عبد الكبير الدادسي
اهتزت مدينة آسفي خلال الأسبوع المنصرم على حدث اختفاء طالبة مهندسة في العشرينيات من عمرها، وتفاعلت شبكات التواصل الاجتماعي والصحافة الورقية والالكترونية بين من يلوم الفتاة ومن يلقي باللوم على مؤسسات التربية والتنشئة الاجتماعية … وبعد تردد كبير في الكتابة حول موضوع اختفاء الطالبة حسناء لـمطيب، وبعد ما تناسل من أحداث وافتراءات ونقل لأخبار تنهش في أعراض الناس وتكيل التهم والأقاويل، كان من المفروض الجلوس والاستماع لحسناء وأسرتها، وفي جلسة حميمية مطولة جمعت أستاذا مع عدد من طالباته السابقات وأسرهن منهن من تتابع دراستها في( كلية الطب/ المدارس الوطنية للتجارة والتسيير (ENCG) المدارس الوطنية للهندسة التطبيقية ( ENSA)) وفي بيت الأستاذ عبد الحق لمطيب مساء يوم الخميس 28 يوليوز 2016 جلست حسناء تحكي لأستاذها تفاصيل قصتها وتطالبه بنشرها لتنوير الرأي العام لأن ما لاكته الألسن فيه بعض الحقائق والكثير من الافتراء خاصة حول أين قضت ليلتها؟ ومن أين لها بنقود التنقل؟ لذلك نحاول أن ننقله تفاصيل تلك الجلسة كما هي عسى أن تساهم في رفع ما التبس متجنبين نشر صور الجلسة احتراما لخصوصية من كان حاضرا (الطالبات وأسرهن ) …
قبل ذلك نشير أن حسناء كانت ولا زالت طالبة مجدة متفوقة في دراستها حاصلة على شهادة الباكالوريا بميزة حسن جدا بمعدل يتجاوز 18 على عشرين شعبة العلوم الفيزيائية وهي الآن تتابع دراستها في سلك المهندسين ENSA آسفي بتفوق …
تحكي حسناء لأستاذها أنها حضرت حفلة زفاف ليلة الأحد 24 يوليوز 2016 وصباح الاثنين توجهت لمعمل الجبس كعادتها في إطار التدريب (Stage) في حافلة المستخدمين دون أن يفارقها إحساس بالذنب وتأنيب الضمير جراء حصولها على نقط متوسطة في مادتين دراسيتين دون باقي المواد التي حصلت فيها على نقط جد ممتازة ، في كل لحظة تعاتب ذاتها وتراها دون مستوى المجهود الذي بذلته أسرتها من أجل تعليمها وأنها دون الثقة الموضوعة فيها ، وبما أنها وحيدة أسرتها تقول : (لا أخ ولا أخت أقاسمه ويقاسمني همومي لم أجد سوى التوجه إلى قبر جدتي التي ربتني ولم تفارقني طيلة حياتي الدراسية) جلست حسناء بجانب القبر وبكت كثيرا وهي تفتش في حقيبتها وجدت خاتما ذهبيا بقي في الحقيبة مع بعض الحلي استعملتها في العرس الذي حضرته نهاية الأسبوع لتختار قرارها بالابتعاد واقتناص لحظة تستمع فيها لذاتها، وبكامل قواها العقلية اتجهت لدى أحد باعة الذهب بآسفي وباعته خاتمها الذهبي بما قدره 1000درهم ، وبما أنها لا تحمل معها وصل شراء الخاتم كتبت له تعهدا فيه اسمها ورقم بطاقتها الوطنية وتخلي مسؤولية البائع من أي متابعة . وهي تعلم عواقب ما قد يترتب عن هذا البيع في حالة وقوع أي حدث لا قدر الله قبيحا .
بعد ذلك اتجهت للمحطة الطرقية واستقلت حافلة (النجم السريع) نزلت بمدينة الجديدة وأخذت فندقا من فئة 4 نجوم قضت فيه ليتلها قي أمن وسلام . وفي الصباح وبمقهى ( لا توليب) جلست وأعدت تقريرا حول التدريب الذي تجريه بمعمل الجبص التابع للافارج بآسفي. كما عرفت الضجة التي أحدثها غيابها عن أسرتها فازداد عليها الضغط خاصة بعد علمها أنها أصبحت مبحوث عنها من طرف الأجهزة الأمنية، لذلك أغلقت هاتفها وقررت مغادرة الجديدة وأخذت القطار نزلت بمحطة الوازيس بالدار البيضاء . وضاق بها المكان ففضلت الرجوع إلى مراكش لأنها تعرف المدينة وحركية جامع الفنا ليلا بالصيف ومن محطة القطار توجهت إلى ساحة جامع الفنا . وعلى إحدى الكراسي جالست امرأة تحدثتا حول أمور الدراسة ووظائف الشباب لتفاجئهما الشرطة السياحية تطلب هويتها في وقت متأخر من الليل ويتأكد رجال الأمن من هويتها وأنها موضوع مذكرة بحث ورافقتها المرأة لتشد عضدها، وتقف معها في محنتها. في حدود الساعة الثالثة صباحا اتصلت شرطة مراكش بالأب الذي سافر في التو إلى المدينة الحمراء وأحضر ابنته سالمة معافاة.
تحكي حسناء واثقة من نفسها نادمة على ما أحدثته لأسرتها ، مؤكدة على أن التجربة أفادتها في حياتها وعلمتها أشياء لا يتعلمها المرء بالنصائح والخطب. كما أكدت لها ثقة أسرتها فيها وأن الظروف التي كانت تعيشها آنئذ أعمتها عن كل العواقب ، وأن كل ما كانت تحتاجه لحظة اتخاذ قرار الابتعاد هو الخلو للذات والاستماع إليها. كان كل صديقاتها يتابعن تفاصيل الحكاية قبل أن تنقلب الجلسة لدردشة تربوية حول علاقة الأبناء بالآباء والضغوط التي يعيشها الأبناء المتفوقون دراسيا والخوف من كسر خواطر الأهل بنقط يبدو لهم دون المستوى المطلوب في وقت يسهر جراها آخرون ولا يستطيعون الظفر بما هو دونها. والأكيد ونحن في أجواء المباريات والامتحانات نسمع عن أسر حصل أبناؤها على معدلات عالية وبميزة حسن جدا تعيش ما يشبه الحداد لأنها كانت تحلم بمعدلات أعلى ليتأكد من تفاصيل الحكاية أن ما تناقلت وسائل الإعلام خاصة الإليكتروني منه في كثير من الأمور التي لا علاقة لها بواقع التجربة …