“احتجاجات العطش” تنذر باتساع أزمة المياه في المغرب

المحرر ـ متابعة

دعا باحثان مغربيان إلى تدبير جيد لقطاع المياه بالمغرب لتفادي أزمة مستقبلا، خصوصا في ظل تحذير تقارير حكومية من هذه الأزمة.

وشدد الباحثان، في حديثين منفصلين للأناضول، على ضرورة إعادة النظر في كيفية استعمال الماء بعدد من القطاعات بما فيها القطاع الزراعي، فضلاً عن اعتماد إستراتيجية لتجاوز أزمة قلة المياه بمدينة زاكورة جنوب شرقي المغرب.

وبحسب معطيات رسمية فإن البلاد تمتلك ما بين 23 مليار متر مكعب في المتوسط سنوياً، ويبلغ العجز السنوي في المياه نحو مليار متر مكعب، فضلاً عن كون البلاد مصنفة ضمن البلدان التي تعاني من نقص في المياه.

ولفت تقرير سابق للمجلس الاقتصادي والاجتماعي بالمغرب ( حكومي) الانتباه إلى “المخاطر التي تهدد جودة واستمرارية الموارد المائية، بسبب الأنشطة البشرية، حيث بلغت مستويات مقلقة، مثل الاستخراج المفرط”.

وفي أكتوبر الماضي، شهدت مدينة زاكورة، احتجاجات للمطالبة بتزويد السكان بماء الشرب، عرفت إعلاميا بـ “احتجاجات العطش”.

وتدخلت السلطات الأمنية، حينها، لفض الاحتجاجات السلمية، واعتقلت 21 شخصا، معظمهم من الشباب.ودعا المهدي لحلو، رئيس الجمعية المغربية للعقد العالمي للماء ، إلى نهج سياسية أخرى لندرة الماء، وعقلنة تدبير الماء والبدء من برنامج البلاد الزراعي.

وحذر لحلو، في حديث للأناضول، مما أسماه “تجاهل مشكلة ندرة المياه بالبلاد”.وأكد “ضرورة أن يتم الأخذ بعين الاعتبار مدى وجود الماء من عدمه ببعض المناطق قبل إطلاق مشاريع في الزراعة، خصوصا أن هذا القطاع يستهلك 80 % من مياه السطحية أو من السدود”.

ولفت الباحث المغربي إلى أن “نسبة المياه التي يتم هدرها بالقطاع الزارعي تبلغ 60 %، وأن إيجاد حلول لهذا المشكلة سوف يساهم في إيجاد حلول لأزمة المياه بعدد من المناطق”.وأشار إلى “ضرورة الاعتماد على الري بالزراعة اعتماداً على التنقيط، على غرار المعمول به في تركيا وإسبانيا”.

وحذر من اندلاع أزمة مياه بعدد المناطق ببلاده، خصوصا في ظل توسع المدن، لافتاً إلى أن بعض المدن تشكو من مشكلة بالمياه مثل سيدي سليمان، واد زم، وتطوان.

من جهته، قال جمال أقشباب، رئيس جمعية أصدقاء البيئة بزاكورة، إن مشكلة الماء بزاكورة كانة مطروحة منذ سنوات، إلا أنها تفاقم خلال السنوات الثلاث الأخيرة، خصوصا في فصل الصيف حيث ينقطع الماء عن الأسر لأكثر من 3 أشهر.

وأضاف أقشباب أن التغييرات المناخية المتمثلة في الجفاف وقلة الأمطار من بين العوامل التي أدت إلى هذه الأزمة، فضلاً عن غياب إرادة لدى الجهات المسؤولة لتدبير هذا الملف.

ولفت إلى ضعف الاستثمارات في قطاع الماء بزاكورة، خصوصا غياب سد مائي أو مشاريع لحفر الآبار .كما لفت إلى أن تشجيع الزراعات التي تستهلك الماء بشكل كبير، خصوصا البطيخ الأحمر، فاقم المشكلة، حيث انتقلت المساحة المزروعة من 2000 هكتار عام 2008 إلى 10 آلاف هكتار حالياً.

وأوضح أن انتشار هذه الزراعة تحقق أرباحاً كبيرة ما تسبب في انتشارها على هذا النحو، مطالباً بالحد من هذه الزراعات التي تستهلك الماء بشكل كبير، والتشجيع الاستثمار في بناء سد مائي.وأبرز ضرورة البحث عن مصادر جديدة للمياه بدل المياه الجوفية، بالنظر إلى قلتها.

من جهتها، رفضت شرفات افيلال، كاتبة الدولة المكلفة بالماء، ما يقال حول عجز الحكومة عن إيجاد الحلول تقضي بتوفير الماء للمواطنين.وأوضحت بمجلس النواب أن “هناك إستراتيجية لإيجاد حلول لندرة المياه ببعض المناطق، وأن مشكل الماء على مستوى مدينة زاكورة في طريقه للحل”.

وأشارت إلى أن بعض دول المنطقة تشهد مشكلة ندرة مياه كذلك، بسبب التقلبات المناخية، مثل البرتغال وإسبانيا وجنوب فرنسا.

وقالت إن الحكومة ستعمل على تشجيع الاستثمار في قطاع الماء خصوصا على مستوى البنية التحتية.وبحسب المسؤولة المغربية، فإن “ندرة المياه في بعض مناطق بلادها يرجع إلى صعوبة نقل المياه إلى السكان بسبب صعوبات الجغرافيا، بالإضافة إلى تراجع تساقط الأمطار خلال السنوات الماضية”.

وقالت إن بلادها تتوفر حاليا على نحو 140 سداً، يصل مخزونها إلى نحو 17 مليار متر مكعب.وكشفت أن بلادها تشيد حاليا 17 سداً كبيراً ستساهم في توفير الماء في بعض المناطق القروية .

وأرجعت ندرة المياه إلى تراجع الأمطار خلال السنتين الأخيرين.، موضحة أن العجز السنوي في المياه يبلغ مليار متر مكعب.مشيرة إلى أن معدل المياه الجوفية سنوياً يبلغ 4 مليارات متر مكعب، ولكن يتم استهلاك نحو 5 مليارات متر معكب، وهو ما يهدد بمشكلة مستقبلا، إذا بقي الأمر على هذا الحال، في إشارة إلى استنزاف الآبار.

ولفت تقرير للمجلس الاقتصادي والاجتماعي بالمغرب  صادر عام 2014 الانتباه إلى المخاطر التي تهدد جودة واستمرارية الموارد المائية، بسبب الأنشطة البشرية، حيث بلغت مستويات مقلقة، مثل الاستخراج المفرط والتلوث.

وقال التقرير إنه يتم استخراج أكثر من 900 مليون متر مكعب من الماء سنويا من المخزونات غير قابلة للتجدد في الفرش المائية بالبلاد.وفي 8 أكتوبر/ تشرين أوّل الجاري، شهدت مدينة زاكورة جنوب شرقي المغرب، احتجاجات للمطالبة بتزويد السكان بماء الشرب، عرفت إعلاميا بـ “احتجاجات العطش”.

وتدخلت السلطات الأمنية، حينها، لفض الاحتجاجات السلمية، واعتقلت 21 شخصا، معظمهم من الشباب.

وقضت محكمة مغربية، أكتوبر الماضي، بالسجن لمدة تتراوح بين شهرين و4 أشهر، بحق 8 أشخاص، بتهمة “إهانة والاعتداء على موظفين حكوميين”، إبان الاحتجاجات.

وأمر محمد السادس، الشهر الماضي، بتشكيل لجنة يترأسها رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، لإيجاد حل لمشكلة ندرة الماء بعدد من مناطق البلد، وخاصة بإقليم زاكورة.

وزارت الوزيرة المكلفة بالماء، شرفات أفيلال، مدينة زاكورة، الشهر الماضي، في أول تحرّك حكومي لوضع حد للاحتجاجات بالمنطقة.

وكالة الأناضول

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد