في يومها العالمي.. المركز المغربي لحقوق الإنسان يطالب بالعمل من أجل تمكين المرأة المكانة اللائقة بها

في اليوم العالمي للمرأة الذي يصادف الثامن من مارس، سلط المركز المغربي لحقوق الإنسان الضوء على اختلالات تضر بمكانة المرأة داخل المجتمع المغربي.

وقال المكتب الوطني للمركز في بلاغ لهل أن المرأة المغربية، تحتفل على غرار نساء العالم، بعيدها السنوي، الموافق ليوم 8 مارس من سنة 2022، تحمل رصيدا متواضعا من المكتسبات، وتتحمل في مقابل ذلك، آلاما ومعاناة في تفاقم مضطرد.

وأضاف البلاغ أنه:”وإذا كان من المنصف التذكير بما تحقق لفائدة المرأة المغربية من مكاسب، على ضوء ما جاء به دستور 2011، عبر الفصل 164 منه، باعتباره خطوة نوعية نحو محاربة كل أشكال التمييز والظلم الذي تتعرض له المرأة، ساهم في تعزيز مكانتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، من خلال مصادقة الحكومة على البرتوكول الاختياري (2012) الملحق باتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (المصادق عليها في 1993)، وكذلك، على ضوء ما قامت به الحكومات المغربية المتعاقبة، في اتجاه تجسيد التزام المغرب بالمبادئ الكونية المتعلقة باحترام حقوق المرأة، إلا أن جملة من النواقص لا زالت تقوض الجهود التشريعية والمبادرات السياسية، وتجلعها ضعيفة إن لم نقل عديمة الفعالية والجدوى في العديد من التجليات، بما يدفع إلى القول بأن السياسات العمومية في مجال احترام حقوق المرأة ببلادنا لا زالت تراوح مكانها، حيث لا زال التنزيل الفعلي لمقتضيات الدستور المغربي، ذات الصلة بحقوق المرأة، والذي يتجلى في إصدار وتفعيل القوانين المعززة لمكانة المرأة وتمكينها من حقوقها وحماية كينونتها، كما يبدو أن المغرب لم يجد بعد الطريق الأمثل لتفعيل مقتضيات البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، الذي صادقت عليه الحكومة المغربية في نونبر 2012″.

وتابع البلـاغ:”وعلى ضوء تقييمنا للوضع العام للمرأة المغربية خلال هذه السنة، وما رصدناه من اختلالات تضر بمكانة المرأة داخل المجتمع المغربي، يجدر بنا التذكير بما يلي :
• حسب الإحصائيات الرسمية المتداولة، فإن أكثر من 50% من ضحايا العنف هن نساء، بمن فيهن فتيات قاصرات، كما أن العنف الأسري يشكل نسبة كبيرة منه.
• كما أن الكثير من النساء يعانين من تعسف واضطهاد ولامبالاة أثناء تقدمهن بشكايات أمام المؤسسات المكلفة بإنفاذ القانون، بخصوص ما يتعرضن له من تعنيف، سواء العنف الأسري أو داخل أماكن عملهن أو في محيطهن الاجتماعي، وهو ما يعكس البون الشاسع بين الواقع المؤلم والمرير وما يتم الترويج له من مكتسبات تشريعية وقانونية لفائدة المرأة المغربية.
• إن مواقع التواصل الاجتماعي وبعض المواقع الإعلامية، أصبحت تعج بصور سلبية ومنحطة لوضعية المرأة المغربية، بل إن هاجس التربح وجلب أكبر عدد من المشاهدات بات مبررا كافيا للدوس على كل القيم، فتتورط بعض النساء في تصريحات أو في مشاهد فاضحة، تؤثر بشكل خطير على حياتهن فيما بعد وعلى علاقتهن بمحيطهن الأسري والاجتماعي، بسبب سوء تقدير العواقب، دون أن يكون هناك من رادع إزاء هذه السلوكيات.
• إن المرأة المغربية، خاصة في المناطق النائية لا زالت ضحية ممارسات بائدة، غالبا ما تكون سبب التعاسة والبؤس اللذان يرافقانها في مستقبلها، كزواج القاصرات وزواج الفاتحة والهدر المدرسي والأمية والعنف الأسري وزنا المحارم والاغتصاب، في ظل ضعف الولوج إلى القضاء، بل وعدم الإنصاف بالرغم من ولوج بعضهن إلى القضاء.
• إن النساء المطلقات، خاصة عديمات الدخل، يجدن صعوبة في تنفيذ أحكام النفقة في حق أزواجهن السابقين، بل إن الكثير منهن تصدر ضدهن أحكاما بالإفراغ من بيت الزوجية، مع العلم أن لهن أطفالا صغارا من تلك العلاقة الزوجية، ولا يجدن من ينصت إليهن، في ظل ثغرات قانونية فادحة، لا تراعي كرامة ومصير المطلقة وأبنائها.
• إن ظاهرة الطلاق في صفوف النساء، التي شهدت تفاقما مضطردا خلال السنين الأخيرة، وما يستتبعه من تفكك أسري، يؤدي إلى سقوط المرأة في وضعية الهشاشة، ينعكس بشكل مباشر في التأثير النفسي المدمر للأطفال ضحايا هذا التفكك، وما يرافقه من إهمال في التربية والرعاية، بل في تعريض أولئك الأطفال إلى التعنيف منذ نعومة أظفارهم، وهو ما يفسر جنوح نسبة كبيرة من هؤلاء الأطفال، ونمو النزعة العدوانية والعنف في نفوسهم، وميلهم إلى ارتكاب الجرائم المفزعة، بحيث على سبيل التذكير، فإن سبب سقوط أكثر من 90 بالمائة من المجرمين في براثن الإجرام يعود إلى القمع والعنف الذي تعرضت له أمهاتهم، لتنغرس شظاياه في نفوسهم وتترك فيها جروحا عميقة لا تندمل، فتربي فيهم نزوعا إجراميا نحو المجتمع ككل.
• إن ما تعانيه المرأة المغربية، ليؤكد بما لا يدع مجالا للشك، بأن الحماية القانونية والاجتماعية للمرأة المغربية أمل لا زال بعيد المنال ببلادنا، بالرغم من بعض المحاولات لتجميل هذا الواقع المر.

وبناء على كل هاته الإحصائيات، طالب المركز المغربي لحقوق الإنسان من الدولة المغربية  بتوضيح رؤيتها حول التزامها السياسي والقانوني من أجل صون كرامة المرأة المغربية وتفعيل ذلك على أرض الواقع.
كما طالب بتنزيل مقتضيات الدستور، من أجل تجسيد التزاماتها الوطنية والدولية، في سبيل تكريس احترام حقوق المرأة المغربية.
كما دعا إلى تفعيل مبدأ الحماية الاجتماعية والاقتصادية للمرأة المغربية، خاصة أولئك اللواتي يعشن في وضعية هشة.
وطالب أيضا القضاء المغربي بتفعيل السلطة التقديرية، التي يتمتع بها السادة القضاة من أجل مراعاة حقوق المرأة، بدل الارتكان إلى مقتضيات قانونية، خاصة أثناء مسطرة الطلاق والتطليق، مراعاة لمصير المرأة المطلقة وأبنائها.
وطالب الحركة الحقوقية والنخب السياسية المغربية بالعمل من أجل تمكين المرأة المكانة اللائقة بها، ضمانا لحق المساواة والإنصاف.
كما دعا إلى تمكين المرأة المغربية، في القرى والمناطق النائية، من شروط العيش الكريم، وذلك من خلال :
✓ إحداث مراكز صحية خاصة بالنساء، بدل إجبارهن على قطع مئات الكيلومترات، عبر مسالك وعرة، لأجل الولادة أو للعلاج.
✓ تمكينها من حق التعلم وتوفير الشروط المناسبة للوصول إلى مراتب علمية تليق بمكانتها في المجتمع، بدل تركها للإكراهات الاجتماعية التي تتسبب لها في الهدر المدرسي المبكر.
✓ إحداث مراكز للتوعية والتحسيس لفائدة المرأة في وضعية هشة، ومراقبة أدائها، وتصحيح وتقويم مسار بعض مراكز المرأة في وضعية صعبة، حيث أننا وقفنا على حالات كثيرة زاغ المكلفون بها عن الأهداف المسطرة لهم في تدبيرها.
✓ تنفيذ سياسات تمكن المرأة من التمييز الإيجابي، الذي يقدر خصوصيتها وخصوصية دورها في المجتمع، ويخفف عنها الأعباء الكثيرة التي تتحملها دفعة واحدة، في ظل مجتمع لا زالت تطغى عليه العقلية الذكورية.

 

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد