عن ظاهرة لعب الأطفال في المساجد .. سؤال المسؤولية

المحرر ـ متابعة

في الليلة السادسة من شهر رمضان الحالي، قصدت في وقت مبكر  مسجدا  يتواجد في  حي شعبي  بطنجة  ، وذلك قصد أداء  صلاتي العشاء  والتراويح .

وكان المسجد ما يزال فارغا إلا من بعض المصلين الذين بكروا في القدوم إليه. وحينما اجتزت عتبة المسجد  تهادى إلى مسمعي من الطابق الأول منه  صياح وصخب  الأطفال  ووقع  أقدامهم  وهم يركضون  فيما بدا لي  ويجرون ويثبون.

 واتفق أن جلست بعد أداء صلاة تحية المسجد على مقربة من طفل صغير، وكان غير بعيد عنه يجلس جده الذي كان منكبا على الذكر والاستغفار. وما أن  تصرم  بعض الوقت حتى أبصرت  ذلك الطفل  يحدق في  سقف المسجد ويرهف سمعه  وهو يفرك يديه كأنه يحاول أن ينطلق من عقال ليلتحق بالأطفال …تدانيت  بعد ذلك منه  وهمست في أذنه أسأله  عن  سبب جلبة الأطفال التي تبلغ مسمعنا من  الطابق الأول، فأجابني والحماسة تتبدى على وجهه بأنهم يلعبون كرة القدم.

 والحق أن  جواب الطفل راعني، إذ لم يجر في خاطري أن يلعب الأطفال كرة القدم  في مسجد أمر  الله أن  يرفع ويذكر فيه اسمه. وقبل أن أتم حديثي مع الطفل طرقت مسمعي جلبة   فرفعت على أثرها  رأسي وسددت نظري  نحو مصدرها  فلمحت أطفالا يتدفقون  من درج المسجد وهم يتدافعون في تصايح نحو الباب. ثم  أبصرت  بعد ذلك  القيم على المسجد نازلا خلفهم  ، جاحظ العينين ، مقطب الجبين  وهو يتعقبهم  بقضيب ويهش وينش مهددا و متوعدا.

 ولعل مما استرعى  انتباهي عند نزول الأطفال المصلين  أو بالأحرى عند نزول اللاعبين  هو كثرة  عددهم  ، وكلهم  كانوا من أعمار متقاربة لا يتجاوزون السابعة  إلا واحدا  كان يكبرهم   بسنوات ، ولم تفصح  لي ملامح وجهه وهيأته  بأنه  كان  مشرفا على نشاطهم الرياضي  مما دفعني إلى الاعتقاد ـ والله أعلم ـ   بأنه  شخص  مجنون أو أبله  .

وكان  بعض أولائك الأطفال الصغار يرتدون لباسا رياضيا  ، غير أنه لم يكن من بينهم من يحمل  في يد  كرة. وأغلب الظن أنها صودرت منهم  أو تم حجبها من طرف أحدهم عقب انسحابهم .  و الحقيقة أنني حمدت الله  من جهة  على حضور القيم على  المسجد  في الوقت المناسب لأنه خيل إلي أنه لو كان قد تخلف عن الحضور لكان الطابق الأول من المسجد قد تحول إلى ملعب للقرب . لكنني من جهة أخرى لم أستسغ  الأسلوب الفظ  الذي  تبناه في التعامل معهم  والذي قد ينفر بعضهم من القدوم إلى  المسجد مستقبلا ، وأزعم أنه كان من الأجدى عليه  أن ينهاهم  أولا عما صنعوا ثم  يجمعهم  بعد ذلك ويخصهم بكلمة  مقتضبة حول قدسية  المسجد وآداب الحضور إليه   .

 ولنا أن نتساءل بعد هذه الواقعة  حول  المسؤولين عن  انتشار ظاهرة لعب الأطفال في المساجد  خصوصا في شهر  رمضان   ، فهل هم الأطفال   أم الآباء  أم القيمون على المساجد ؟. طبعا لا يختلف اثنان في أن الأطفال الصغار غير المميزين  لا يحاسبون على أفعالهم وبالتالي لا   يمكن  مؤاخذتهم  على جنوحهم نحو اللعب في المساجد لاسيما  إذا  خلا لهم الجو وتهيأت لهم أسباب اللعب واللهو  وكانوا في حل من رفقة أولياء أمورهم .

 لذلك يبقى عبء  المسؤولية قائما  بلا ريب على عاتق الآباء  بالدرجة الأول . فهؤلاء   عليهم أن  يصطحبوا  أطفالهم إلى المساجد إن تسنى لهم ذلك وأن  يلقنوهم  آداب الدخول إليها  إن أرسلوهم لوحدهم  ، كما أن المسؤولية  لا يستثنى من تحمل جزء منها  القيم على المسجد   الذي عليه أن يتحلى باليقظة   في  الشهر الفضيل ويحرص على التواجد المستمر بالمسجد  لاسيما وأن مختلف الأحياء الشعبية  في مدينة طنجة   تعاني من نقص في ملاعب القرب و من خصاص في فضاءات  اللهو والترفيه  .

رشيد بن الحاج

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد