المحرر الرباط
قبل يومين، تحدث السيد عبد الوافي لفتيت عن التوزيع العادل للضرائب، و أكد في معرض مداخلة له تحت قبة البرلمان، على أن الدولة لا ترغب في زيادة الضرائب على المواطن، بقدر عزمها على التحلي بالشجاعة في اعادة التظر في النظام الضريبي الغير عادل الذي يحتاج الى نقاش عميق.
كلام وزير الداخلية، يعتبر شجاعة غير مسبوقة، خصوصا و أن المستفيدين من النظام الضريبي الغير عادل في بلادنا، هم فئة تتحكم في الاقتصاد الوطني و المشهد السياسي في بلادنا، و من بينهم العشرات من الذين كانوا يتابعون كلام الوزير مباشرة تحت قبة البرلمان، و المستعدين لمعارضة اي قرارات قد تمس جيوبهم.
بعيدا عن الفئات المعروفة باستفاداتها من النظام الضريبي في المغرب، هناك فئة تشكل اقلية مقارنة مع احصاء الشعب المغربي، لا تدفع فلسا واحدا للدولة، نظير استفادتها من ريع كوطات الصيد في اعالي البحار، و هو ما يفوت على خزينة الدولة ما يعادل الخمسين مليار سنتيم سنويا، بمباركة عزيز اخنوش طبعا الذي يحمي هؤلاء و يوفر لهم الظروف الملائمة لاستنزاف الثروة السمكية.
مجموعة من الاشخاص، يمتلكون بواخر للصيد في اعالي البحار، قرابة نصفها لا يزاول اي نشاط، و يكتفي اصحابه ببيع الكوطات الممنوحة لهم، يستنزفون مئات الاطنان من الاسماك سنويا، و لا يصدرونها نحو الخارج مباشرة، و بتسهيلات جمركية غير مفهومة، وذلك دون أن يدفعوا الضرائب و المكوس التي يدفعها ملاك باقي اساطيل الصيد البحري.
و ندعو السيد وزير الداخلية المحترم، و معه كل مسؤول في هذا الوطن له غيرة على مصالحه، أن يتتبعوا ملف ااصيد في اعالي البحار، و ما يجنيه ملاك المراكب من اموال لا يدفعون عنها الضرائب، في مشهد يثير الاستغراب من سبب سكوت وزارة محمد صديقي عن هذا الملف الى غاية اليوم، بل و اننا نضمن لكل من يريد ان يحقق في الموضوع، ان ما يتم الترويج له حول استفادة كبار المسؤولين من الرخص غير صحيح.
غالبية الاشخاص المستفيدين من الاعفاء الضريبي في مجال الصيد في اعالي البحار، هم اشخاص تسلقوا سلاليم الثراء الفاحش، بعدما كانوا منتشرين في موانئ المملكة يزاولون مهنا لا تذر على اصحابها الشيء الكثير، ليتحولوا بين عشية و ضحاها الى ملاك مراكب تساوي الملايير، و باتوا يتحكمون في قطاع الصيد البحري و يؤثرون في القرارات المصيرية المتعلقة به.
بعض هؤلاء الاشخاص، استطاعوا مع الوقت الحصول على صفقات مزادات علنية متعلقة ببيع بواخر، في اكثر من محكمة، و ذلك بعدما تعمدوا دفع ملاكها الحقيقيين نحو الافلاس، و البعض الاخر ينام في منزله مرتاح البال، و يقبض في كل موسم صيد مئات الملايير دون أن يشغل احد و دون أن يشغل محركا.
و حتى الذين يمتلكون عشرات الرخص في مجال الصيد في اعالي البحار، يستخدمون اكثر من رخصة لفائدة نفس المركب، و ذلك للتقليل من عدد اليد العاملة و الاستفادة قدر الامكان من ثروات هذا الوطن، بأقل الاضرار، و ذلك باستغلال القانون الموضوع على مقاسهم و الذي يخول بيع كوطات السمك و تفويتها من مركب لاخر، تلك العملية التي تتم بكل سهولة و دون اية عراقيل.
فهل يعقل يا معالي وزير الداخلية، أن يستفيد شخص من عشرات رخص مراكب صيد في اعالي البحار، و يحول نصف الكوطات لنفسه، لاجل استغلال جميع الرخص بنصف التكلفة، و مع كل هذا لا يدفع ضرائب للدولة نظير مئات الاطنان من السمك الذي يصدره كي يأكله الاروبيون و المواطن المغربي لا يجد ثمن كيلوغرام من السردين يسد بها رمق ابنائه؟