مصطفى منيغ
كالشَّفَقِ يُصارعُ بما تَبَقَّى مِنْ ضِيائِه الأُرْجُوَانِي ظلاماً زاحفاً بديمقراطيته السامية المُتخذة لدى محبي العلم موضع توطئة سيلان النور لمخبأ توقيت تتجدَّدُ فيه ظاهرة طبيعة العلياء رحمة بما تحتها يرنوا مُزِيحاً بجمال ما يراهُ كل قُنوط اعتراه فوق مساحة لم تعد موطن شرفاء كرماء بواسل يسودهم العدل والإنصاف والتطلع بتفاؤل وأمل لغد مشرق مَنْ لَحِقَهُ عاش المستقبل خِلافاً لِما أتت به مؤسسة فاشلة سبق أن أمر بتأسيسها الملك الراحل الحسن الثاني تحت عنوان “الشباب والمستقبل” مُعَيِّناً لتسييرها ذاك المعروف الذي أصبح المُطاع من طرف نواب المغاربة المصوتين خلال الانتخابات التشريعية الأخيرة ، ونتمنى صادقين أن لا يُنْعَثَ البرلمان بالفاشل أيضا إتباعاً لعدوى التكرار المُمِلِّ في اختيار مَنْ كان لائِقاً بزمان، غير ذي جدوى الآن ، بل مساحة زاحمهم فيها مَن لا يخافون حساب الآخرة يتعبدون الحداثة المرقعة بخيوط أفكارهم المحددة بجغرافية مصالحهم وتاريخ مكتوب على هواهم، ويُبدعون سياسة التكرار، المُحملة هذه المرة فوق جرار، مصبوغ بالأزرق والأصفر، مدفوع من الخلف بأشباح اشتراكية آخر زمن دار عليهم الدهر، فغدو كسلاحف البراري تتطلع للعيش سابحة في بحر بدل نهر جف بفرط امتصاصها مياهه ليفقد الضفتين والقرار، تابعهم “الفرس” الواصل صدى صهيله ذات مرحلة جل الشمال وجوانب من الوسط لينزوي، وقد أحس بعدم قدرته على الركوض السياسي المتجدد ، في ركن “بيضاوي” يحكي عن بطولاته السياسية داخل بعض المقاهي المعروفة بروادها السياسيين المخضرمين المحالين على المعاش .
كنتُ مُحقاً ، فَحَدَسُ المُحِبِّ لوطنه مُنَزَّه ٌعن عبث التَّدَبُّرِ الفِكْرِي ، حينما اقْتَنَعْتُ أنَّ جَرَّ اهتمام الجميع بالشأن الإفريقي ليس مَرَدُّه عودة المملكة المغربية للحصول من جديد على عضوية منظمة الوحدة الإفريقية لمواجهة الجمهورية الصحراوية الوهمية الند للند بما يمثل ذلك (إن حصل) من انتصار الأخيرة سياسياً ودبلوماسياً واعترافٍ ضمني بحقها في التحاور ليس كجماعة للبوليساري وإنما كدولة فاقدة الشرعية الآن ، ولا يدري أحد ما ستصفر عليه السياسة الرسمية للمملكة المغربية بعيدا (في كل تخطيطاتها) عن الشعب المغربي صاحب الشأن أولاً وأخيراً. وإنما الهدف من وراء ذاك الاهتمام ترسيخ وضعية جديدة لتَحَكُّمٍ ، لا يَدُقُّ في نعش الديمقراطية المغربية (إن تواجدت أصلا) آخر مسمار وحسب ، وإنما يؤكد أن لا كلمة تعلو فوق أسمى سلطة في النظام / ومَنْ لم يعجبه ذلك فليشرب من البحر أو يهرب ليسجل نفسه حرفاً من حروف الجر، ليظلَّ مجروراً من عنقه أ أكان الجَوُّ بارداً أو مُحَوَّلاً تحت المذلة الهوان إلى حر.
طبعاً الشعب المغربي في صبره المثالي على كل التجاوزات لم يكن ناسياً أنَّ بعضَ الحكامِ المَسْكُوت عليهم من طرفه، سيصابون بغرور قالت في حقه الأديبة الفرنسية جُورْجْ صَانْدْ ” أنه هدية الطبيعة لذوي النفوس الضعيفة ” ، بل منتظراً مَدَى تحدِّيهم لوجوده كإرادة لا يمكن التقليل بنتائج غضبها (الكاسح لا محالة) متى أدركَ أن الاستهتارَ بمبادئه وصل حداً غير مسموح بتجاوزه ، فحالما يصل أمر هيكلة البرلمان بالتعليمات ، وقبل ذلك اختيار زعماء لرئاسة بعض أحزاب سياسية بالتدخلات ، وبعد التأكد من نتائج الانتخابات يتعرقل مسار تشكيل الحكومة بالمكالمات ، والأكبر والأزيد ممَّا ذٌكر، الفتور السائد عن قصد، المقيد بفترة كافية ليستقيل من يستقيل ويقبل الأرجل بعد اليدين من يريد الانضمام للمقللين من اختيارات الشعب والأخير مترفع عنهم ترفع السماء عن الأرض ورحم الله من عرف قدره. (يتبع)