إطالة أمد النزاع حول الصحراء: المغرب يراهن على السراب “ج1”

عادل قرموطي المحرر

 

لا شك أن عددا كبيرا من المغاربة يعتقدون أن إطالة أمد الصراع حول الصحراء، يدخل بالدرجة الاولى في صالح المملكة المغربية، مستدلين على ذلك بالتطور الديموغرافي الذي تعيشه الاقليم الجنوبية، و الذي سيجعل من الانفصاليين في العقود القادمة أقلية أمام تزايد الساكنة الوحدوية و ما يعتبره المغرب جبهة داخلية خصوصا المواطنين المنتمين لمخيمات الوحدة الذين هاجروا الى الصحراء من أجل المشاركة في استفتاء تقرير المصير بحكم اصولهم الصحراوية.

 

فأن تراهن على حصان في سباق حاسم، يقتضي أن تعتني به و أن تجعله مرتبطا بك مستعدا للمنافسة بكل حواسه من أجل اسعادك، الشيء لم يقم به المغرب في الصحراء، في طل اهماله لمن سيحتاجهم في هذا السباق، و اهتمامه بنخبة انتهازية أثبتت الايام أن آخر ما يشغل بالها هو حسم النزاع لصالح المغرب، بل و أن عددا ممن يستفيدون اليوم من الوضع القائم، يحملون جنسيات اسبانية و مستعدون للمغادرة مباشرة بعد أي مستجد.

 

الاهتمام ببعض الاشخاص، و منحهم الامتيازات و الدعم السياسي، قابله اهمال القاعدة الشعبية التي لاتزال تعيش تحت وطأة فساد هؤلاء، حيث تعتقد الدولة أو بعض من يمثلها أن قالبي سكر و حفنة من الحليب المجفف كافية لكسب ولاء ساكنة تتابع كيف يتم استغلالها بشكل يومي علنا دون أن تتدخل أية جهة من الجهات لانصافها، بل و أن من بين مكوناتها مواطنين لازالوا يفتقرون لابسط مقومات العيش الكريم، و يقطنون في منازل دون ماء صالح للشرب مقابل الملايير من الدراهم التي تخصصها الدولة لمدنهم.

 

سياسة الدولة في تعاطيها مع الساكنة في الصحراء، ظلت مرتبطة بالميز و العنصرية، ما خلق فوارق طبقية خطيرة، تلخصت في فئتين لا ثالث لهما، فئة أولى استولت على الامتيازات و المناصب و المقاعد السياسية، و أخرى تُستغل أبشع استغلال من طرف المحطوظين و الدولة نفسها كلما تعلق الامر بحدث يستوجب التعبئة، تماما كما وقع في مسيرة الغضب ضد بان كي مون، و حملة دستور2011، و كما يحدث في كل مناسبة انتخابية يفتح فيها الساسة خزائن الاموال التي جمعوها من الدولة لاستغلال المواطنين في الحملات.

 

اهتمام الدولة باثرياء الحرب، و غضها الطرف عن تجاوزاتهم، جعلهم أولياء صالحين، يتبعهم المواطن لهفة وراء الفتات، في وقت من الواجب أن يكون ولاؤه للدولة ليس إلا، بل أن من بينهم من يضمن ولاء الفقراء بصفر درهم، من خلال استغلال نفوذه لتوزيع اموال المبادرة الوطنية و بطائق الانعاش و المشاريع الاجتماعية على الفئة التي يجدها أمامه كلما فكر في القيام بأي نشاط، و من هنا نتساءل عن محل اعراب الدولة من الاعراب، إذا ما قرر أحد هؤلاء الانقلاب عليها؟ و المواطن يعتقد بأن فلان أو علان هو من دعمه لنيل بطاقة الانعاش و ليست الدولة هي التي منحته اياها.

 

التجمهر الذي عاشه محيط مطار الحسن الاول ي انتظار عودة أحد أثرياء الحرب بعد تعرضه لمضايقات من طرف أحد الموالين للبوليساريو بالخارج، يؤكد على أن الدولة لا تمتلك قاعدة بشرية في الصحراء، و على أن الرجل قد استطاع أن يضمن لنفسه جمهورا غفيرا يؤمن به أكثر من إيمانه بالمملكة المغربية، و مستعد لأن يتبعه الى الجحيم طالما انه لازال يستغل وضعيته لاظهار جوده و كرمه للمواطن، و ليث الامر بتعلق بماله الخاص، لأن صاحبنا يمسك كل هؤلاء بجزئ بسيط من الاموال التي يتلقاها باستغلال نفوذه، فيما يستثمر الكثير في مشاريع هنا و هناك و حتى خارج الوطن….. يتبع 

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد