الملك محمد السادس يختتم جولة ماراثونية غير مسبوقة وناجحة لـ 5 دول إفريقية

المحرر ـ الرباط

تكتسي الجولة الملكية الماراثونية، التي قام بها جلالة الملك محمد السادس، لخمس دول إفريقية (جنوب السودان وغانا وزامبيا وغينيا وكوت ديفوار) أهمية بالغة على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية والاستراتيجية، وتحمل في طياتها دلالات كبيرة ومهمة، لما تشكله تلك الزيارات من دور محوري مؤثر على مسار العلاقات المغربية مع تلك الدول، في ظل حرص المملكة المغربية على ترسيخ و تنويع شبكة الشراكات الفاعلة مع مختلف دول القارة السمراء.

وتأتي هذه الجولة مثل سابقاتها، الى شرق وغرب وجنوب ووسط القارة، ضمن الحراك السياسي والاقتصادي الكبير الذي يقوده الملك محمد السادس، والتي جعلت من المملكة قوة ومكانة فاعلة في إفريقيا، من خلال تعزيز وبناء علاقات استراتيجية مع مختلف  دولها، وبناء شراكات اقتصاداية قوية معها.

فبعد العودة المظفرة لحضن الإتحاد الافريقي وخطاب العاهل المغربي أمام قمة الاتحاد في اديس ابابا، وفي ظل الظروف السياسية والتحولات والمتغيرات التي تمر بها المنطقة والعالم، حتم على الدول الافريقية أن تتماشى وتتناغم مع رؤية المغرب، وتتجاوب وفق منهجية المصالح المتبادلة، وبناء الشراكات الاقتصادية، والتنموية، لمواجهة التحديات، والتنسيق في المواقف السياسية وتعزيزها لآفاق أكثر قوة ومتانة.

هذه الجولة الملكية، التي انطلقت في 1 فبراير الماضي، جاءت مباشرة بعد حدث عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي خلال القمة الأخيرة في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، عرفت التوقيع على ما لا يقل عن 75 اتفاقية، انضافت إلى الاتفاقيات العديدة التي ترتقي بالمملكة إلى الشريك التجاري والاقتصادي الأول للدول الإفريقية.

وهكذا ، وخلال الزيارة الملكية لدولة جنوب السودان، تم التوقيع على 9 اتفاقيات ثنائية في مجالات مختلفة للتعاون، بالإضافة إلى دعم تشييد عاصمة جديدة لجنوب السودان، كما شكلت الزيارة أول زيارة لزعيم عربي بارز لهذه الدولة، التي تعاني من مشاكل أمنية وسياسية واقتصادية كبيرة.

بعد محطة جوبا، كانت غانا المحطة الثانية من الجولة الملكية، حيث أعطت دفعة قوبة للعلاقات القائمة بين المغرب وغانا، و  كثافة لهذه العلاقات على المستوى الاقتصادي، حيث تم التوقيع على 25 اتفاقية ضمت اتفاقات حكومية وأخرى خاصة بالشراكة بين القطاعين العام والخاص.

 لقد  شكلت الزيارة الرسمية التي قام  بها صاحب الجلالة الملك محمد السادس لدولة زامبيا، إختراقا دبلوماسيا واقتصاديا مغربيا غير مسبوق لمنطقة إفريقيا الجنوبية، و أكدت المصداقية التي باتت تكتسبها، مقاربة التنمية التضامنية التي ما فتئ يدعو إلى تكريسها جلالته في القارة الإفريقية. وكانت أول دخول للمغرب لهذه المنطقة الشاسعة، التي ظلت حسب آراء الخبراء، فضاء مفعما بالوعود. و قد تم خلال هذه الزيارة التوقيع على 19 اتفاقا حكوميا واتفاق شراكة اقتصادية بين البلدين.

زيارة الملك محمد السادس، لدولة غينيا، كانت المرة الثانية التي يزور فيها جلالته هذا البلد الافريقي بعد الأولى التي قام بها جلالته ، وهو ولي العهد عام 1984، وكان لهذه الزيارة بالغ الأثر في توطيد العلاقات العريقة والمتميزة بين البلدين، و فتحت آفاقا أرحب بالنسبة للتعاون الثنائي في مجالات مختلفة، وتعززت بتوقيع 8 اتفاقيات جديدة للتعاون، لاسيما في مجال الفلاحة وتدبير الموارد المائية وتأهيل عاصمة هذا البلد.

و في اطار تعزيز تعاون جنوب-جنوب ثابت ومتعدد الأبعاد، وإرساء شراكة متينة بين المغرب والكوت ديفوار، في أسسها وجوهرية في مضمونها ومتنوعة من حيث الفاعلين فيها، إقام العاهل المغربي بزيارة دولة ساحل العاج، حيث اعطيت الانطلاقة لعدد من المشاريع السوسيو اقتصادية ، و تم التوقيع على 14 اتفاقية شراكة اقتصادية، كفيلة بإضفاء دينامية جديدة على الشراكة الممتازة المغربية الإيفوارية، و أكدت أن التزام الفاعلين الاقتصاديين الخواص في كلا البلدين لفائدة هذه الشراكة دليل على نجاعتها ونجاحها وديمومتها.

جولة الملك محمد السادس التي تختم اليوم الثلاثاء، بأبعادها السياسية والاقتصادية الكبيرة، تفتح صفحة جديدة في سجل الرصيد الثري للعلاقات المغربية الإفريقية، المتجذرة في التاريخ والمتشبثة بالحاضر والمستشرفة للمستقبل. والدليل على ذلك أن الملك لم يكن يصطحب في جولاته الأفريقية “وزراء السيادة”، أو أفراد الحاشية السياسية المقربين، بل كان محاطا في معظم جولاته، بالوزراء ذوي الاختصاص المباشر، والمرتبط بطبيعة الزيارات، وكذا برجال الأعمال الفعليين، سواء من القطاعات الإنتاجية العمومية أو من القطاع الخاص. وهو ما يظهر بقوة في مشاريع التعاون القطاعي والبنى التحتية والنقل والاتصالات وقطاع المصارف والتأمينات وقطاع الصناعات الخفيفة وما سوى ذلك.

ولقد حدد الملك محمد السادس مفاصل هذه المقاربة الجديدة  أمام قمة الاتحاد الافريقي حينما قال: إن “أفريقيا يجب أن تضع الثقة في أفريقيا؛ إنها بحاجة أقل للمعونة، وتحتاج إلى المزيد من الشراكات ذات الفائدة المتبادلة، إنها ليست بحاجة إلى المساعدة الإنسانية، بل إلى مشاريع في التنمية الاقتصادية والاجتماعية”.

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد