المحرر
بذكاء و حنكة، أصبح الملك محمد السادس، أول قائد عربي في منطقة شمال أفريقيا، تشكل تحركاته خارج أرض وطنه، خطوات حقيقية نحو تغيير التوازنات في المنطقة، و تخرج شمال أفريقيا عن حلفائها التقليديين، و الذين ظلوا يتحكمون في سياستها خدمة في أجندات لا تتجاوز الولايات المتحدة الامريكية و بعض الدول الاروبية التي كانت بالامس تستعمر دول المنطقة و تنهب خيراتها قبل الاستقلال التام لدول المنطقة.
الملك محمد السادس، و من خلال تحركاته على مدى السنة المنصرمة، تعمد خلق حلف افريقي مستقل بذاته، من شأنه أن يخدم الدول المتحالفة تحت لوائه، و أن يشكل مركز ثقل مستقل بذاته، و يساهم في تنمية ذاتية دون الاعتماد على يد المساعدة الخارجية، التي لطالما أظهرت نفسها كمنقذ للبشرية، بينما كانت تستغل سذاجة بعض الدول من أجل جعلها موطئ قدم لسياستها التوسعية.
و بعدما استطاع الملك أن يجمع عددا من الدول الافريقية تحت لواء حلف غير رسمي، على أساس بناء تحالف افريقي قوي، مستقل عن بعض القوى العظمى التي ظلت تتحكم في الاتحاد الافريقي، توجه نحو المشرق العربي، من أجل الانفتاح على دول الخليج، و تشجيعها على الاهتمام بالقارة الافريقية التي تعتبر موطنا للمادة الخام التي لا تحتاج سوى رؤوس الاموال و التخطيط السليم من أجل صقلها.
زيارة الملك لروسيا، و في وقت حدث فيه ما حدث مع الامين العام للامم المتحدة، يمكن اعتبارها، انفتاحا جديدا للمملكة المغربية، على حليف قوي، معروف بالاخلاص لحلفائه، و من شأنه أن يغير الكثير بالنسبة للتحالفات الجيوستراتيجية بالمنطقة، و هو في نفس الوقت، فرصة مناسبة لروسيا من أجل توسيع دائرة نفوذها في افريقيا، من خلال ضم الدول التي استطاع المغرب أن يقنعها بضرورة التغيير نحو قارة سمراء مستقلة، تعتمد على التحالف الايجابي، و ليس التبعية العمياء.
و في نفس الوقت، فان دخول المغرب لمجلس التعاون الخليجي، سيمكن الخليجيين من الوصول الى العمق الافريقي، في اطار الاستثمار و التبادلات التجارية المباشرة، بعيدا عن وساطة الدول المعروفة، كما من شأنه أن يفتح جبهات خليجية على عدد كبيرة من الجول الافريقية، التي ستستفيد من رؤوس الاموال الخليجية في تنميتها الذاتية، بينما سيستفيد الخليجيون من أسواق عذراء تضمن لهم الارباح نظير استثماراتهم.