المحرر الرباط
لايزال الالاف من النشطاء المغاربة، يتداولون على مواقع التواصل الاجتماعي، مضامين الخطاب الملكي السامي، الذي نقل مباشرة على الاعلام الرسمي بمناسبة تخليد المغاربة لذكرى عيد العرش المجيد، و الذي كان بمثابة مفاجأة ملكية للشعب، قرر الخروج من خلالها عن المألوف و ملاسمة الواقع المعاش بعيدا عن لغة الخشب، و عن بروتوكولات الخطابات السياسية.
و من خلال التجاوب الكبير للمغاربة مع خطاب العرش، يتضح أن الملك قد استطاع ملامسة الواقع المعاش، و تمكن بعفويته و صراحته من تشخيص عدد من الامراض التي تقلق راحة المواطن، و تجعله متذمرا من خدمات القطاع العمومي، الذي تداخلت فيه المصالح السياسية و نظيراتها الشخصية، فغابت عنها المصلحة العامة، التي أبان الملك عن عزم كبير في خدمتها.
الخطاب التاريخي، لم يتوجه ككل مرة الى الشعب المغربي، بل كان في شقه الاخر موجها للمسؤولين و السياسيين، و حتى الموظفين العموميين، محدثا بذلك طفرة غير مسبوقة، من خلال وضعه لركائز المواطنة التي يجب أن تتوفر في المواطن و المسؤول على حد سواء، وعبر تذكيره بسمو القانون الذي يسري على جميع المغاربة مهما اختلفت مستويات عيشهم، أو انتماءاتهم الطبقية أو السياسية، و هو ما أعاد التوازن بين الطبقات الاجتماعية، و وضح نظرة جلالته اتجاه جميع مكونات شعبه.
و زيادة على وضع خدمة المواطن ضمن الاولويات، فقد تعمد الملك محمد السادس من خلال خطابه، التلويح الى احتمال استعماله لاختصاصاته الدستورية من اجل تصحيح مجموعة من الامور، ما من شأنه أن يضع سياسيي المغرب الانتهازيين و مسؤوليه المتهاونين في سلة واحدة، قد يتم التخلي عنها في اي وقت، و هو الشيء الذي عزز ثقة الشعب في ملكه و زاده يقينا بأن الملك محمد السادس كان ولازال واقفا في جنبه مستمرا في خدمته، و أن الاختصاصات الدستورية التي صوت عليها بالاجماع لصالح جلالته قد تنفعه اليوم ضد كل مسؤول فاسد لا يهمه الصالح العام.
الملك يعود اليوم برسالة واضحة المعالم، مفادها أن الاحتفالات بعيد العرش، هي مناسبة تخص الملك و الشعب بكل أطيافه، ولا مكان لأي مسؤول فاسد أو سياسي براكماتي فيها، كما أنه أكد للعالم بما لا يدع مجالا للشك، بأن اللحمة التي تجمع الشعب المغربي و العرش العلوي المجيد، تتقوى يوما بعد يوم بفضل تجاوب الملك مع تطلعات شعبه من جهة، و تمسك المغاربة بولي أمرهم من جهة أخرى، و لعل وقوف هذا الاخير بجانب رعيته أكبر دليل على ما سبق ذكره.