المحرر الرباط
منذ إطلاق مخطط “المغرب الأزرق”، الذي كان يُروج له كخطة استراتيجية لإصلاح قطاع الصيد البحري وتحقيق التنمية المستدامة، أضحى القطاع في وضعية مثيرة للجدل. فقد تزايدت الانتقادات الموجهة إلى هذا المخطط، خصوصاً في ظل استمرار معاناة المهنيين والصيادين المغاربة، وتفاقم أزمة ندرة الموارد البحرية، التي كانت المملكة تُعتبر سابقاً من أبرز منتجيها، وعلى رأسها سمك السردين.
أزمة ندرة السردين: من التصدير إلى الاستيراد
لطالما كان المغرب من الدول الرائدة في تصدير سمك السردين، وهو منتج يُشكل جزءاً لا يتجزأ من التراث الغذائي للمغاربة. ومع ذلك، يشهد السوق المحلي نقصاً حاداً في هذه المادة الأساسية، حيث أصبح المواطن المغربي يعاني للحصول على كيلوغرام واحد من السردين بأسعار معقولة، في حين تتصاعد شكاوى المهنيين حول تقلص المخزون السمكي بسبب الإفراط في الاستغلال وضعف آليات التنظيم.
فشل في تحقيق الأهداف المعلنة
الكاتبة العامة لقطاع الصيد البحري، زكية الدريوش، التي تعتبر من بين مهندسي تنفيذ مخطط المغرب الأزرق، قدمت وعوداً طموحة بتحقيق أهداف استراتيجية تهدف إلى تعزيز الإنتاجية، استدامة الموارد البحرية، وتحسين أوضاع العاملين في القطاع. غير أن المتابعين للشأن البحري يؤكدون أن هذه الوعود لم تُترجم إلى نتائج ملموسة.
على العكس، تشير المؤشرات الحالية إلى أن المخطط فشل في تحقيق أهدافه الأساسية، إذ تحول المغرب من دولة منتجة ومصدرة للسردين إلى مستورد له من موريتانيا و سينغال. هذا التحول يثير تساؤلات عميقة حول كفاءة التدبير والرقابة في القطاع، ومدى قدرة المخطط على معالجة التحديات الهيكلية التي تواجهه.
انتقادات موجهة إلى إعادة تعيين زكية الدريوش
يُعبر العديد من المهنيين والمختصين في قطاع الصيد البحري عن استغرابهم من إعادة تعيين زكية الدريوش في منصبها الحالي، رغم الانتقادات التي طالت أدائها وسجلها في تسيير القطاع. بعضهم يرى أن القرار يُمثل خطوة غير مبررة من طرف رئيس الحكومة عزيز أخنوش، الذي كان وزيراً للفلاحة والصيد البحري سابقاً، مما يطرح تساؤلات حول الدوافع وراء استمرارها في المنصب رغم ما يصفه البعض بالإخفاقات المتكررة.
ماذا بعد؟
في ظل الوضع الراهن، يبدو أن قطاع الصيد البحري المغربي يحتاج إلى إعادة تقييم شاملة لسياساته واستراتيجياته. من الضروري تطوير مخططات بديلة تعتمد على مبادئ الشفافية والمحاسبة، مع تعزيز الرقابة على استغلال الموارد البحرية وضمان استدامتها.
يبقى الأمل قائماً بأن يُعاد النظر في التعيينات والسياسات الحالية، وأن يُمنح القطاع فرصة جديدة للعودة إلى مسار النمو والإنتاجية، بما يخدم مصالح المواطنين ويُعيد للمغرب مكانته كدولة بحرية رائدة.