بعد غياب العاهل المغربي عن قمة البحر الميت.. لماذا خيم الصمت على الوفد الدبلوماسي الممثل؟

المحرر ـ متابعة

“الصمت” كان شعار المغرب في القمة العربية العادية الـ28، التي انعقدت، الأربعاء 29 مارس 2017، في منطقة “البحر الميت” جنوب غربي العاصمة الأردنية عمان، لاسيما وأنَّ ملك المغرب محمد بن الحسن الثاني لم يشارك حيث يرى أن القمة قد تحولت إلى ” مناسبات مجاملة” بحسب مراقبون.

وبالرغم من زيارة العاهل الأردني، الملك عبد الله بن الحسين، رئيس القمة العربية، قبل انعقادها بأيام قليلة إلى المغرب، ولقائه بالعاهل المغربي محمد بن الحسن الثاني، فإن الوفد المغربي الذي حضر القمة، التي عقدت مؤخرًا في البحر الميت بالأردن، رأسه وزير الخارجية صلاح الدين مزوار، وغاب عنه ملك البلاد.

غياب ملك المغرب

وكان حضور ملك المغرب متوقعا بشدة في القمة، إذ أعلنت الرئاسة المصرية أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي سيلتقي بالملك محمد السادس في القمة، كما نشرت وكالة الأناضول قبل يومين خبر مشاركة العاهل المغربي، وهو الخبر الذي نشرته مجموعة من وسائل الإعلام المغربية.

ولم يعرف سبب عدم مشاركة العاهل المغربي في القمة، وهل ألغى مشاركته أم لم يكن قد قرّرها أصلا، في ظل غياب معلومة رسمية صادرة عن القصر الملكي المغربي.

وكان المغرب قد اعتذر عن احتضان القمة العربية العادية السابعة والعشرين، بمبرر أن “القمم العربية باتت مفرغة من الفعالية والنجاعة”، قبل أن تتكفل موريتانيا باحتضانها صيف 2016.

وزارة الخارجية المغربية أكدت، حين قررت الاعتذار عن تنظيم القمة العربية التي كان من المفترض أن يحتضنها المغرب في أبريل الماضي، أن “القمة ستكون مجرد مناسبة للمصادقة على توصيات عادية، وإلقاء خطب تعطي انطباعا خاطئا عن الوحدة والتضامن بين دول العالم العربي”.

صمت مغربي

واكتفت الوكالة المغربية الرسمية للأنباء، صباح الأربعاء، بنشر خبر مقتضب يفيد بمشاركة وزير الشؤون الخارجية والتعاون المغربي صلاح الدين مزوار، في أعمال القمة العربية لمناقشة قضايا، بينها القضية الفلسطينية ومبادرة السلام العربية.

وعلى الرغم من عدم حضور الملك محمد السادس القمة، لم يوجه أي كلمة للمشاركين فيها، لذا قررت الرباط هذه المرة مشاركة وفدها الدبلوماسي، بدون أي انتقاد لقرارات القمة والتزام الصمت التام.

متابعة إعلامية باهتة

بموازاة هذا الموقف الرسمي، لم تحظَ أعمال قمة الأردن، بمتابعة كبيرة في الصحافة المغربية، إذ وصف موقع “اليوم 24” الإلكتروني، الواسع الانتشار، المواقف التي تضمنها البيان الختامي للقمة بأنها “متكررة” و”ميتة”.

وذكر الموقع أنه “كما كان متوقعًا، لم تأت القمة العربية الثامنة والعشرون… بأي جديد، حيث كشف بيانها الختامي عن غياب أي جديد في مواقف الاجتماع السنوي للقادة”.

كما لم تنقل وسائل الإعلام المغربية الحدث العربي مباشرة بل اكتفت بنقل الخبر بشكل عادي وضمن النشرة اليومية الخاصة بتغطية الأخبار العربية.

البيان الختامي

وتلا الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، “إعلان عمان”، وتضمن، وفق البيان الختامي، 15 بندًا “توافقيًا”، منها “استمرار العمل على إعادة مفاوضات سلام فلسطينية إسرائيلية جادة وفاعلة، ورفض نقل السفارة الأميركية للقدس”.

وأكد البيان الختامي على “تكثيف العمل لإيجاد حل سلمي للأزمة السورية، والاستمرار بدعم الدول المستضيفة للاجئين السوريين، وتكريس جميع الإمكانات اللازمة للقضاء على العصابات الإرهابية”.

وأعرب عن “القلق إزاء تنامي ظاهرة الإسلاموفوبيا، ومحاولات الربط بين الدين الإسلامي الحنيف والإرهاب، بالإضافة إلى الحرص على بناء علاقات حسن الجوار، والتعاون مع دول الجوار العربي، والتأكيد على سيادة دولة الإمارات على جزرها الثلاث واستعادة سيادتها من إيران”.

تغيير الاستراتيجية

ويرى المحلل السياسي المغربي سعيد الخمري، أن “المغرب أصبح يعمل في استراتيجيته الداخلية بعمق إفريقي أكثر منه نحو العالم العربي”.

وأوضح أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحسن الثاني، أن المغرب اتجه في سياسته الخارجية “نحو إفريقيا؛ إذ نلاحظ أنه منذ السنوات الأخيرة، أضحى التركيز الشديد على إفريقيا، سواء في بُعدها الاقتصادي أو الثقافي والهوياتي”.

وأكد الخمري في تصريح للصحف، أن “الأكيد أن المغرب لم يغب عن القمة، لكن على مستوى رئيس الدولة فإن اهتمامات الدبلوماسية متوجهة نحو إفريقيا؛ إذ إن العلاقات المغربية الأوروبية تظل ثابتة، لكن سيكون المدخل لتوجه الخارجية المغربية هو إفريقيا، خاصة بعد عودته إلى الاتحاد الإفريقي وانخراطه اقتصاديًا في أكثر من دولة بمشاريع مهيكلة، فضلًا عن ملف مواجهة التطرف والإرهاب”.

توجهات جديدة

ومن جهته اعتبر الدكتور إدريس لكريني، مدير مركز البحوث والدّراسات الدوليّة حول إدارة الأزمات، غياب الملك عن القمة العربية بالأردن “لا يعكس رغبة المغرب في التغطية على الأمور الداخلية للبلد”، مستدلًا على ذلك بكون هذا الأمر “ليس موقفًا جديدًا؛ إذ إنه مع استحضار السياسة الخارجية المغربية في العقد الأخير، نجد أن هناك دينامية وتوجهات جديدة، مرتبطة بتعزيز العلاقات المغربية على مستوى جنوب-جنوب، والانفتاح على روسيا والصين، والتعامل مع الاتحاد الأوروبي بخطاب آخر، وكذا انفتاحه على إفريقيا”.

وأوضح لكريني، أن المغرب ينهج حاليًا “سياسة براغماتية، مبنية على معادلة الربح والخسارة”، مشيرًا إلى أن “السياسة الخارجية لا تبنى على كثرة التحركات والمواقف والشعارات، وإنما على المردودية بمفهومها الاقتصادي”.

في بيئة تحفها المظاهر والترف، والوفود الطويلة العريضة، والاستقبالات الحافلة، امتدت قمم الجامعة العربية منذ تأسيسها دون تسجيل تحرك عربي مشترك يوقف ما تستنكره الجامعة وتدينه، فلم تكتمل قمة الرباط مثلًا عام 1969، ولم تصدر بيانًا ختاميًا حين كان هدفها “وضع استراتيجية موحدة لمواجهة إسرائيل”.

فعلى الرغم من كون الهدف الرئيس من القمة العربية هو تسجيل تحرك عربي مشترك يوقف ما تستنكره الجامعة وتدينه، إلا أن القمة العربية المنقضية، بدورتها الـ”28″، شابهت في مضمون بيانها الختامي، البيانات الختامية لسابقاتها، وهي لا تخرج عن إطار التأكيد على القرارات الدولية، وإدانة التدخلات الأجنبية في الشؤون العربية، والمطالبة بفرض قرارات أممية… فهل “المقاطعة” هي الحل الأنسب كما فعل المغرب؟

عن موقع 21

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد