عادل قرموطي المحرر
في وقت تتكالب فيه موريتانيا على المغرب، و تعلن بطريقة غير مباشرة ولاءها للجزائر، من خلال تصرفات انتهت بما يقع اليوم في منطقة الكركارات، لم يعد أمام المغرب حل اخر، غير التحرك في الميدان، من اجل فرض ذاته، بعيدا عن الخطابات السياسية، و التصرفات الديبلوماسية التي لم تعطي اكلها مع قوم لا يؤمنون سوى بمن يجوعهم و يزلزل الارض من تحت اقدامهم.
و ان كانت فرضية اعلان العودة لاطلاق النار، مستبعدة بحكم دخول الامم المتحدة على خط قضية الصحراء، فان المغرب بات مجبرا على التحرك، في ظل التصعيد الممنهج من طرف الجبهة، و الذي تمخض عنه تصرفات غير مسبوقة، مست الى حد بعيد بسيادته على اراضيه، و من المنتظر أن يشكا اهانة لجميع المغاربة،اذا ما صح ما تم تداوله بخصوص عزم البوليساريو فرض التاشير على جوازات العابرين في اتجاه موريتانيا عبر الكركارات.
اليوم و نحن نتابع الوضع من خلال وسائل الاعلام، نتاكد من ان سياسة المغرب في الصحراء، قد فشلت الى حد بعيد في قلب الطاولة على البوليساريو، و تسييت في العديد من النكسات، التي يمكن اعتبارها نتاجا للفساد الذي يعرفه هذا الملف من جهة، و لسوء تدبيره على المستوى الدولي من جهة اخرى، لدرجة أن موريتانيا التي تكون رئيسها في مدينة مكناس اصطفت الى جانب البوليساريو.
و في وقت يستحيل فيه “والله اعلم”، استبعاد عدد من الاشخاص الذين فشلوا في تدبير ملف الصحراء، تبقى امام المغرب خطوات مهمة من الواجب اتخادها، طالما أنه لازال يعلن للمغاربة أن الوحدة المغربية من طنجة الى لكويرة، و تتمثل في تعزيز الجبهة الداخلية، و توحيد صفوف المواطنين و تعبئتهم بهدف الدفاع عن اراضيهم التي تقسم اليوم في دهاليز المخابرات الجزائرية.
و لعل اول سياسية يجب على المملكة أن تغيرها في ملف الصحراء، تتمثل في تغيير المعاملة مع ساكنة مخيمات الوحدة سابقا، و الاهتمام بهم بشكل يشجعهم على العودة الى ساحة الاحداث بقوة، و يجعلهم يحسون بان الدولة فعلا تهتم لأمورهم و لمشاكلهم، خصوصا و أن السواد الاعظم من الجيل القادم من هذه الفئة السكنية، أصبح يعلن بصريح العبارة، عن عدم اهتمامه بالقضية، لما لحق سابقه من تهميش و حيف.
ساكنة مخيمات الوحدة التي من شانها أن تقلب موازين القوى في المنطقة، تبقى الوسيلة الوحيدة التي يمكن للمغرب أن يجعلها بابا موصدا أمام انفصال الداخل، اذا ما لقيت التأطير و الاهتمام، و اذا ما تم استبعاد الوجوه التي الفت اكل الثوم بأفواهها هنا و هناك، و مواكبة حياتها كما تواكب الدولة اليوم الانفصاليين الذين يطعنونها، و بعض المسؤولين الذين يتلاعبون بمصالحها لفائدتهم….
من جهة أخرى، فقد باتت الدولة مطالبة، باجراء انزال جديد للمواطنين، يرتكز على اعادة طرح فكرة النابغة الحسن الثاني، الذي قرر تعزيز الاقاليم الجنوبية بمواطنين مغاربة و دمجهم فيها، على أمل تحقيق نمو ديموغرافي يسود فيه الوحدويون، و يتاكد للعالم بعد ذلك أن الانفصال في الصحراء ليس سوى ظاهرة شاذة، تتعلق بميولات عدائية للمغرب، مصدرها المخابرات المعلومة.
هذه الفكرة، لا يمكن ان تكتمل الا بعد اعادة تهيأة مدينة لكويرة، و تشجيع المواطن على الانتقال اليها، و ذلك من خلال توفير ظروف العيش الكريم، و اعمار المدن الصحراوية عبر خلق فرص شغل تشجع المواطن على الهجرة الى الصحراء بحثا عن لقمة العيش، حيث يلاحظ عودة عدد كبير من المواطنين الى مدن الداخل بسبب انتشار الفساد و اقتصاد الريع الذي ينخر هذه الربوع.
ان اهم ما يمكن للدولة أن تفعله في هذا الاتجاه، هو تغيير سياستها بالاقاليم الصحراوية، و اقرار منطق منبني على تكافئ الفرص، من شأنه أن يشجع المواطن على الهجرة الى الصحراء، و أن يقلب موازين القوى التي يسيطر عليها بعض الاشخاص المعروفين بالانتهازية و باستغلال النفوذ، و هو الشيء الذي لا يمكن ان يتم دون اتخاد الاجراءات التالية:
- استبعاد بعض المسؤولين المعروفين بفسادهم عن ملف الصحراء
- وضع هذا الملف على طاولة مسؤولية تشتغل وفق استراتيجية مغايرة
- تغيير الجهات المكلفة بمخيمات الوحدة سابقا
- اجبار المستثمرين على تاسيس فروع لشركاتهم بالصحراء
- تشجيع المواطن على الهجرة الى الاقاليم الجنوبية بغية اعمارها
- القطع مع سياسة المجاملة الممنهجة مع بعض الوجوه التي تضع رجلا في المغرب و اخرى في الجزائر
- محاربة الفقر و الحيلولة دون استغلاله من طرف الجزائر
- تاطير ساكنة مخيمات الوحدةو اعادة الاعتبار لها بغية تشجيعها على الدفاع عن أراضيها…