سجلت المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان أن تقرير منظمة العفو الدولية (أمنيستي) بشأن الأحداث التي عرفتها نقطة العبور الناظور – مليلية، بتاريخ 24 يونيو 2022، “منحاز ومحكوم بمصدر أحادي الجانب”، كما يفتقد لـ”الموضوعية والحياد الواجب احترامهما” .
وأوضحت المندوبية، في بيان لها اليوم الخميس، أنها “تسجل، مرة أخرى، مواصلة منظمة العفو الدولية (أمنيستي) حملاتها المضادة لبلادنا، من خلال تقريرها الصادر بتاريخ 13 دجنبر 2022، في شأن الأحداث التي عرفتها نقطة العبور الناظور – مليلية، بتاريخ 24 يونيو 2022، التقرير المنحاز والمحكوم بمصدر أحادي الجانب، والذي تفتقد ادعاءاته لأي دليل يدعمه، وللموضوعية والحياد الواجب احترامهما، كتقاليد عريقة في عمل المنظمات الدولية غير الحكومية العاملة في مجال حقوق الإنسان”.
واستغربت المندوبية الوزارية اعتماد منظمة “أمنيستي”، في مصادرها، على ثلاث جمعيات، “واحدة معروفة بمواقفها السياسية الراديكالية، التي لا تؤهلها للقيام بتحقيق محايد ونزيه، والثانية معروفة بمعاداتها للوحدة الترابية للمملكة المغربية، فضلا عن أنه ليس لها أي علاقة بموضوع ومكان الأحداث، والثالثة لم تجر بدورها أي بحث حول الموضوع”.
وبذلك، يضيف البيان، يكون “مصدر علم +أمنيستي+ مختلا منذ المنطلق، ولا يسع المندوبية الوزارية أمام هذا الوضع إلا أن تعرض عيوب تقرير المنظمة، الذي تنهار معه واقعيا ومهنيا الادعاءات المثارة والقراءات التعسفية والنتائج المغلوطة التي انتهت إليها”.
وتتمثل هذه العيوب، بحسب المندوبية، في “تجاهل منظمة ‘أمنيستي’، بطريقة مريبة، المعطيات الواردة في جواب السلطات العمومية حول الأحداث، تفاعلا مع الإجراءات الخاصة الأممية التابعة لمجلس حقوق الإنسان، والمنشور بتاريخ 12 شتنبر 2022، فضلا عن اكتفائها بإجراء زيارة لمدينة مليلية لمدة خمسة أيام دون أن تصل إلى معطيات تعزز مزاعمها، ما جعلها تبحث عنها لدى جهات أخرى، ومن هنا كان لجوؤها إلى المصادر سالفة الذكر المطعون في حيادها”.
كما سعت المنظمة الدولية في تقريرها إلى الرفع من أعداد الضحايا، دون أن تكون مسنودة أو متطابقة مع نتائج تحريات أو مع وثائق لها حجيتها، بالإضافة إلى ادعاءها أنها “أجرت مقابلة مع من تعتبرهم ضحايا، وقد تناقضت في ذلك بخصوص عدد من قابلتهم، كما أن إفاداتها بخصوصهم ظلت مبتورة”، وفق المصدر ذاته.
وأشارت المندوبية إلى أن “التقرير يزداد ضعفا في مصداقيته عندما تعاطت المنظمة المذكورة مع موضوع الوفيات، حيث لم تتمكن من الوقوف على العدد الفعلي، لأنها لم تقم بعمل ميداني”، مضيفة أن “عيوب التقرير تتضاعف عندما أثارت المنظمة من سمتهم ضحايا الاختفاء القسري، مطلقة بذلك ادعاءات تتناقض والمتعارف عليه عالميا حول الموضوع، بحيث لم تقدم الحالات المزعومة وما يتعلق بالعناصر المساعدة على كشفها”.
وسجلت الهيئة الوزارية ذاتها أن “أمنيستي” شككت، “على نحو مثير للاستغراب والقلق في المعطيات الواردة في تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان، الصادر بتاريخ 13 يوليوز 2022، دون أن تفندها بمعطيات مستخلصة من تحقيق مهني نزيه، علما أنه تم انتداب لجنة استطلاعية من طرف هذه المؤسسة الوطنية، حيث قامت بزيارة ميدانية للمستشفى ومستودع الأموات، في إطار تجميع وقائع ومعطيات حول الأحداث، وعقدت عدة لقاءات واجتماعات مع ممثلي السلطات العمومية بمدينة الناظور، كما قامت بزيارات ميدانية إلى مكان الواقعة والمنطقة المحاذية له”.
وأبرزت المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان أنها لا تملك، في ضوء كل ما سبق ذكره، إلا أن تعبر عن بالغ أسفها “لكون ‘أمنيستي’، التي لطالما ادعت الموضوعية وعجزت عن إتيان حججها في ما تدعيه، اكتفت بخصوص الأحداث بأخبار مشكوك في مصداقيتها، واقتصرت على انتقاء وتقديم شهادات فردية وأحادية بشأن تجاوزات مدعاة، دون أي دليل أو إثبات يدعمها”، وشددت على أن المنظمة المذكورة “لم تحترم الحياد المهني المطلوب، تحليلا ومقارنة، أثناء التعامل مع المعطيات التي قدمتها السلطات المغربية بخصوص حرص قوات حفظ النظام العام على القيام بواجباتها في التصدي لهجوم خطير من قبل ما يقرب من 2000 مرشح للهجرة غير النظامية، وبعدما تلقى محرضوهم، ضمنهم، تدريبات على الاختراق واستخدام العنف، وأبدوا عنفا غير مسبوق ضد هذه القوات، باستخدام أسلحة بيضاء وحجارة وهراوات أثناء محاولتهم التسلل بالقوة نحو نقطة عبور الممر الضيق “Barrio Chino”، المؤدية إلى جيب مليلية، حيث نفذوا هجومهم من خلال مجموعات، وفق تنظيم شبيه بالميليشيات، وتسلقوا السياج، مصرين على المرور بعنف اتجاه مليلية، مخالفين في ذلك كل المتعارف عليه دوليا في ما يخص احترام الأمن القومي للدول”، مردفة: “يجدر التذكير بأن كل الاعتقالات التي تمت كانت بسبب ارتكاب المعتقلين أفعالا مجرمة قانونا”.
وسجل المصدر ذاته، في هذا الصدد، أن هذا الهجوم “تسبب في وفاة 23 مرشحا للهجرة، وفي إصابات جسمانية في صفوف المهاجرين وقوات حفظ النظام العام”، مضيفا: “أوضحت السلطات العمومية ذلك في جوابها عن البلاغ المشترك للإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الإنسان، الذي أصرت ‘أمنيستي’ على تجاهله، مثلما تجاهلت أمر السلطات القضائية المختصة بإجراء بحث شامل، مازال جاريا”.
كما ذكرت المندوبية الوزارية بأنه سبق أن “أكدت السلطات العمومية أنه رغم مواجهة قوات حفظ النظام العام للعصابات المسلحة فإنها لم تلجأ إلى استخدام الذخيرة الحية، واختارت التصدي بوسائل قانونية متناسبة رغم خطورة الهجوم”، متابعة: “خلصت نتائج البحث بخصوص الوفيات إلى أن سببها كان بفعل الهجوم الجماعي للمشاركين على السياج الحديدي وسقوط بعضهم على بعض، وهو الأمر الذي أكده الموقوفون على خلفية هذه الأحداث، وأكده أيضا تقرير اللجنة الاستطلاعية للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، وبالمقابل، لا تملك ‘أمنيستي’ أمام ذلك سوى التشكيك”.
وأردفت الجهة ذاتها بأن “قوات حفظ النظام العام حرصت، في تدبيرها هذه الأحداث، على استخدام القوة بشكل متناسب في إطار الضوابط القانونية والشرعية ومتطلبات حفظ النظام العام والأمن العمومي وحماية حقوق الإنسان”، مشيرة إلى أن “السلطات العمومية واصلت تحمل مسؤولياتها بإجراء الخبرات العلمية اللازمة، وفق قواعد الطب الشرعي المنسجمة مع البروتوكولات الدولية، التي أفضت إلى إثبات أن: التشريح الطبي المنجز على الجثث أظهر أن الوفاة كانت بسبب الاختناق الميكانيكي الذي يمكن أن يكون متوافقا مع ضغط الصدر الخارجي”.
واعتبر بيان المندوبية أن “أمنيستي لم تعر، بسبب نهج تقريرها المفتقد للمهنية، في مستوى أول، أي اهتمام لهذا الإجراء القانوني بالغ الأهمية المتخذ بشأن إجراء التشريح، ولما انتهى إليه المجلس الوطني لحقوق الإنسان، في مستوى ثان، من خلال تقرير لجنته الاستطلاعية، حين اعتبر أن الوفيات المسجلة نتجت عن الاختناق الميكانيكي والتدافع والازدحام والسقوط من أعلى سور السياج، وبفعل ضيق الفضاء وتكدس عدد كبير من المهاجرين في الباحة الضيقة للمعبر الذي كانت أبوابه مغلقة بإحكام”.
وذكر البيان أن السلطات العمومية “واصلت تحمل مسؤولياتها في نطاق القانون والتزامات بلادنا في مجال حقوق الإنسان، ببذل أقصى الجهود في ما يخص عملية تحديد هوية جثث الضحايا، من خلال أخذ عينات الحمض النووي وبصمات الأصابع من رفات الضحايا لتسهيل التعرف عليهم، في تنسيق وثيق مع السلطات المعنية وطنيا، وعلى الصعيد الدولي مع الإنتربول، بمنطقتي شمال إفريقيا والشرق الأوسط وإفريقيا”.
وقامت السلطات العمومية، حسب المصدر ذاته، بـ”تقديم المساعدات الطبية اللازمة، في الوقت المناسب، للجرحى والمصابين، سواء في صفوف الأشخاص الذين شاركوا في الهجوم أو من بين عناصر قوات حفظ النظام العام، حيث تم تسجيل 140 إصابة بجروح متفاوتة في صفوف هذه القوات، وهو ضعف الرقم الذي تم تسجيله في صفوف المشاركين في الهجوم، أي 70 إصابة”، وزاد: “إسعاف الضحايا هذا لم تقدره نهائيا ‘أمنيستي’، كإسعاف في إطار العون العاجل، الذي توليه الأدبيات الحقوقية العريقة المتعارف عليها عالميا عناية خاصة في كل تحقيق مهني نزيه وموضوعي في مجال حقوق الإنسان”.
كما قامت السلطات العمومية، يضيف المصدر، بـ”منح تسهيلات لدبلوماسيين معتمدين من أجل زيارة مستودع الأموات في إطار تيسير عملية التعرف على جثث الضحايا، وكذا تزويدهم بمعلومات ووثائق وتمكينهم من الولوج إلى السجون والاستعلام عن أوضاع المعتقلين، وكذا للمستشفى للوقوف على الحالة الصحية لمواطنيهم المصابين جراء الهجوم المذكور”.
وخلصت المندوبية الوزارية إلى أنه لا يسعها إلا أن تذكر “أمنيستي” بأن ما يتعلق بادعاء الإعادة القسرية وإبعاد المهاجرين يبقى عاريا عن الصحة، إذ “لم تتم بالمرة إعادة أي شخص عقب هذه الأحداث، كما أن المملكة المغربية ملتزمة بمبدأ عدم الإعادة القسرية، حيث تفضل طرقا بديلة من خلال إما تنظيم العودة الطوعية للمهاجرين أو بتيسير سبل اندماجهم بالنسيج المجتمعي المغربي، فضلا عن تسوية الوضعية القانونية للآلاف من المهاجرين وطالبي اللجوء”.
وسجلت الهيئة ذاتها أن كل ذلك يجري “في إطار احترام المملكة المغربية التزاماتها الدولية في مجال حماية المهاجرين واللاجئين من جهة، وفي مجال التصدي لشبكات الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين من جهة أخرى”.
واستطرد البيان: “لا يسع المندوبية الوزارية إلا أن تذكر “أمنيستي” بتجاهل نهج تقريرها ما يتعلق بأوجه التقدم المحرز، كعنصر أساسي في تقييم سياسة حقوق الإنسان، كما هو متعارف عليه عالميا، والتي تهم علاقة بموضوعنا الدور الريادي للمملكة المغربية في تدبير قضايا الهجرة واللجوء، والجهود في مجال الإدماج على جميع المستويات، والتي كانت موضوع إشادة وتنويه من قبل عدد من الجهات”.
كما أكدت المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان أنه بناء على ما ورد في هذا البيان فإن “تقرير +أمنيستي+ مرفوض شكلا وموضوعا”.