قال الدبلوماسي الإيراني السابق، سيد هادي أفقهي، إن”طهران تخلّت بشكل حاسم عن دعم جبهة البوليساريو التي كانت حجر العثرة الأكبر أمام تقريب وجهات النظر وإعادة الدفء للعلاقات بين البلدين”مشيرا إلى أن “إيران والمغرب باتت تحذوهما رغبة قوية أكثر من أي وقت مضى لإعادة العلاقات الدبلوماسية، انسجامًا مع النهج الجديد للسياسة الخارجية الإيرانية التي شهدت تحوّلًا استراتيجيًا في عقيدتها الدبلوماسية”.
وأكد الدبلوماسي الإيراني المقرب من مراكز القرار في طهران في تصريح لجريدة”الصحيفة” المغربية، على أن “احتمالية تطبيع العلاقات بين بلده والرباط باتت شبه أكيدة”، مشدّدا على أن “هذه الخطوة تستند بالأساس لتاريخ العلاقات الثنائية بالغة القدم، فضلا عن سياسة الانفتاح الدبلوماسي التي باتت عقيدة طهران في تعاملها مع الدول سيّما دول الجوار والدول العربية والاسلامية عموما”
وأشار سيد هادي أفقهي إلى أن “طهران قدمت مشاريع لعقد طاولة حوار مع العديد من دول الجوار والدول العربية والإسلامية بما فيها المغرب وهي المبادرة التي بدأت تؤتي أكلها لإزالة الغمامة السوداء التي تطفو فوق سماء العلاقات وتُعكر أجواء وحدة الصف”.
وردًا على سؤال “الصحيفة” بشأن احتمال تبني طهران موقفًا داعمًا لمغربية الصحراء، التي باتت تشكل المعيار الأساسي الذي تعتمد عليه الرباط في قياس مصداقية شركائها الدوليين، خصوصًا في ظل الدينامية المتسارعة التي يشهدها هذا الملف، والتخلي عن دعمها السابق للجبهة سواء ماديًا أو لوجستيًا عبر تسليحها، وهو الدعم الذي طالما كان محور اتهامات مغربية صريحة، أكد الدبلوماسي الإيراني أن “موقف بلاده من البوليساريو يعود إلى مرحلة بداية الثورة الإسلامية، حين جاء الدعم في سياق زمني مختلف، إلا أن الأمور تغيرت بمرور الزمن، وكذلك المواقف”، مشددا على أن “إيران لم تعد، ولن تكون، طرفًا في هذه القضية، انسجامًا مع المبادئ التي وضعتها لتطبيع علاقاتها مع المغرب، والقائمة على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، مع التأكيد على أهمية استقرار المنطقة باعتباره أساسًا للتعاون المستقبلي”.
واعتبر الدبلوماسي الإيراني أن “هذه المبادرة ليست سوى انعكاس للسياسة الجديدة والعقيدة الدبلوماسية المحدثة التي تبنتها طهران مؤخرًا، والقائمة على نهج الانفتاح وتشجيع الحوار مع مختلف الأطراف، وهو النهج الذي حظي بدعم العديد من الدول العربية”، لافتا إلى أن “المغرب يحتل مكانة مميزة في أجندة الدبلوماسية الإيرانية، إذ يُنظر إليه كأحد الشركاء الرئيسيين الذين تسعى طهران لإعادة بناء العلاقات معهم، رغم أن قطع العلاقات لم يكن بمبادرة منها، كما شدد الدبلوماسي السابق على أن المغرب، بما يمتلكه من ثقل إقليمي ومكانة اقتصادية وسياسية بارزة، يستحق أن يكون في صدارة أولويات السياسة الخارجية الإيرانية، مما يجعل إعادة الدفء للعلاقات الثنائية ضرورة استراتيجية”.
وأكد المسؤول الإيراني أن “وزير الخارجية عباس عراقجي، من خلال تبنيه سياسة الانفتاح وتأسيسه لمبدأ التطلع إلى المستقبل، أسهم في إحداث تحول جوهري في العقيدة الدبلوماسية لإيران، مما جعلها أكثر ملاءمة للمرحلة الراهنة”. وأوضح أن “هذا التحول لا يقتصر على تعزيز العلاقات مع الدول العربية والإسلامية ودول الجوار، بل يشمل أيضًا انفتاحًا على الدول الغربية، رغم ما تواجهه هذه الأخيرة من ضغوط مستمرة تمارسها الإدارة الأمريكية واللوبي الإسرائيلي”.
وكانت تقارير إعلامية، قد تحدّثت عن محاولات لطي صفحة القطيعة الدبلوماسية بين المغرب وإيران، مستلهمةً النموذج السعودي الإيراني في التقارب، لإنهاء سنوات من التوتر التي اندلعت إثر اتهام الرباط لطهران بدعم البوليساريو عسكريًا عبر ذراعها اللبناني حزب الله، فيما كان وزير الخارجية الإيراني الأسبق، حسين أمير عبد اللهيان، قد أعرب في وقت سابق عن رغبة بلاده في تطبيع العلاقات مع المغرب، وهي التطورات التي تفتح الباب أمام تساؤلات عميقة حول مدى جدية هذا التقارب المحتمل، وشروطه السياسية، وأبعاده الاستراتيجية في سياق التوازنات الإقليمية بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.