المحرر متابعة
قرر قاضي التحقيق بالغرفة الأولى المكلفة بجرائم الأموال لدى محكمة الاستئناف بفاس، محمد الطويلب، متابعة النائب البرلماني عن حزب التجمع الوطني للأحرار، نور الدين قشيبل، من أجل تهم تتعلق باختلاس وتبديد أموال عمومية والارتشاء، وذلك بصفته رئيسا لجماعة «مولاي عبد الكريم» بإقليم تاونات.
وأحال قاضي التحقيق الملف على الوكيل العام للملك بالمحكمة نفسها، عبد الرحيم زايدي، من أجل تقديم استنتجاته وملتمساته النهائية، حيث التمس متابعة البرلماني قشيبل بالتهم نفسها، في حالة سراح، وفق فصول المتابعة المحددة في القانون الجنائي، كما قررت النيابة العامة إحالة الملف على غرفة الجنايات الابتدائية المكلفة بالبت في جرائم الأموال، التي قررت عقد أول جلسة لمحاكمته في الأسبوع الموالي لعيد الأضحى.
وجاءت متابعة البرلماني قشيبل بناء على الأبحاث والتحريات التي قامت بها الفرقة الجهوية للدرك الملكي بالقيادة الجهوية بفاس، التي استمعت له رفقة 14 مصرحا، ضمنهم تقني بالجماعة، وأحد نوابه بالمجلس الجماعي، ومحاسب الجماعة، ومجموعة من المقاولين استفادوا من صفقات وسندات طلب، والأعوان العرضيين، وضمنهم أشخاص من عائلته كانوا يشتغلون سائقين لسيارات وآليات الجماعة بدون سند قانوني، بالإضافة إلى مستخدمة تشتغل بشركته الخاصة.
وجاء تحريك البحث بناء على شكاية وضعتها النائبة الأولى لقشيبل بجماعة «مولاي عبد الكريم» بإقليم تاونات، وتنتمي للحزب نفسه. وأفادت مصادر «الأخبار» بأن الوكيل العام قرر متابعة قشيبل بالتهم المنسوبة إليه، بعد انتهاء جلسات التحقيق التفصيلي التي أجراها معه قاضي التحقيق المكلف بجرائم الأموال، محمد الطويلب.
وكانت النائبة الأولى لرئيس المجلس الجماعي «مولاي عبد الكريم»، سميرة حماني، وضعت شكاية لدى الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بفاس، وجهت من خلالها اتهامات خطيرة إلى رئيس المجلس، البرلماني قشيبل، وقالت في شكايتها إنها وجدت نفسها مضطرة لتقديم الشكاية للتعبير عن «رفضها لكل أشكال الفساد، ووضع حد للخروقات المرتكبة، وذلك بعد عدة محاولات لتنبيه رئيس المجلس المذكور وثنيه عن الاستمرار في ممارسة خروقاته المستفحلة».
واستعرضت نائبة الرئيس مجموعة من الخروقات المرتكبة، من بينها التسيير العشوائي والعبثي لمصالح الجماعة عبر الهاتف، إلى درجة أن وثائق الجماعة يتم نقلها إلى محل إقامة الرئيس بالرباط من أجل التوقيع عليها، والاستفراد باتخاذ القرارات التي تهم الجماعة وتجاهل أعضاء المكتب، بحيث دائما يؤكد أنه هو الرئيس ومن حقه القيام بأي شيء يريده، كما تحدثت عن تفويت صفقات لفائدة موظف يعمل بالجماعة نفسها (أي بجماعة مولاي عبد الكريم)، وهو في الوقت ذاته صاحب مقاولة يوجد مقرها بمدينة فاس.
وأشارت الشكاية إلى إقحام أشخاص لا تربطهم أي علاقة بالجماعة وليسوا موظفين، وضدا على كل القوانين الجاري بها العمل، لتسيير مصالح الجماعة، سيما ما تعلق بتزويد آليات الجماعة بالمحروقات. وأكدت نائبة الرئيس أنها تتوفر على أدلة تثبت ذلك، وكأن الجماعة أصبحت تابعة لشركاته. وفي هذا الصدد، تحدث مستشارون جماعيون عن تدخل إحدى مستخدمات شركة قشيبل في تسيير شؤون الجماعة، حيث تتنقل من مقر الشركة بمدينة سلا إلى مقر الجماعة لإعطاء الأوامر للموظفين والمنتخبين.
وتطرقت الشكاية إلى خروقات أخرى مرتبطة بتفويت الصفقات، حيث قام رئيس المجلس بتفويت جل صفقات الجماعة لمقاولات توجد مقراتها بمدن الرباط وسلا والحسيمة، وذلك في غياب أعضاء المكتب، وبأثمنة مبالغ فيها بشكل كبير، ما يطرح العديد من الأسئلة حول طبيعة العلاقة التي تجمع الرئيس مع هذه المقاولات، ومن بينها شركة فازت بصفقة الإنارة العمومية، بالإضافة إلى تفويت الشاحنة الصهريجية الممنوحة من طرف وزارة التجهيز وفق عقدة مع الجماعة، إلى شخص لا علاقة له بإدارة الجماعة (لا هو موظف ولا هو مياوم) يتصرف فيها كما يشاء ويحصل على الأموال من المواطنين مقابل الخدمات التي يقدمها لهم. فضلا عن ذلك تحدثت المشتكية عن «تعرض مجموعة من المقاولين للابتزاز، من خلال عرقلة صرف المبالغ المالية لهم بشكل غير قانوني، من خلال الضغط على بعض موظفي القباضة».
وعلاقة بالموضوع، ما زال الغموض يلف ظروف وملابسات إقدام المدير العام للمصالح بالجماعة على الانتحار بتناول مادة سامة، حيث توفي بالمستشفى الجامعي الحسن الثاني بفاس، الذي نقل إليه في وضعية حرجة، وترك رسالة فوق مكتبه بمقر الجماعة، وبعد شيوع خبر وفاته، تسلل أشخاص غرباء عن الجماعة إلى مقرها في وقت متأخر من الليل، وحملوا معهم ملفات ووثائق من مكتب مدير المصالح، من بينها الرسالة التي تركها قبل إقدامه على الانتحار. وأكدت المصادر أن الموظف الراحل معروف بنزاهته وحسن تعامله واحترامه للجميع، ولم يكن يعاني من أي اضطرابات نفسية.
جريدة الاخبار