في الوقت الذي يعاني فيه الصحراويون من أزمة إنسانية حقيقية، تكشف التسريبات عن حياة مترفة لقيادات البوليساريو. ففي الوقت الذي يعاني فيه آلاف المدنيين من العطش والجوع، يستمتع إبراهيم غالي بحياة مترفة، حيث خصص مبالغ طائلة لتجديد قصره الشخصي وتوفير حياة فارهة له وللمقربين منه. هذا التناقض الصارخ يكشف الوجه الحقيقي للنظام، ويؤكد أن معاناة الشعب ليست سوى أداة لتحقيق مصالح شخصية ضيقة.
جريدة “الصباح” التي أوردت الخبر، قالت إن زعيم الجبهة ابراهيم غالي خصص مليون أورو لإقامته وتنقلاته داخل المخيم، وبروتوكوله الشخصي، بينما خصص نصف هذا المبلغ لإتمام الأشغال الجارية في قصره، بين القواعد الجزائرية بمحيط تندوف.
و أضاف المصدر ذاته، أنه لم يظهر في موازنة إبراهيم غالي أي مبلغ مخصص للخدمات العمومية، عدا 300 ألف أورو خصصت للطوارئ، وهو ما يعني أن مصيره سيكون أرصدة غالي سيد المصطفى، شقيق إبراهيم غالي، الذي يكلفه بإدارة المخيمات خلال فترات غيابه في رحلاته الاستجمامية، التي يطلق عليها الإعلام الجزائري زيارات رسمية.
وقال مصدر من داخل مكتب أمانة “بوليساريو” للصحيفة المذكورة إنه تم تخصيص مبلغ ثلاثة ملايين أورو لما سمي “إعادة بناء المؤسسات وترميمها”، بعدما تضررت بفعل الأمطار الأخيرة التي أغرقت المخيمات، خصوصا مبنى “الوزارة الأولى ووزارة التعليم”، ومقرات الدرك وما يسمى لواء الاحتياط، علما أن جل مشاريع البناء والترميم داخل المخيمات تشرف عليها شركات جزائرية بالاسم، لكنها مملوكة لقيادات في “بوليساريو”، كما هو الحال بالنسبة إلى القيادي سالم لبصير، الذي يسيطر على مادة الإسمنت في تندوف عبر شركة “صقر الجنوب”، التي يديرها عسكري جزائري متقاعد لصالح ولد لبصير، والأمر ذاته ينطبق على رئيس برلمان “بوليساريو”، “حمة سلامة” الذي يمتلك مخازن مواد البناء بتندوف، وله علاقات واسعة مع تجار الحديد والصلب في ولاية سطيف الجزائرية، حيث يشرف ابنه على عمليات نقل الحديد منها إلى تندوف وله شركة فازت بعدة صفقات خاصة بوزارة الدفاع الجزائرية.
ولم تتوقف مهزلة “بوليساريو” عند هذا الحد تضيف “الصباح”، بل إنها خصصت 7.2 ملايين أورو لما تسميه “برنامج العمل الوطني”، الذي تندرج فيه المؤتمرات والندوات والملتقيات، وكذا الجانب التحريضي، وقد لوحظ أن هذا الرقم زاد عن رقم السنة الماضية بحوالي الثلث، وهو ما يعني أن الحركة تريد التركيز خلال السنة المقبلة على ملف “الأحداث الوطنية”، بالإضافة إلى التحريض، بعدما تراجعت شعبيتها كثيرا خلال السنوات الأخيرة، ولم يعد من بين اهتمامات سكان المخيمات حضور تلك الأحداث، ما سبب للتنظيم السياسي لـ “بوليساريو” الإحراج في الكثير من المناسبات، إذ لاحظ الضيوف حالة عزوف شديدة بين السكان، الذين لم تعد تجذبهم دعاية “بوليساريو”، بل عبروا في الكثير من المناسبات عن رفضهم تبذير أموال المساعدات الموجهة لمخيمات ترزح تحت الفقر.
أما بخصوص الجانب العسكري، فلم يظهر ضمن موازنة قيادة الرابوني، رغم أنها تحاول إقناع العالم بأنها في “حالة حرب”.
ويعتبر جميع المتتبعين لشؤون الرابوني غياب أي أثر لموازنة مليشيات “بوليساريو” المسلحة في الميزانية المقدمة من قبل إبراهيم غالي، دليلا واضحا لسيطرة الجيش الجزائري على مفاصل هذه المليشيات، التي تخضع لتسيير مباشر من قبل ضباط المخابرات الجزائرية المكلفين بملف الصحراء، إذ تشير بعض التقارير الأمنية إلى أن الجزائر ترصد سنويا 24 مليارا لدعم البنى العسكرية للجبهة داخل التراب الجزائري، كما أنها تتكفل بمعاشات العناصر المسلحة الأمنية، التي يتم التداول فيها من خلال الخلية الأمنية التي تشرف على حصار المخيمات بقيادة “السكتور”، تحت قيادة رئيس شعبة الأمن العسكري في الناحية العسكرية الثالثة للجيش الجزائري.
هذه الموازنة ليست فقط دليل إدانة وتعرية في حق كل قادة “بوليساريو”، بل أيضا مسمار في نعش هذا المشروع، ففي كل مرة يوضع التنظيم على محك اختبار مصداقيته أمام ما يسميه “حاضنته الشعبية”، إلا ويفشل في ذلك ويمعن في إظهار جانبه الحقيقي، أي أنه مجرد شبكة من المرتزقة والجياع لا هم لهم سوى الأموال واستغلال معاناة سكان المخيمات بكذبة ووهم الدولة المزعومة، بينما تغيب هموم وآلام الصحراويين في كل مشاريعهم، والأيام المقبلة ستظهر للجميع مدى ضخامة الأموال، التي اكتنزها هؤلاء المرتزقة على ظهور أبرياء مخيمات تندوف.