سعيد الكحل.
ارتفعت وتيرة سُعار خونة المغرب والمتآمريين على أمنه بعد سماعهم خبر تنفيذ الحكم بالسجن الذي أصدرته المحكمة في حق محمد زيان.
طبعا لا يهمّ المتآمرين على وطنهم والمتحالفين مع أعدائه، محمد زيان ولا تطبيق القانون واحترام القضاء، بقدر ما يهمهم استغلال الحدث، الذي هو حدث طبيعي والاعتقال قانوني باعتراف ابن زيان نفسه الذي صرح للصحافة بأن القانون يسمح للنيابة العامة التماس اعتقال المتهم فور صدور حكم محكمة الاستئناف إذا كان الحكم يتجاوز سنة سجنا نافذا.
ولأن لمرابط وحاجب جعلا من معاداة النظام والأجهزة الأمنية والمؤسسات الدستورية شغلهم الشاغل الذي يسترزقون به على عتبات جهات خارجية معادية للمصالح العليا للمغرب، فإنهما أقاما تحالفا ويتبادلان الزيارات بغرض نشر الترهات والأكاذيب وتأجيج الأحقاد في صفوف أمثالهم، الغاية منها التشهير بالمغرب والإساءة إلى مؤسساته الأمنية والقضائية.
بل إن حاجب وجّه اللوم مباشرة لوهيبة خرشاش لكونها لم تجعل من قضية اعتقال زيان قضيتها الرئيسية. هكذا يريد حاجب ولمرابط جعل مسألة اعتقال زيان قضية “رأي عام دولي” وكأن زيان يتمتع بحصانة أممية تجعله فوق القانون الوطني وحتى الدولي. وهما بهذه الشطحات ينطبق عليهما المثل الشعبي “أهل الميت صبروا والعزايا كفرو”.
إذ لم يصدر عن أسرة زيان وأبنائه ما يسيء إلى النظام أو الدولة أو القضاء، كما لم يعطيا لقضية الاعتقال الأبعاد السياسوية أو الدراماتيكية التي يعطيها المتآمرون على الوطن. فزيان اعتقل بناء على تُهم عديدة ليس منها ما يتعلق بالتعبير عن الرأي.
ولعلم كل هؤلاء وغيرهم بمن فيهم ذوي النيات الحسنة، أن محاكمة زيان واعتقاله ليس حدثا شاذا في المغرب يحصل لأول مرة في تاريخه المعاصر.
فقد تم اعتقال عددا من وزراء حكومة أحمد العراقي وقدّموا للمحاكمة سنة 1971، التي وَجهت إليهم تهمة الفساد واستغلال النفوذ، ليتم النطق بالأحكام يوم 15 دجنبر 1972، كالتالي: يحيى الشفشاوني، حكم عليه بـ 12 عاما وغرامة 10000 درهم. مامون الطاهري، وزير المالية السابق، حكم عليه بـ 10 سنوات وغرامة 10000 درهم. عمر بن مسعود، حكم عليه بـ 8 سنوات وغرامة 9000 درهم. محمد الجعيدي، حكم عليه بـ8 سنوات وغرامة 5000 درهم. عبد الحميد كريم، حكم عليه بـ 4 سنوات وغرامة 9000 درهم. ناصر بلعربي، حكم عليه بـ 4 سنوات وغرامة 5000 درهم. إدريس بلبشير، حكم عليه بـ 4 سنوات وغرامة 5000 درهم. عبد العزيز بنشقرون، حكم عليه بـ 4 سنوات وغرامة 5000 درهم. بالإضافة إلى السجن قضت المحكمة بمصادرة ممتلكاتهم إلى حين تسلم واستعادة الرشاوي.
هذه الحقائق لا يمكن لحاجب ولمرابط أن يرياها بعد أن عماهما العداء للوطن، ولا أن يشيرا إليها في فيديوهاتهما التحريضية، لأن تلك الإشارة لم تخدم مسعاهما الخبيث.
وزراء مهمّون اعتقلوا وهم وزراء ثم حوكموا، أما زيان فهو من عداد وزراء حقبة انتهت. ذلك أن صفة وزير أو وزير سابق لا تضمن الحصانة المطلقة لحاملها من أي متابعة قضائية. ولعل أبرز مطالب عموم المغاربة هي المساواة بين المواطنين أمام القانون.
إذن فزيان ليس “استثناء” حين يُحاكم ويُعتقل. ومن وقاحة لمرابط وحاجب أنهما يستنكران اعتقال زيان فقط لأنه وزير سابق، بينما كثير من دول العالم، بما فيها الدول الأوربية الأكثر ديمقراطية، حاكمت رؤساء ورؤساء حكومات ووزراء وأدانتهم محاكمها بالسجن، دون أن يذكرهاـ لمرابط وحاجب ــ بالسوء الذي ذكروا به سلطات المغرب ونظامه ومؤسساته. إن تجاهل هذا الثنائي المتآمر على وطنه، أسماءَ ووقائع محاكمات مسؤولين حكوميين، يجعل من الواجب الوطني والأخلاقي تسفيههما بتقديم النماذج التالية:
1 ــ سيلفيو بيرلسكوني (إيطاليا) الذي اضطر إلى تقديم استقالته من رئاسة الوزراء وتم الحكم عليه في 2013 بالسجن وعدم الأهلّية للمناصب العامة. الأمر الذي أدّى إلى طرده من مجلس الشيوخ وأنهى حياته السياسية.
2 ــ ايفو سانادير (كرواتيا) شغل منصب رئيس الوزراء بين عامي 2003 و 2009، وأوقف في نهاية العام 2010 بتهم الفساد والاختلاس وإساءة استخدام السلطة. تم سجنه لبعض الوقت في 2011 ثم مجددا بين عامي 2012 و2015 حين أفرج عنه بعد أن الغت محكمة حكما بالسجن تسع سنوات بحقه.
3 ــ جوزيه سوكراتس (البرتغال) كان رئيس وزراء بين عامي 2005 و2011 ، خضع للتوقيف الاحترازي لمدة تسعة أشهر، ثم وُضع رهن الإقامة الجبرية في سبتمبر 2015.
4 ــ أدريان ناستاسه (رومانيا) رئيس وزراء بين عامي 2000 و2004. حكم عليه بالسجن أربع سنوات ونصف لإدانته بالفساد في العام 2012.
5 ــ سفيتوزار ماروفيتش (صربيا ومونتينيغرو) كان رئيس البلاد بين عامي 2003 و2006، حكم عليه بالسجن 46 شهرا في العام 2016 لإدانته بالتورط في قضية فساد تتضمن صفقات مشبوهة لشراء أراضي وصفقات بناء.
6 ــ فيلاد فيلات (مولدافيا) رئيس وزراء سابق بين عامي 2009 و2013 تم اعتقاله عام 2015 في قضية اتهم فيها بتلقي رشى تقدر بنحو 260 مليون دولار. حكم عليه بالسجن 9 سنوات لأدانته بالفساد وإساءة استخدام السلطة.
7 ــ كريستيان وولف (ألمانيا) اضطر لتقديم استقالته من رئاسة ألمانيا عام 2012، بعد طلب الادعاء رفع الحصانة عنه لاشتباهه بحصوله على قرض منخفض الفائدة بقيمة 500 ألف يورو من صديق ثري له،فأفلت من المحاكمة.
كما شهدت دول أخرى محاكمات لرؤاسها أدينوا بالسجن لسنوات ، أمثال:
8 ــ البيرتو فوجيميري،الرئيس البيروفي بين عامي 1990 و2000، سجن في العام 2009 بعد أن أدين بالسجن 25 عاما في قضايا انتهاكات حقوق الإنسان من بينها إصدار أوامر بتنفيذ مذابح. وفي العام 2015، صدر بحقه حكم بالسجن 8 سنوات لأدانته باختلاس أموال عامة.
9 ــ اويانتا هومالا،الرئيس البيروفي بين عامي 2011 و2016، قررت السلطات في تموز/يوليو 2017 حبسه احتياطيا لمدة 18 شهر.
10 ــ موشي كستاف، رئيس إسرائيل الأسبق، حكم عليه سنة 2010 ب 7سنوات سجنا بتهم التحرش والاغتصاب.
11 ــ إيهود أولمرت، رئيس الوزراء السابق لإسرائيل، حكم عليه سنة 2014 بست سنوات سجنا بتهم فساد قام بها أثناء رئاسته لبلدية القدس في الفترة من 1993 إلى 2003.
نحن، إذن، أمام عشرات حالات الاعتقال والسجن التي طالت رؤساء دول وحكومات وزعماء سياسيين من مختلف دول العالم دون أن تتحرك أبواق التشهير بدولهم كما تفعل أبواق المتآمرين على المغرب اليوم عقب اعتقال زيان.
إن أمثال حاجب ولمراطب يريدون إشاعة الفوضى وتعطيل القانون الذي يطالب الحقوقيون وكل الديمقراطيين بتطبيقه بالتساوي على المواطنين قصد الحد من ظاهرة الإفلات من العقاب أيا كان الفعل الجرمي المرتكب. إذ لا يمكن لأي دولة أن تحمي حقوق المواطنين وتضمن السير العادي للمؤسسات إلا إذا سهرت على التطبيق الجدي للقانون. أما شطحات لمرابط وحاجب فهي صيحات في واد تلقى مصير ما سبقها من شطحات غيرهما اعتقدوا أن الصياح خلف الشاشات يمكن أن يجعل منهم “أبطالا”.
فزيان مجرد مواطن كغيره من المواطنين لا يتمتع بأي امتيازات قضائية تحميه من المتابعة؛ وتكفي الهاشتاغات التي يتم تداولها على نطاق واسع ،مثل ziane_la justice triomphe# و #الزيان _التآمري_الفاشل، ليعرف حاجب وأمثاله أن زيان لقي ما يستحق.