المحرر – وكالات
أمر الله عباده أن يشاركوا بعضهم البعض في جميع الأحزان والمصائب المختلفة، وأن يقوموا بواجب التعزية فيما بينهم، وأن يحثّوا المصاب بالحزن على تحمّل الصّبر والرّضا بقضاء الله وقدره. لكن قد يجهل بعضنا بالألفاظ الواجب قولها ليعزّي فيها المسلم أخاه المسلم، لذا اخترنا لك عزيزي القارئ بعضاً من الأقوال والألفاظ الّتي وردت في القرآن الكريم والسنّة النبويّة والّتي تقال في المواساة والتعزية.
بيّن الأئمّة والشّيوخ أنّه لا يوجد لفظ محدّد ينبغي على المسلم اعتماده والتمسّك به عند التعزية، و من ذلك: قال ابن مفلح رحمه الله تعالى: ( لا أعلم في التّعزية شيئاً محدوداً).
قال الإمام النووي رحمه الله تعالى: وأمّا لفظة التّعزية فلا حجر فيها، فبأيّ لفظٍ عزاه حصلت.
وقال الشّوكاني: (فكلّ ما يجلب للمصاب صبراً يقال له تعزية بأيّ لفظ كان، ويحصل به للمعزّي الأجر المذكور في الأحاديث.
وقال الشّيخ محمّد بن عثيمين: (وإن عزّى بغير هذا اللفظ مثل أن يقول: أعظم الله لك الأجر، وأعانك على الصّبر، وما أشبهه فلا حرج؛ لأنّه لم يرد شيء معين لا بدّ منه.
أقوال وردت عن النبيّ في التّعزية رغم إجماع الشّيوخ والعلماء على عدم وجود لفظ محدّد للتعزية، فقد ورد عن النبيّ عليه أفضل الصلوات والتّسليم بعضاً من الأحاديث التي تبيّن شيئاً ممّا يقال في ذلك، ومنها:
قيام المعزّي بالدّعاء للميّت قائلاً: ( اللهم أغفر له، وارفع درجته في المهدين، واخلفه في عقبه في الغابرين، واغفر لنا وله يا ربّ العالمين، وافسح له في قبره ونوّر له فيه.
( إن لله ما أخذ وله ما أعطى وكلّ شيء عنده بأجل مسمّى). الدعاء لأهل الميت بـ(اللهم أخلف فلان في أهله ثلاثاً). يقال في تعزية أمً فقدت أكثر من ولد: (ما من امرأة تقدّم ثلاثة من ولدها إلّا كان لها حجاباً من النار).
ومن ذلك ما ورد من حديث أبي سعيد الخدريّ قالت النّساء للنبيّ: غلبنا عليك الرّجال، فاجعل لنا يوماً من نفسك، فوعدهنّ يوماً لقيهن فيه فوعظهنّ، وأمرهنّ، فكان فيما قال لهن: ما منكن امرأة تقدّم ثلاثة من ولدها إلا كان لها حجابا من النار فقالت امرأة: واثنتين فقال: واثنتين” ويقال لمن فقد ولداً من أولاده: ( يا فلان أيما كان أحبّ إليك أن تمتَّع به عمرك؟ أو لا تأتي غداً إلى بابٍ من أبواب الجنة إلا وقد وجدته قد سبقك إليه يفتح لك).
ومن ذلك ما ورد من حديث قرّة بن إياس المزني قال: كان النبيّ إذا جلس يجلس إليه نفر من أصحابه، وفيهم رجل له ابن صغير يأتيه من خلف ظهره فيقعده بين يديه، فهلك فامتنع الرجل أن يحضر الحلقة لذكر ابنه، فحزن عليه، ففقده النبي فقال:” مالي لا أرى فلاناً؟ قالوا: يا رسول الله بُنيَّه الذي رأيته هلك، فلقيه النبي فسأله عن بُنيَّه؟ فأخبره أنّه هلك فعزاه عليه ثم قال:” يا فلان أيما كان أحبّ إليك أن تمتَّع به عمرك؟ أو لا تأتي غداً إلى باب من أبواب الجنة إلا وقد وجدته قد سبقك إليه يفتح لك، قال: يا نبيّ الله بل يسبقني إلى باب الجنة فيفتحها لي؛ أحب إليّ، قال: فذاك لك. ويقال عند التعزية أيضاً ( رحمك الله وآجرك) أو يرحمه الله ويأجرك. فقد عزَّى رسولنا الكريم رجلاً فقال:” رحمك الله وآجرك. ويمكن أيضاً استخدام أيّ لفظ من ألفاظ المواساة التالية: ( أعظم الله أجرك)،أو (غفر لميّتك) أو (أحسن الله عزاءك)، أو ( جبر الله مصابك) ونحوها. ويقال أيضاً: آجرك الله، وقد جاءت هذه العبارة من فقه الإمام البخاريّ؛ حيث قال في كتاب الإجارة: (باب إذا استأجر أجيراً فبيّن له الأجر ولم يبيّن العمل لقوله تعالى: إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَةَ حِجَجٍ إلى قوله: وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ يأجر فلاناً يعطيه أجراً، ومنه في التّعزية آجَرَكَ الله).