الكاتب : محمد الشمسي
لم تقو الحكومة على كشف السبب الحقيقي وراء الطلوع الصاروخي للأسعار، ففي مستهل ارتفاعها مسحت الحكومة الغلاء في حرب روسيا على أوكرانيا، وزعمت أن كل ما نستورده من الخارج طُبع بالغلاء، لأسباب خارجة عن إرادتها، لكن غلاء الخضر واللحوم والفواكه، وهي مواد مغربية المنشأ، وضع الحكومة في حرج من قولها، وأثبت أنها غير ضابطة”لشغلها” ، فهامت الحكومة مضطربة مترددة ترتجل التصريحات وتتخبط في الاجراءات، تارة تلصق الغلاء بشبح المضاربين وتتوعدهم، وتارة ترمي باللائمة على سنوات الجفاف، وتارة تعلن أن وزراءها سينزلون بثقلهم لإنزال الأسعار إلى حد مقبول، لكن الأسعار لا تقيم وزنا ولا قيمة لجعجعة الحكومة، فهي (أي الأسعار) ماضية في الصعود.
من المسؤول عن فوضى الغلاء الجارفة؟ هل هو قانون العرض والطلب يفرض بنوده و يصدر أحكامه؟ ولماذا لا تصارح الحكومة الشعب بحقيقة ما يدور؟ ثم هل ستستمر الأزمة إلى ما لانهاية؟ أم هي سحابة عابرة؟
إذا كان سبب غلاء أسعار اللحوم والخضروالفواكه يعود للجفاف فعلا، فالأمر فيه لبس كبير يستوجب التفسير، فأولا هذا يعني أننا سنحيا تحت هول نيران هذه الأسعار الى أن يهطل المطر بكميات كافية، في السنوات القادمة، وهذا قد يتأتى وقد لا يتأتى، وثانيا هي ليست سنتنا الأولى أو الخامسة أو العاشرة أو العشرين أو أكثر من ذلك ونحن تحت رحمة الجفاف، فلماذا يسوء الوضع فقط في هذه الأيام، وبهذه الصورة؟ فلأول مرة في تاريخ المغرب يصل ثمن صندوق من البطاطس الى 300 و 350 درهم (ثمن الجُملة)، ومعلوم أن البطاطس من أركان وفرائض مائدة المغربي، ولن نسأل هنا عن انهيار أسطورة وخرافة مخطط المغرب الأخضر ، الذي لم يخطط لهكذا واقع، حتى سافرنا فيه الى البرازيل لنستقدم سلالة أبقار نيلوري التي يتخذها الهندوس آلهة لهم ، بعدما عول مخططنا على سلالات أبقار أوروبية مثل الشاروليز والبلجيكي، فضعف الطالب والمطلوب.
حكومة أخنوش مغلوبة على أمرها، ومرد فشلها وخيبتها، يعود الى عدم تمرسها، وانعدام سابق تجربتها، في تدبير ليس فقط لحظات الشدة والضيق، بل حتى تدبير لحظات الرغد و الرخاء، فليس في الفريق الحكومي الحالي رجال أو نساء مبدعون خبراء، ليضعوا الخطط البديلة، ويبتكروا الحلول، للتخفيف من بشاعة مشهد انهزام المواطن البسيط أمام لقمة عيشه التي علت وباتت في السماء السابعة من فحش الغلاء.
فالناطق الرسمي باسم الحكومة صار مسكينا يبعث على الشفقة، وأسئلة الصحافيين تجلده وتخجله وهو مثل طفل كسول يوم الامتحان يتمتم ويقول أشياء هو نفسه لا يصدقها، ثم إن الدفع بالوزير بنسعيد ليخطب خطابه البئيس، يقوي فرضية أنها حكومة بلا دعائم، فبنسعيد هذا، لا يتقن غير ترديد عبارة الشعبوية، كلما استفسره المستفسرون عن سلاح الحكومة لمواجهة الغلاء، فمثل هذا الرجل يحتار العقل السليم في أهليته لتقلد منصب وزير، كل ذلك يؤكد أن السفينة تغرق دون قوارب النجاة، وأما رئيس الحكومة الذي يفترض فيه أن يكون في الصفوف الأولى لمواجهة العاصفة، فقد توارى عن الأنظار ولم يعد كما كان يصول ويجول 100 قرية ومدينة، فلم يبق من أخنوش سوى طيف رجل.
هزمت الأسعار ومعها الغموض حكومة اخنوش ، وفشلت الحكومة في حماية وتوفير” خبز للشعب”، وعجز أخنوش عن الخروج على الناس بوضوح وشفافية وصدق والتزام ومسؤولية، ليقول لهم ماذا يقع بحق رب السماء؟ ولعل خروجه الفوري وأنصاره للرد على أمين عام حزب اختار” التقلاز من تحت الجلابية” يبرهن على الوضعية الصحية المتدهورة للحكومة.
وخاتمة القول أنه أمام استسلام ما كانت توصف ب”حكومة الأمل”، لم يبق من مبرر لعودة المواطن الى صناديق الاقتراع، فما الجدوى من صداع الانتخابات، الناس تنكوي بحريق الغلاء و الحكومة في سبات ؟؟؟.