أسدل الستار على أطول وأسوأ حملة انتخابية أمريكية، شهدت الكثير من الشتائم والفضائح والبذاءة؛ بانتخاب “سيئ السمعة”، دونالد ترامب رئيساً، محطماً كل التوقعات التي تنبأت بهزيمته.
وفاز المرشح الجمهوري دونالد ترامب بالأصوات اللازمة لإعلانه رئيساً للولايات المتحدة، الأربعاء، ليصبح الرئيس الخامس والأربعين، خلفاً للديمقراطي باراك أوباما.
وخالف ترامب كل التوقعات، وحصل على أكثر من 270 من الأصوات الإجمالية البالغة 538 صوتاً للفوز بمنصب الرئاسة الأمريكية.
وفاز ترامب في ولايات ميشيغان، وأريزونا، وجورجيا، ويسكنسن، وأيوا، وفلوريدا، ونورث كارولينا، ويوتاه، وأيداهو، وأوهايو، وكنتاكي، وإنديانا، وفرجينيا الغربية، وكارولاينا الجنوبية، ومسيسيبي، وتينيسي، وألاباما، ووايومينغ، وتكساس، وداكوتا الجنوبية، وداكوتا الشمالية، ونبراسكا، وأركنساس، ومونتانا.
بينما فازت كلينتون في ولايات فيرجينيا، وماساشوستس، وميريلاند، ونيوجيرسي، وديلاوير، ورود آيلاند، وإلينوي، ونيويورك، وكونكتيكت، وكاليفورنيا.
لم يعرف عن ترامب أي تاريخ سياسي، بل اشتهر بعنصريَّته التي تميل للفاشية، وبتصريحاته التي تخرج كثيراً عن السياق المطلوب لرجل سياسي، بل وعن قيم بلاده التي تنادي بها وقامت عليها؛ كالحرية والعدالة والمساواة.
ولد دونالد جون ترامب، صاحب تسريحة الشعر الغريبة والشهيرة، في ضاحية كوينز في نيويورك في 14 يونيو/حزيران 1946.
أدرك والداه حين كان صبياً أنه مفرط في النشاط، فقاما بإلحاقه بكلية عسكرية ليتمكن من توجيه طاقاته بشكل أفضل.
اقتحم ترامب دنيا المال والأعمال بمفرده عام 1983، حيث بدأ بالاستثمار في قطاع العقارات وتشييد ناطحات السحاب، يلقبه الأمريكيون “الدونالد” الشهير، وأصبحت تسريحة شعره رمزاً للنجاح في الأعمال خلال الثمانينات.
يحب ترامب حياة الأضواء، لذلك قدم لمدة 12 عاماً برنامج تلفزيون الواقع “ذي أبرنتيس”، حيث أجرى اختبارات لعدد من المرشحين للالتحاق بشركاته العملاقة، وعرفه الجميع بعبارته الشهيرة “أنت مطرود”، ما رفع شعبيته لدى قسم كبير من الأمريكيين، وكان ذلك يسعده.
عرف عنه بأنه “زير نساء”، و”مزواج”، فقد تزوج في 1977 عارضة الأزياء والرياضية التشيكية الأصل إيفانا زلينكوفا، ورزق منها 3 أبناء؛ دونالد ترامب جونيور، إيفنكا وإيريك، قبل أن ينفصل عنها عام 1992.
تزوّج مجدداً في 1993 من الممثلة ومقدمة التلفزيون الأمريكية مارلا آن مابلس، بعد سنة واحدة من طلاقه، ورزق بطفلة.
انفصل الرئيس الأمريكي المنتخب عن زوجته الثانية في العام 1999، وفي عام 2005 تزوج من السلوفانية عارضة الأزياء ميلانيا كنوس، والتي رزق منها بولد اسمه بارون وليام.
لا يحظى الرئيس الأمريكي المنتخب بأي احترام في الأوساط السياسية، وتجلى ذلك بأنه لم يحظَ بأي دعم من الرؤساء الجمهوريين السابقين للولايات المتحدة.
ولطالما حذر السياسيون من عدم أهليته لقيادة الولايات المتحدة، حتى إن سلفه باراك أوباما سخر منه وقال: “إن الرئاسة ليست برنامج توك شو”.
ركب ترامب موجة “الإسلاموفوبيا” المتصاعدة في الولايات المتحدة الأمريكية، واستخدمها وسيلة للترويج لنفسه في الانتخابات الرئاسية؛ إذ دعا إلى مراقبة المساجد في الولايات المتحدة، والتفكير بعمق في إجراء دراسات أمنية بحق المسلمين القاطنين في البلاد في إطار مكافحة “الإرهاب”، كما تفعل دولة الاحتلال الإسرائيلي، التي يصفها بأنها نجحت في مثل هذه القضايا.
كما تعهد ترامب بطرد مليوني مهاجر خلال 100 يوم الأولى من رئاسته، كما تعهد بمنع المسلمين من دخول بلاده، فضلاً عن بناء جدار مع المكسيك لمنع الهجرة غير الشرعية.
وسبق للكاتب الأمريكي دان ميلبانك، أن شبّه ترامب في مقال له بصحيفة واشنطن، بالديكتاتور الإيطالي بنيتو موسوليني، وقال: “إن وجه الشبه بين الاثنين لا يقتصر على الأشياء السطحية، مثل تلويحه الدائم بيده اليمنى، وحديثه عن النجاحات الهائلة، وغباء معارضيه، إنما فاشية واضحة”.
الدكتور خليل جهشان، الخبير في الشؤون الأمريكية، والمدير التنفيذي في المركز العربي في واشنطن، رأى في حديث لـ “الخليج أونلاين”، تفسير صعود ترامب بأنه استغل حالة الغضب التي تنتاب الشارع الأمريكي لتحقيق فوزه.
جهشان ذكر أن “فئة من الشارع الأمريكي ترى أن إدارة أوباما تسببت بحالة انهيار اقتصادي واجتماعي وسياسي؛ بفعل سياساته الليبرالية، لذلك يرون في ترامب الشخص الذي ينهي حالة الانهيار هذه”.
الدكتور جهشان اعتبر انتخاب ترامب مضراً بسمعة الولايات المتحدة ومصداقيتها عالمياً، مبيناً أن “ترامب شخص انتهازي، ورجل أعمال ثري، لديه مواقف يمينية متطرفة، استغل ضعف النظام الانتخابي الأمريكي حالياً، ووجود الغضب لدى الشارع الأمريكي من الحزب الجمهوري والديمقراطي، ليرشح نفسه”.
وأضاف: “بانتخابه ستضعف سمعة الولايات المتحدة، فهي تقدم نفسها للعالم على أنها دولة حريات وحقوق إنسان واحترام أديان، ثم يأتي شخص يخالف كل هذه المبادئ، من ثم ستكون هناك أزمة أخلاقية للبلاد”.
وأشار جهشان إلى أن ترامب لم يقدم خلال حملته أي برنامج سياسي ملموس أو عملي، كل ما قاله “ديماغوجي”، مبيناً أن كل ما تحدث به ترامب “هو تباهيه أمام الناس أنه أفضل مفاوض في تاريخ البشرية”، مشدداً في الوقت نفسه على أنه “ليس جزءاً من الحل، بل هو تعبير لغضب الشارع الأمريكي، وليس حلاً عقلانياً لمشكلاته الكثيرة في جميع المجالات”.