عبد الرحيم زياد
عبد الرحيم زياد
إنه لمن الجبن والدناءة أن تجد خطيبا مفوها، سواء في الواقع الحقيقي أو على مواقع التواصل الإجتماعي، لا ينفك يتحدث عن محاربة الفساد والفاسدين بينما تصرفاته ومواقفه وقراراته تتماهى مع الفساد المستشري في البلاد وبين العباد،
صلافة تكاد تشكل قاسما مشتركا بين الكثير من المسؤولين والمنتسبين للنخبة السياسية عندنا، فهم خطباء بلغاء ، يجيدون الكلام والتنظير السياسي، ويتقنون صياغة الخطب العصماء، في هجو الفساد والتنديد به، لكنهم وحين يختلون لأنفسهم وشياطينهم، تجدهم مستمتعين ومتماهين مع الفساد، شاربين من كيعانه.وآكلين من كتفه.
إن أي مسؤول كيف ما كان، ومهما كان لونه السياسي، ليس معصوما البتة في تجنب السقوط في الفساد المالي أو السياسي، خصوصا حينما يجد نفسه في موقع مسؤولية تمكنه من مفاتيح صناديق النهب والسلب، حينها ليس المال فقط من يصير رهن إشارته بل الأراضي والإسمنت والحديد والبشر والسيارات ..وما عاف عن السبع وتحاشاه الضبع.
قطعا لاشيء آخر غير شخصية الإنسان، وضميره وتربيته، هي من تجعل المسؤولية تنأى بنفسها عن الوقوع في براثن النهب والنصب،فمهما تمظهر المسؤول والسياسي، بنظافة اليد، وازدحم بالمناكب على الصفوف الأولى في المساجد، فإن ذلك ليس معيارا حقيقيا لحسن سيرته، ونظافة يده و ضميره،
نماذج كثيرة، نعاينها في مجتمعنا ممن هم في مواقع المسؤولية، يتقنون إمتهان السحت، وممارسة القوادة السياسية،يظهرون بمظهر الشرفاء، ويجيدون الحديث في التنظير في الشرف، ويتفنون في قرض أبيات الشعر عن النقاء والنظافة، و يستظهرون ما تيسر من كلام الله والرسول والدين، ومن بديع القوافي عن الفساد ومحاربته، وهم في حقيقة أمرهم أكبر الفاسدين، يبغون الفساد، ويأكلون أموال الناس بالباطل، ويتجارون في سبيل تحقيق مآربهم في كل شيء، في الدين والقيم والبشر، ويسعون لذلك ما استطاعوا لذلك سبيلا ، ولو كان الثمن سرير زوجاتهم وبناتهم.
من نافلة القول في هذا الباب، أن تحتفظ للدين قدسيته ومكانته، وعدم السماح للبعض بتلويثه بالسياسة ،ولنا في العديد من التجارب السياسية في الغرب وغيره، أبلغ الدروس ، وكيف إستطاعت الرقي بشعوبها بفضل ضميرها الحي المتقظ، وحسن التسيير والتدبير، وليس بالانتماء الإثني أو الديني، والحالة هذه فمن الواجب والضرورة أن ينتفض المجتمع ونخبه الثقافية والفكرية والسياسية لتحمي المجتمع وقيمه من السقوط في متاهة هذا التدمير الذاتي الأخلاقي والمعنوي للمعاني السامية للقيم الدينية، ووقف تمدد هذه الضحالة الفكرية والسلوكية،التي تنفق المال وتشتري الذمم، وتنشر النفاق والشقاق بين ما ينبغي ان يكون عليه الانسان وبين ماهو عليه. خدمة لأغراض ومصالح دنيوية وذاتية.
ثمالة الكأس، لا تهم العلاقة التي يربطها الشخص مع السماء، تلك علاقة شخصية، ولا دخل لأي كان فيها، والمهم والأهم هو علاقة الشخص بالمسؤولية وبالأمانة الملقاة على عاتقه،ومدى تقبله للنقد واستعداده للمحاسبة، المحاسبة هنا في الدنيا ثم بعد ذلك في الآخرة، .