أنبوب الغاز النجيري نحو المغرب: مشروع تنموي ضخم شعاره “الامن و التنمية و الاستثمار للجميع”

المحرر الرباط

 

لا يختلف اثنان حول الاهمية التي يكتسيها المشروع الذي التزم بتنفيذه كل من جلالة الملك محمد السادس، و الرئيس النيجيري محمد بخاري، بالقصر الرئاسي في العاصمة أبوجا، و كيف ان هذا التعاون المشترك الذي بدأ يترجم على ارض الواقع، من شانه أن يعزز من قوة التعاون جنوب-جنوب، على امل تنمية الدول التي سيمر منها أنبوب الغاز، و جعلها قاطرة افريقية تنموية، قادرة على فرض نفسها في مجموعة من المجالات، و مستقلة عن التبعية للأقطاب و القوى الدولية، التي لطالما حرس الملك محمد السادس على أن تكون شريكة للافارقة بعيدا عن الاستغلال للدول الافريقية و نهب ثرواتها مقابل لا شيء.

 

أنبوب الغاز الذي اتفق الملك و نظيره النيجيري على إحداثه في إطار أضخم صفقة تعيشها القارة السمراء منذ زمن طويل، ما كان ليتحقق لولا يقين النيجيريين من صدق نوايا محمد السادس، و علمهم المسبق بان ما يدفعه الى تخصيص وقت اكبر لافريقيا، هو ارتباطه بقارتنا الافريقية، و إحساسه بالفخر و الاعتزاز بانتمائه لها، في وقت برهن فيه الملك على أن ارتباط المغرب بافريقيا يجسد عودته الى الاصل، و عزمه على الانطلاق قدما نحو مستقبل زاهر، من شان الافارقة أن يجعلوا فيه قارتهم قطبا دوليا اذا ما نهجوا الاتجاه الصحيح، و تيقنوا من أن ما تخر به “ماما افريكا” من ثروات من شانه أن يجعلها مرجعا دوليا في التنمية و الاقتصاد.

 

و لعل اهم ما عزز موقف المغرب لدى النيجيريين، و جعلهم يثقون في التوجيهات الملكية السامية، و خطط المملكة المغربية التي بدأ محمد السادس في تنفيذها منذ اول جولة افريقية يقوم بها، هو نجاح المصالح الامنية المغربية بمختلف تلاوينها، في تتبيث الامن داخل الوطن، و على المستوى الاقليمي، حيث أن ريادة المغرب في هذا المجال، خصوصا فيما يتعلق بمحاربة افة الارهاب، التي تشكل الهاجس الاكبر في منطقة الساحل، ساهمت بشكل كبير في سحب البساط من تحت اقدام الاعداء، الذين فشلوا في تنفيذ مشروع مماثل، كانوا يعتزمون نقل الغاز النيجيري من خلاله نحو الجزائر، عبر منطقة الساحل التي تعتبر اليوم بؤرة توتر تجعل أصحاب رؤوس الاموال يتخوفون من الاستثمار فيها.

 

السياسة الامنية المغربية التي استفادت منها عدد من الدول الافريقية التي سيمر منها انبوب الغاز، سواء من خلال التكوين أو المساعدة عبر مد المعلومات الاستخباراتية المهمة للاشقاء، جعلت المغرب و نيجيريا، يتفقان بشكل سريع على  المسار الذي سيتخده الغاز في اتجاه المغرب من جهة، و شجعت المستثمرين على المساهمة باموالهم في هذا المشروع دون تخوف من الارهاب، أو من الخطط الهادفة لتدمير المشاريع التنموية خدمة لاجندات ارهابية، و هو نتاج لسنوات من العمل الامني الجاد، و الاجتهاد الذي نجح في تحقيقه المسؤولون الاستخباراتيون المغاربة ليس فقط على المستوى الوطني، و انما على جميع المستويات الاقليمية و الدولية.

 

و تعيش القارة الافريقية منذ يوم امس، على وقع حدث تاريخي، يتمثل في اطلاق المشروع الافريقي الكبير، الذي يعتبر رافعة للتنمية، لا شك أنها ستجمع الدول التي سيمر منها الانبوب، من خلال المشاريع الثانوية التي ستتمخض عن إحداثه في كل دولة على حدا، بينما سيشكل المشروع محورا جديدا لربط تنمية شريط شرق افريقيا بغربها، لما سيشكله كمصدر للثروة بالنسبة للدول التي سيمر منها، و عدد من الدول المجاورة التي ستستفيد منه بشكل مباشر او غير مباشر، ما يعكس الرؤية الشمولية لجلالة الملك و الهادفة الى ربط اقتصاد المغرب بافريقيا، و جعله جزءا لا يتجزؤ من أصله القاري.

 

و لا يمكن استثناء التنمية التي ستتعزز باحداث مشروع انبوب الغاز، من خلال اتفاقيات تعاون مع شركاء اقتصاديين جدد، سيساهمون في مثانة علاقات التعاون جنوب-جنوب، خصوصا و أن هذا الحدث يحمل جنسية افريقية محضة، و يتميز باندماجه بين الدول الافريقية التي سيمر منها، ما سيجعلها أكثر جدية في ربط علاقات تعاون فيما بينها، تحت يافطة المصالح المشتركة، التي تهدف الى تحقيق استقرار أمني و سياسي خصوصا بالنسبة للدول التي سيمر منها الانبوب، و التي يعتبر تضرر احداها بمثابة ضرر يمس جميع الدول المساهمة، و هو ما يعكس في نفس الوقت، ترجمة لأهداف الملك محمد السادس الرامية الى جعل دول افريقيا جسدا واحدا يمشي نحو مستقبل التضامن و التعاون بين جميع أعضائه.

 

مشروع أنبوب الغاز، الذي استطاع الملك بفضل ديبلوماسيته الفريدة، و انفتاحه على الاشقاء الافارقة تحقيقه، سيكون بمثابة فرصة تاريخية لفتح افاق كبيرة للتعاون بين الدول الافريقية، خصوصا في المجالين الامني و الاقتصادي، و هو في نفس الوقت دليل على القوة الاقتصادية و الامنية للمغرب، و التي اصبحت نموذجا دولية و مرجعا لمختلف المؤسسات و الاجهزة الدولية عبر مختلف دول العالم، الشيء الذي يعزز من فرص المملكة للتوغل داخل مختلف الجهات الافريقية، و كسب مزيد من الثقة نحو اقرار قارة سمراء موحدة، تجتمع على الامن و الاستقرار، و تنبذ سياسة التفرقة و تجزيء الدول التي ينهجها الجبناء اما من اجل اضعاف محيطهم، أو خدمة في اجندات دولية تسعى الى استعمار الدول في طور النمو و استغلال خيراتها بطريقة بشعة.

 

 من جهة اخرى، أكد الخبير الاقتصادي و الاستاذ الجامعي، الدكتور عبد العزيز الرماني، على أن جميع المشاريع التي وقعها  الملك محمد السادس في افريقيا، ذات بعد استراتيجي تنموي يستحضر مبدأ المنفعة المتبادلة، و المقاربة التنموية الشاملة و المندمجة التي تعود بالخير على سكان المنطقة، و تجعل افريقيا تتخلص من رواسب الاستعمار.

 

و بخصوص الورش الاشعاعي الضخم المتعلق بانبوب الغاز الرابط بين نيجيريا و المغرب، لتصديرها نحو الدول الاروبية و دول اخرى، أوضح الرماني في تصريح للمحرر الالكترونية، أنه رافعة للتنمية، ستستفيد منها كل دول ساحل افريقيا، التي سيمر منها هذا الانبوب، مما يعني أنه لن يعود بالنفع فقط على المغرب و نيجيريا، حيث ستستفيد تلك الدول اما عن طريق التزود بالغاز بشكل مباشر و بتكلفة اقل، أو من خلال توظيف كفاءاتها و خبراتها المتمثلة في المهندسين و مكاتب الدراسات و توفير سوق شغل لليد العاملة، بغض النظر عن الاستفادة المباشرة لشعوب المنطقة.

 

و أردف الرماني في تصريحه للمحرر، ان قيمة هذا المشروع، تتأكد أيضا في كونه يستجيب لالتزامات المغرب المتعلقة باحترام البيئة و محاربة التلوث، بينما سيعود بالنفع على البلدين، من خلال استفادة نيجيريا من الاسمدة التي ستلبي حاجياتها الزراعية و الفلاحية، عبر المنصة التي سيتم تاسيسها لانتاج الاسمدة، التي تم توقيعها بين وزارة الطاقة و المعادن النيجيرية، و المكتب الشريف للفوسفاط، من جهة، و استفادة المغرب من الغاز عبر الانبوب المذكور، شانه في ذلك شان باقي الدول التي يمر منها الانبوب، من جهة أخرى.

 

نفس المصدر، قال على ان المشروع المذكور، سيذر ثروات هامة على نيجيريا المصدرة للغاز الى أروبا، قبل ان يختم تصريحه بالتاكيد على ان هذا المشروع الذي وصفه بالضخم، يعتبر رافعة تنموية، خالقة للثروات بما يعود بالخير و الفائدة على جميع دول افريقيا الغربية التي سيمر منها انبوب الغازن الذي يعتبر نتاجا للسياسة الحكيمة لجلالة الملك في تعامله مع القارة الافريقية.

زر الذهاب إلى الأعلى