عزالدين بلبلاج المحرر
في إطار الإستعدادات الأخيرة التي تشهدها وزارة التربية والتكوين لإعطاء انطلاقة الموسم الدراسي 2016/2017 بكافة المسالك التعليمية سواء في القطاع العام أو الخاص ، يتبادر إلى أذهننا عدة أسئلة حول وضعية التعليم ببلادنا تتمحور حول : هل المنظومة التربوية بالمغرب قادرة على مسايرة التقدم والتطور الذي يشهده العالم؟ أم أن منظومتنا هدفها هو محاربة الأمية والجهل؟ أم دورها هو تلميع صورة الوطن خارجيا ؛ مع العلم أننا نحتل آخر المراتب من حيث ضعف الجودة وقلة نسبة النجاح والتمدرس في الإحصائيات الدولية.
عرف المغرب في السنوات الأخيرة أو بالأحرى في الحكومة الحالية السكتة القلبية في قطاع التعليم وبالخصوص التعليم العمومي الذي يدرس فيه أبناء الشعب الفقير وذوي الدخل المتوسط بحيث يشهد كل سنة تراجعا على مستوى النتيجة والجودة من 6 إلى 10 في المئة، ما يحتم علينا جميعا التدخل لوقف نزيف الدمار والتشتت الذي يعرفه هذا القطاع الذي يعتبر أهم ركائز الشعوب التي تسعى الى خلق موطأ قدم في الساحة السياسية والاقتصادية والعلمية.. إن هذه الحصيلة الكارثية ليست وليدت اليوم بل هي تراكمات سنوات وعوامل شتى أهمها : – غياب رؤية واضحة لمسار التعليم العمومي ببلادنا – ضعف أداء المسؤولين على رأس القطاع – غياب المحاسبة والتتبع والتقييم – الاعتماد على الخطط الخماسية الفاشلة ونهج سياسة الظرفية ، كل هذه العوامل جعلت من هذا القطاع الأساسي منبع اللاوعي وعدم التحصيل الجيد وقلة التنوع الثقافي والإبتكار والإنخراط الصحيح داخل المجتمع ما نتج عنه إنتاج جيل فارغ ثقافيا وغير واعي ولا يهتم بمسار التنمية بمختلف توجهاتها وليس مساهما في قضاياه الإجتماعية والوطنية وسهل بالإطاحة به في الإيديولوجيات المتطرفة اللهم بإستثناء فئة قليلة التي اعتمدت على المجهودات الشخصية ، هذا وبخلاف التعليم الخصوصي الذي شهد في الآونة الأخيرة نسبة كبيرة من الملتحقين في صفوفه من التلاميذ رغم تكلفته الباهضة هذا التوجه الخاص جعل من الأسر تسارع لإنقاد أبناءها لدمجها فيه بغية التعلم والتحصيل الجيدة والحصول على شواهد تسهل دمجهم في سوق الشغل.
إن معضلة التعليم العمومي ببلادنا اليوم تحتم على الدولة فتح حوار إجتماعي بناء فعال وذي مصداقية بين مختلف المتدخلين ( الوزارة الوصية بمختلف مؤسساتها- جمعيات الآباء – نقابة التعليم – الإعلام – المثقفين…) من أجل وضع استراتيجة الإنقاذ لهذا القطاع الذي يعتبر اللبنة الأساسية لبناء مغرب الغد مغرب الوعي والتنمية والإقتصاد والتطور.. إن هذا الجيل يستحق أن يكون له التعليم الذي يستحق التعليم المبني على الإنفتاح والتربية على المواطنة الفعالة والتواصل الدائم والأنشطة الموازية وإحياء دور المؤسسة التعليمة وإعطاءها قيمتها الحقيقية بإعتبارها المجال الذي يصنع الطاقات الفعالة داخل المجتع، كفانا من حب الذات والأنا الكذابة والبروطوكول الفارغ والتسارع إلى التدرج في المناصب وكيفية نهب الميزانيات وطمس طموحات ورغبات التلاميذ ولنساهم يدا في يد في الصنع الحقيقي والمتين والفعال لرجال ونساء الغد الذين ستوكل لهم مسؤولية صناعة مجد هذا الوطن ، إننا جميعا مسؤولين أمام الله وأمام الوطن ونتحمل النصيب في هذه الكارثة التي وصل لها قطاع التعليم ببلادنا فلنحاسب أنفسنا أولا على صمتنا وعلى انتشار ظاهرة الفساد ، وثانيا نحمل المسؤولية للحكومة والبرلمان ؛ إن أي مجتمع لا يهتم بمجال التعليم ولايسخر له جميع الإمكانيات الضرورية ولا يوفر له الموارد البشرية الكافية فهو لا محالة سينهار مهما صمد.