بين بلدين إفريقيين عظيمين وعلى مدى التعاون الثنائي الذي استمر في التطور في جميع المجالات.
وقد أقيم هذا الحفل بحضور، على وجه الخصوص، المدير العام لمعهد الدراسات والبحوث الإسلامية العليا أحمد بابا التمبكتي، محمد دياغايتي، ورئيس فرع مالي لمؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة، أحمد الزبير، وكذلك شخصيات بارزة وزعماء دينيين من تمبكتو.
وكان العالم والمؤلف متعدد التخصصات أحمد بابا المولود في 26 أكتوبر 1556 والمتوفى في تمبكتو في 22 أبريل 1627، صاحب مكتبة غنية بشكل خاص تضم أكثر من 1500 كتاب.