المحرر ـ عبد الرحيم زياد
اهتزت مدينة بوجدور مؤخرا على وقع سلسلة متتالية من جرائم اغتصاب ضحاياها أطفال، مازالوا يتحسسون خطواتهم نحو مستقبل واعد، قبل أن تمتد أيادي وحوش آدمية ، وتعبث بأجسادهم الصغيرة من دون شفقة أو رحمة، مخلفة وراءها أعطابا اجتماعية معقدة ، تنذر بالخطر.
ففي ظل غياب المعالجة النفسية لجبر الأضرار النفسية الخطيرة التي تخلفها حوادث الإغتصاب، بسبب قلة الوعي لدى أسر الضحايا الأطفال، وبسبب غياب مختصين نفسيين في الإقليم، الشيء الذي يؤهل الضحايا، كي يكونوا فريسة للتأثيرات النفسية ، تنهشهم وتنهش أسرهم، علما أن أغلب الأسر تلجأ في أحيان كثيرة ، إلى السكوت عن الأمر، والتخلي عن متابعة الجناة وتقديم شكاوى ضدهم، تفاديا للفضيحة.
في هذا السياق كشف المنسق الجهوي للهيئة الوطنية لحقوق الإنسان بجهة العيون الساقية الحمراء أن “الهيئة تسجل بكل أسف استفحال ظاهرة الاستغلال الجنسي ضد القاصرين، وتدعوا إلى توفير الحماية اللازمة للأطفال من كل أشكال الاستغلال من تحرش جنسي واغتصاب”
ودعا المتحدث ذاته إلى وضع حد لإفلات المغتصبين والمستغلين جنسيًا ضد الأطفال، ،مشيرا إلى أنه أصبح من الضروري استحضار المعاناة النفسية والاجتماعية للضحايا وعائلاتهم، من خلال تدخل الجاه المعنية وتحمل مسؤولياتها لحماية الأطفال على كل المستويات القانونية، النفسية و الاجتماعية.
من جهته شدد عبد الرحمان خاشي، رئيس مركز بسمة لحماية الطفولة ببوجدور، على ضرورة إشراك جميع مكونات المجتمع من أجل التصدي للظاهرة بعد تسجيل ارتفاع ﻣﻌﺪﻝ ﺍﻹعتداءات ﺍﻟﺠﻨﺴﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻄﺎﻝ ﺍﻷﻃﻔﺎﻝ ﺑﻤﺨﺘﻠﻒ ﻣﻨﺎﻃﻖ الاقليم، مؤكدا على تنديده ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﺠﺮﺍﺋﻢ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻤﺲ ﺷﺮﻳﺤﺔ ﻫﺎﻣﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ، “ﻓﻜﻤﺎ ﻧﻌﻠﻢ ﺃﻃﻔﺎﻝ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻫﻢ ﺟﻴﻞ ﺍﻟﻐﺪ ﻟﻜﻦ ﺍﻹﻏﺘﺼﺎﺏ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﻌﺮﺿﻮﻥ ﻟﻪ ﻳﻮﻣﻴﺎ ﻳﺠﻌﻠﻨﺎ ﻧﺪﻕ ﻧﺎﻗﻮﺱ ﺍﻟﺨﻄﺮ ﻟﻤﺎ ﺁﻝ ﺇﻟﻴﻪ وﺿﻊ ﺍﻟﻄﻔﻮﻟﺔ”.
واستطرد خاشي أن هذه الظاهرة المشينة، تتطلب المزيد من العمل لمحاربتها، والعمل على وضع حد لإفلات المغتصبين من العقاب، مع تطبيق وتشديد العقوبات ضدهم”
في ذات الصدد كشف مصطفى المنعوعي، أستاذ بالتعليم الثانوي، أن ” الظاهرة تستدعي الكثير من الحزم في مواجهتها، كونها لا تخلق فقط منحرفين، ولكن تخلف حالة من اللامبالاة لدى المجتمع، الذي يتخذ وضعية المتفرج” مؤكدا أن “القضاء على ظاهرة العنف لا يمكن أن يكون إلا بوجود مجتمع يحترم مبادئه وقيمه في جميع المجالات”.
فيما يذهب يوسف الغزواني، رئيس جمعية تربوية، الى أن “مثل هذه التصرفات لا يجب أن تفاجئنا، فهي نتيجة طبيعية للظروف التي يعيشها المجتمع المغربي”، مشيرا “أن هذا الأخير يعرف عدة اختلالات نتيجة غياب دور الاسرة في التربية والرعاية وحماية اطفالها ، وهو مايستوجب الرفع من مستوى الوعي لدى هذه الاسر من خلال حملات تحسيسية وتوعية، تتخذ من هذا الموضوع محورا لها”.
مما سبق يظهر جليا أنه ومع تواصل حلقات هذا المسلسل البشع ، وتزايد هذه الجرائم المغتصبة للطفولة والبراءة في المجتمع البوجدوري، فإن الأم يستدعي تعبئة اجتماعية وإعلامية وسياسية كبيرة لفضحها والعمل على الحد منها ، لان اغتصاب الأطفال القاصرين هو إرهاب جديد مسلط على رقاب الأطفالن لذلك ينبغي إثارة الموضوع والتوعية بخطورته، لانه وبكل بساطة لا معنى أن يسجن شخص سنوات قليلة بعدما حطم روحا بريئة، وزرع انكسارا أبديا داخل نفسية طفل، قد يخرج الفاعل بعد ذلك ليكررأفعاله الوحشية نفسها، وقد ينمو ويكبر الطفل/ الضحية، حاملا جرحه وحقده ويتهيأ للانحراف بطريقته الخاصة للانتقام من الجميع، من نفسه ومن مغتصبه ومن مجتمعه الذي لم يقم بحمايته ووقايته .