عادل قرموطي
أخيرا قرر المغرب العودة الى الاتحاد الافريقي، بعد قطيعة تجاوزت الثلاثة عقود من الزمن، بسبب البوليساريو، هذه القطيعة التي فتحت المجال أمام الجزائر كي تتقوى على المستوى الافريقي، و جعلت الساحة فارغة لها و لصنيعتها صاحبة الخيام البالية، كي تروج للأطروحات الانفصالية بكل أريحية و دون أن تجد من يردع محاولاتها الرامية الى تجزيئ المغرب و جعله منقسما، لغاية اضعافه، و جعله مكونا تابعا لها في جميع المجالات.
و ان كان المغرب قد انسحب من الاتحاد، عندما كان لايزال في سن المراهقة، فان هذا المنتظم القاري، قد اصبح اليوم كيانا يفرض ذاته، يؤثر في السياسات الدولية، بعدما قررت عدد من دول القارة السمراء التحرر من التبعية للقوى التقليدية، في اطار سياسة تبناها الملك محمد السادس، و جعلت من المغرب دولة رائدة بين الدول الداعية الى تقدم القارة الافريقية و تحررها من التبعية لبعض الجهات التي قد تكون سببا غير مباشر في تأخرها و ضعفها.
المجهودات التي بذلها الملك محمد السادس من أجل النهوض بمستوى القارة السمراء، من خلال الزيارات الماراطونية التي كان قد قام بها قبل مدة، و من خلال الاستثمارات التي خصصتها عدد من الجهات بعدد من الدول الافريقية، لا يمكن أن تكتمل الا بعودة المغرب الى الاتحاد الافريقي، و انضمامه الى حلفائه التقليديين داخل هذا التنظيم القاري من جهة، ثم الدفاع عن أفكاره و أطروحاته المتعددة من جهة أخرى، بهدف كسب مزيد من الدعم و التأييد، و توسيع نفوذه و تحالفاته التي قد تجعل منه قوة عظمى و مؤثرةى على الصعيد القاري.
و تشكل الرسالة التي بعث بها الملك محمد السادس الى الاتحاد، ضربة موجعة للجزائر و للبوليساريو، خصوصا و أن جل تحركاتهما ظلت محررة، و لم تجد من يدحضها في ظل الكرسي الشاغر للمغرب، ما يحتم على الجارة الشرقية اعادة حساباتها، و تكثيف الجهود حتى لا يضرب ما ظزلت تروج له طيلة ثلاثة عقود في الصفر، كما أن انضمام المغرب للاتحاد، سيجعله و بفضل سياسته الامنية التي تحولت الى مرجع دولي، قوة افريقية من شأنها أن تساهم في نشر الامن و محاربة الفكر الارهابي المتطرف، عكس الجزائر التي لاتزال نتائجها في هذا المجال تلازم الصفر.
المغرب اليوم، مقبل على فترة تحول، نحو مستقبل زاهر، سيتمثل في رفع اسهمه على المستوى القاري، و سيجعله يخرج عن مبدئ الحلفاء التقليديين، في وقت تتوجه فيه القارة الافريقية بدورها نحو مستقبل افضل، ما سيجعل عددا من الدول تراجع حساباتها بخصوص القضية الوطنية، و تتأكد من أن سياسة التفرقة القائمة بعدد من الدول الافريقية و من بينها المغرب، تعد من بين العوامل المهمة التي تتسبب لقارتنا في الدمار و التخلف، في وقت تتوحد فيه البلدان المتقدمة و تنبذ فيه تجزيء الدول و تقسيمها.
و لو أن أعضاء الاتحاد الافريقي استطاعوا ان يقارنوا بين عدد من الدول الافريقية التي تعيش ضحية لسياسات الشتات و التقسيم كالسودان و مالي و المغرب….، و نظيراتها بأروبا، حيث تتجمع الدول في اطار اتحاد أروبي أذاب الحدود و التأشيرات، سيكتشفون أن تقسيم المغرب الذي يعد بوابة نحو دولهم، لا يمكن أن يدخل الا في مصلحة المد الاستعماري الهادف الى جعل افريقيا سوقا للنخاسة و أرضا للثروات الرخيصة الثمن، خصوصا و أن قوة القلاع و البيوت، تكمن في قوة أبرابها و أبراجها التي يعتبر المغرب واحدا منها.
المغرب و بفضل سياسة الملك محمد السادس، و التي تعتمد بالاساس على عدم التدخل في باقي الدول، و الاهتمام بتعزيز علاقات المملكة مع مختلف الاقطاب، من شأنه أن يفرض نفسه بشكل قوي داخل الاتحاد الافريقي، كما من شأنه أن يساهم في تطوير الدول الاعضاء بشكا أو باخر، خصوصا و أن بلدنا يقع على واجهة بحرية تعتبر بوابة قريبة من اروبا و منفذا على بلاد العم سام.