زاكورة: الصيف وشبح العطش

  • المحرر : سعيد السباك

مع اقتراب فصل الصيف يتضاعف تخوف ساكنة زاكورة ومعها القرى المجاورة للمدينة من تفاقم مشكل ندرة الماء الصالح للشرب خصوصا ثلك التي ما تزال تشهد تعثر في إنجاز مشاريع خصصت لهذا الغرض حيث لم تبدل أي جهود لمعالجة الظاهرة على الرغم من تصاعد الأصوات والاحتجاجات لما يقارب عام كاملا، عكس مركز المدينة الذي سرعت الأشغال لمعالجة الظاهرة بأوامر ملكية.

ضربت المجالس الجماعية المتعاقبة على تسيير جماعة أولاد يحيى التي تنتمي جغرافيا لإقليم زاكورة – تبعد ب47 كلم عن مركز زاكورة- بساكنة يفوق تعدادها 12 ألف نسمة مبادئ حقوق الإنسان و شروط العيش الكريم عرض الحائط، ولم يلقوا بالا للقانون الجديد المتعلق بالجماعات الترابية وما تضمنه من مواد من شأنها تقويم العلاقة بين الفاعل السياسي و المواطنون في إطار مقاربة تشاركية حقيقية فتلبي مطالب وحقوق اجتماعية، وتفتح الباب أمام تنمية حقيقة بالنظر لموقعها الجغرافي ومؤهلاتها الطبيعية و المعدنية “مقالع المعادن التي تدخل ضمن الحدود الترابية للجماعة” . ففي الوقت الذي يتوجه فيه المغرب لسياسة جهوية موسعة لم يزل الاستهتار بحياة المواطنين هناك سيد الموقف أمام أعين السلطات الوصية ولعل “ملف” هذه الجماعة هي النقطة التي أفاضت الكأس و كانت سبب في إعفاء عامل عمالة زاكورة الذي لم يبدل أي جهد في “إصلاح” ما أفسد هناك.

نهيك عن مشاريع بملايين الدراهم كذلك متوقفة أو لم تنجز على مدي ولايات انتخابية متعاقبة علىرهذه الجماعة، التي تعتبر استثناء سيئ جدا على المستوى الوطني. فبعد مضي أزيد من 20 سنة على تأسيسها لم تستطع حتى الآن تحقيق أدنى شروط العيش الكريم لساكنتها، من الماء الصالح للشرب، الإنارة العمومية، المركز الصحي، دار الأمومة والملاعب الرياضية تهيئة المركز الجماعي … وغيرها مما يدخل في اختصاصات الجماعة حسب القانون المنظم لها بالإضافة إلى مشاريع التنمية البشرية التي لم يتحقق منها شيء بالمنطقة، وإقصاء أبناء هذه الجماعة الفقيرة من برنامج تيسير لدعم التمدرس.

ليتأزم الوضع في السنوات الأخيرة بعد أن توقفت عدد من المشاريع التي استنزفت ميزانيات الجماعة لسنوات متتالية وتبخرت معها آمال في تنمية منشودة. توالت بعدها النكسات وخيبات الأمل ولا يكاد يرى المواطن هناك إلا فتات مشاريع لا تكتمل وتتبخر ملايين الدراهم، فتفوت على ساكنة الجماعة المزيد من فرص التنمية مما أجج ويؤجج كل يوم الاحتجاجات بالمنطقة والتي تنذر بالأسوء.

توالت الأشكال الاحتجاجية من إعتصامات مفتوحة للنساء والمسيرة التي عزموا خوضها نحو مقر عمالة كشكل تصعيدي ردا على ما اعتبروه “تجاهلا” غير مبرر لحقوقهم الكونية هناك متسائلين عن عدم تدخل الدولة بكل أجهزتها لإيجاد حلول للمشاكل بدل ترهيب المحتجين، وإرسال جحافل القوات العمومية وتسخير كل هياكل جهازها المخزني ليرسلوا تقارير و إستدعاءات ترهيبية لكل من له علاقة بهذه الاحتجاجات. ولعل القافلة التضامنية الأخيرة مع احتجاجات الساكنة والتي شارك فيها عدد من الإطارات الحقوقية والحزبية و النقابية وغطها عدد من الإذاعات والقنوات الإعلامية “باستثناء الإعلام المحلي طبعا “من مختلف مشارب الوطن، لعلها أكبر دليل على مشروعية الملف المطلبي الذي تناضل من أجله الساكنة والذي وصفه الرئيس بأنه مستحيل التنفيذ.

في مشهد يدعوا للسخرية، طاف وفد مكون من الرئيس و نائبه على مجموعة من الدواوير تحت غطاء إعداد مخطط جماعي وذلك بمحاورة “الساكنة في اجتماعات ليس لها من طابع الرسمية إلا الاسم. ما معنى أن تحاور عطشانا، هل تحاول أن تقنعه أن العسل أفضل للجسم من الماء أو أن اللبن يكلف أقل من الماء، ضحك على الذقون حقا. كيف لمجلس “عاجز” زمنيا ومكانيا أن يحاور الساكنة أم أن الأمر لا يعدوا أن يكون محاولة أخرى لتكميم الأفواه وتمنية النفوس حتى تهدئ ويكتشف بعد فوات الأوان أن الراعي هو من يأكل الغنم وليس الذئب.

ليست نظرة سوداوية بقدر ما هو تحميل لكل ذي مسؤول مسؤليته، هي فقط مبادرة العمالة التي أعادت بصيص أمل لدى المحتجين حيث إستدعتهم للحوار ووعدت بمواصلته في وقت لاحق بعد أن وعدت المحتجين بمطالب وصفتها الساكنة بأنها محتشمة ولا تستجيب أبدا لمطالبهم رغم أنها لم تنفذ لحد الآن، ووعدتهم كذلك بتحديد موعد لاحق لمواصلة الحوار.
تردي الخدمات العمومية بجماعة أولاد يحيى وصراع وراء قيادة المجلس المنتخب أو على الأقل ضمان مكان يصله نصيبه من أموال دافعي الضرائب هو عنوان جماعة أولاد يحيى. وصمت غير مبرر للإعلام المحلي بالمنطقة، أو حينما يكون الضحية مواطنون بسطاء يصبح للفساد من يحميه من الصم و البكم. فهل تبادر وزارة الداخلية بإيفاد لجان تحقيق في كل المشاريع التي استنزفت ميزانية الجماعة، بعضها لم يكتمل وبعضها الآخر لا يعدوا أن يكون حبرا على ورق؟ ثم هل سيكون لهذه اللجان الشجاعة الكافية لمعاينة المشاريع على أرض الواقع و رفع كل ملف مشكوك فيه للقضاء ليقول كلمته ؟

زر الذهاب إلى الأعلى