بات إلغاء شعيرة عيد الأضحى على طاولة النقاش، رغم قدسيتها بالنسبة إلى فئة كبيرة من المغاربة، بعد تغير مجموعة من المعطيات، في السنوات الأخيرة، وتفاقمت أكثر هذه السنة، خصوصا في ما يتعلق بتداعيات الجفاف وندرة الأمطار، وتراجع القدرة الشرائية للمواطن.
وحسب معطيات أوردتها جريدة “الصباح”، فإن قطيع الأغنام واصل التراجع هذه السنة، وسيفوق نسبة 15 في المائة، المسجلة في السنة الماضية، حسب إحصائيات وزارة الفلاحة والصيد البحري، ما سيفرض مرة أخرى اللجوء إلى الاستيراد.
وحسب المعطيات نفسها، فإن عملية الاستيراد تفرض على الاقتصاد الوطني أعباء مالية كبيرة، بعضها من العملة الصعبة، والبعض الآخر عبارة عن تحفيزات للمستوردين الذين يستفيدون من دعم يصل إلى 500 درهم للخروف الواحد، في ظل غلاء الأغنام، في الأسواق الأوربية، ومصاريف النقل.
وبينما يشير الاتجاه المؤيد لإقامة الشعيرة إلى مساهمتها في إعادة توزيع الدخل الوطني لفائدة الأسر بالعالم القروي، فإن تغير المعطيات في السنوات الأخيرة كسر هذه القاعدة، وساهم في ظهور فئتين أخريين مستفيدتين من الأزمة، “الشناقة” والمربين الكبار، الذين يحتكرون الأضاحي لإعادة بيعها في السوق، والتحكم في أسعارها، وفئة المستوردين، الذي يستفيدون من دعم الدولة، وندرة المنتوج ورمزية المناسبة، وهو ما يستند إليه الطرح الذي يتفهم فكرة إلغاء العيد.
ويصل رقم المعاملات في بيع وشراء الأضحيات والأنشطة الاقتصادية الموازية، حسب المعطيات الرسمية، إلى 12 مليار درهم (1200 مليار سنتيم)، علما أن القسط الأكبر من هذا المبلغ كان يحول إلى مربي الماشية في الوسط القروي، من خلال الأضحيات التي يتم بيعها، قبل أن يتحول إلى جيوب المستوردين و”الشناقة” والمربين الكبار، الذين يحولون الأزمة لصالحهم.
وتفرض ندرة الكلأ وغلاء الأعلاف، وارتفاع تكلفة التسمين، وغياب الدعم من قبل الحكومة، على الكسابة الصغار التخلص من مواشيهم في سن صغيرة، لفائدة المربين الكبار و”الشناقة”، الذين يتولون إعدادها للعيد، مع ما يصاحب ذلك من احتكار وتحكم في الأسعار وتزويد السوق، الأمر الذي حاولت الحكومة التخفيف من آثاره بتشجيع الاستيراد.
ولتعويض النقص الحاصل في القطيع المحلي، والذي لا يستطيع تلبية حاجيات السوق، تدعم الحكومة المستوردين بـ 500 درهم لكل رأس من الغنم، لتحفيزهم على الاستيراد، لهذه المناسبة، التي تستدعي توفير أكثر من 6 ملايين رأس من الغنم والماعز.
وتشكل المناسبة فرصة، أيضا، لشركات القروض من أجل تحسين رقم معاملاتها وجلب زبناء جدد، أو منح قروض جديدة لزبنائها لتمويل مصاريف العيد، ما تكون له انعكاسات أخرى على الأسر، وهو معطى آخر يعتمده دعاة إلغاء “العيد الكبير”.