توصل الديوان الملكي ببرقيتي ولاء وإخلاص مرفوعة إلى الملك محمد السادس من رئيسي مجلس النواب، راشيد الطالبي العلمي، والمستشارين، محمد ولد الرشيد، وذلك بمناسبة اختتام الدورة الأولى من السنة التشريعية الرابعة من الولاية التشريعية الحادية عشرة .
وبهذه المناسبة، أعرب الطالبي العلمي أصالة عن نفسه ونيابة عن أعضاء مجلس النواب عن أعمق وأصدق آيات الولاء والإخلاص للملك، “ضارعين جميعا إلى الله تعالى بأن يمتعكم بموفور الصحة والعافية، ويحيطكم بحفظه وتوفيقه وعنايته، ويسدد خطاكم في سائر المواقف والمبادرات والأعمال”.
ومما جاء في هذه البرقية “إن مجلس النواب وهو يختتم هذه الدورة التشريعية ليستحضر الروح الإيجابية التي طبعت الأداء النيابي من خلال تمثل توجيهاتكم الملكية السامية بخصوص أدوار المؤسسة التشريعية، وحضورها في واجهات العمل البرلماني الإقليمي والجهوي والقاري والدولي، وبالأخص خطابكم المولوي السامي في افتتاح هذه الدورة التشريعية الذي خصصتموه لأولوية قضية وحدتنا الترابية وما تحقق من منجزات ومكاسب استثنائية قوية ومؤثرة بفضل حرصكم وتتبعكم “.
وفي هذا الإطار، أبرز الطالبي العلمي أنه “إضافة إلى مواصلة مهام المجلس الدستورية وأنشطته الداخلية والخارجية، سواء في التشريع أو من حيث مراقبة العمل الحكومي وتقييم السياسات العمومية ومواكبة انشغالات المجتمع وتطلعاته في كافة الميادين والقطاعات، فقد جعلنا من مهامنا على مستوى الدبلوماسية البرلمانية أولوية أخرى متجددة”.
وأضاف رئيس مجلس النواب، في هذه البرقية، “وهكذا، عزز مجلسنا بقوة حضوره الفعال على مستوى البعد الإفريقي، عبر تعميق الروابط البرلمانية في الواجهة الإفريقية الأطلسية، وذلك في إطار مسلسل الدول الإفريقية الأطلسية وفق مبادرتكم ورؤيتكم السامية المتبصرة” بهدف تحويل هذه الواجهة إلى فضاء للتضامن الإنساني، والتكامل الاقتصادي والإشعاع الدولي.
كما حرص المجلس، يضيف الطالبي العلمي، على “الانخراط في كل القضايا التي تحظى باهتمام المنظومة البرلمانية الدولية، وضمنها التحديات المرتبطة بمستقبل البشرية، والتي تهم أمن واستقرار العالم في القرن الحالي. كما واصلنا تمتين حوارنا وعلاقتنا مع مختلف المؤسسات البرلمانية الجهوية والقارية وضمنها البرلمان الأوروبي مشدودين في جميع تحركاتنا إلى الهاجس الوطني المتمثل في الدفاع عن مصالحنا العليا، الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية والثقافية وخدمة قضية وحدتنا الترابية “.
وتابع رئيس مجلس النواب “لقد اتسمت حصيلة هذه الدورة في مجال التشريع بالإضافة إلى ما يميزها عادة باعتبارها دورة الميزانية السنوية من حيث عرض مشروع قانون المالية، وذلك بإقرار عدد وافر من النصوص الأخرى التي تتعلق بالبعد الاجتماعي، والبعد الثقافي والفني وبنظام العدالة، وبحماية التراث الثقافي الوطني، وتوطيد علاقات التعاون مع عدد من البلدان الصديقة، والعلاقات بين الأطراف الاجتماعية، وبالأساس وضع الإطار القانوني لتفعيل مقتضى دستوري أساسي في تنظيم حياتنا الاجتماعية والاقتصادية”.
من جانبه، رفع رئيس مجلس المستشارين، نيابة عن كافة أعضاء المجلس وأصالة عن نفسه، إلى الملك، أسمى آيات الولاء والوفاء والإخلاص، “داعين العلي القدير أن يحفظكم ويرعاكم ويديم عليكم أردية الصحة والعافية، حتى تحققوا لشعبكم الوفي التقدم والازدهار الذي ترضونه والمنزلة العليا التي تتطلعون إليها وتعملون من أجل بلوغها بإيمان صادق وعزيمة ثابتة”.
وسجل أن مجلس المستشارين “ليعتز، بفضل استلهامه الدائم من توجيهاتكم النيرة وتوجهاتكم السديدة، بما حققه خلال هذه الدورة من حصيلة نوعية، في كل مجالات اختصاصه الدستوري، كانت نتاجا للعمل الجماعي الجاد لمختلف مكونات المجلس المعبأة بمحبة وطننا العزيز والإيمان الراسخ بثوابته ومقدساته، والمنخرطة بكل حماس في المسيرة التنموية الشاملة التي تشهدها مختلف ربوع المملكة تحت قيادتكم الرشيدة”.
وأبرز أن الحصيلة التشريعية لهذه الدورة قد تميزت بالمصادقة على عدة نصوص تشريعية بلغ عددها 32 نصا همت مجالات تنظيم علاقات الشغل، والمالية العمومية وتحفيز الاستثمارات، والتنظيم القضائي للمملكة، وقطاع الأدوية والصيدلة، والصناعة السينمائية، بالإضافة إلى عدد من الاتفاقيات الدولية التي أبرمتها المملكة في نطاق تقوية علاقاتها الثنائية والمتعددة الأطراف، وتعزيز موقعها في المنظومة الدولية.
ولفت إلى أن بعض هذه النصوص يتبوأ مكانة الصدارة في الترسانة القانونية المعتمدة في المغرب منذ الاستقلال، وعلى رأسها القانون التنظيمي رقم 97.15 المتعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، الذي تم إقراره في جو برهنت فيه كل مكونات المجلس عن تمسكها بالروح الوطنية العالية والنقاش الجدي والمثمر.
وضمن ما يتصل بحصيلة المجال الرقابي والتقييمي، فقد واصل المجلس القيام بالأدوار المنوطة به دستوريا عبر توظيف أمثل ومعلقن لآلية الأسئلة الشفهية والكتابية والجلسات الشهرية المخصصة للأسئلة المتعلقة بالسياسة العامة، وقد تطرقت في مجملها إلى هواجس وقضايا تستأثر باهتمام المواطنات والمواطنين، في مختلف المجالات الاقتصادية والمالية، والفلاحية والصناعية والاجتماعية، زيادة على مواضيع ذات علاقة وثيقة بالتنظيم الترابي وتأهيل المدن والقرى المغربية وتسريع وتيرة تنزيل الجهوية المتقدمة.
وفي ما يخص تقييم السياسات العمومية، يقول ولد الرشيد، فقد شكل المجلس خلال هذه الدورة مجموعتين موضوعاتيتين، أنيطت بإحداهما مهمة التحضير للجلسة السنوية لمناقشة وتقييم السياسات العمومية في موضوع “السياسات العمومية المرتبطة بالاستثمار والتشغيل”، فيما تم تكليف المجموعة الموضوعاتية الأخرى بإعداد تقرير حول “القضية الوطنية الأولى للمغرب، قضية الوحدة الترابية للمملكة”، بالنظر إلى ما يكتسيه هذا الموضوع من أهمية، انسجاما مع مضامين الخطاب السامي لجلالة الملك بمناسبة افتتاح هذه الدورة.
وبخصوص العلاقة بالمؤسسات الدستورية، فقد واصل المجلس تثمين جسور التعاون البناء والتفاعل المثمر مع باقي المؤسسات الدستورية بالبلاد، ولاسيما مع المجلس الأعلى للحسابات، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، والهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، والهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، والمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي.
وفي نطاق حصيلة عمله الدبلوماسي، يقول ولد الرشيد، احتلت القضية الوطنية الأولى صدارة الاهتمام، “معبئين في الدفاع عنها بالشرعية التاريخية والقانونية وما تعرفه الأقاليم الجنوبية من نهضة تنموية شاملة ومشاركة ديمقراطية واسعة، وكذا بالدعم الدولي المتنامي لمبادراتكم الناجحة ومساعيكم الموفقة، خاصة من لدن الدول والقوى الكبرى ذات التأثير الدولي الوازن”.
من جهة أخرى، أبرز أن “المجلس واصل جهوده الحثيثة لتعزيز المكانة الدولية للمغرب من خلال تنويع علاقاته الثنائية مع مجالس الدول الصديقة والشقيقة، وتقوية حضوره الفاعل في المنظمات والهيئات البرلمانية التي هو عضو فيها، ولاسيما في إفريقيا، العمق الاستراتيجي للمغرب، والفضاء العربي والمتوسطي والأوروبي وأمريكا اللاتينية التي بات فيها لبلادنا إشعاع قوي وسمعة طيبة بفضل ما أثمره نهجكم الدبلوماسي الرصين الذي يتخذه مجلس المستشارين نبراسا له ومنارة يهتدي بها في النهوض بوظيفته المرتبطة بالديبلوماسية البرلمانية”.
وخلص إلى أن مجلس المستشارين، وانطلاقا من مخططه الاستراتيجي للفترة المقبلة، عازم على تكثيف عمله ومضاعفة تحركاته “حتى يكون في مستوى طموحات جلالتكم في أن يكون البرلمان قدوة للمؤسسات في هذا المضمار، وينخرط بالجدية اللازمة، في التوجه الجديد للتعاطي مع قضيتنا الحيوية كما رسمتم معالمه الرئيسية في خطابكم السامي لافتتاح السنة التشريعية الحالية”.