المحرر – مكة المكرمة
باسم منظمة إمسام المراقب الدائم للمجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة، وتحت شعار نحن معكم بلمسة حنان وبصمة إنسان من (إمسام)”، قامت سفيرة النوايا الحسنة لدى هيئة الأمم المتحدة الدكتورة عبير خليل بزيارة إنسانية للمسنّات الساكنات في دار الرعاية الاجتماعية بمكة، ورافقها في زيارتها زوجة القنصل الجزائري سماح القاسمي وحشد كبير من ممثلي وسائل الاعلام في المملكة العربية السعودية ، وكان في استقبال السفيرة عبير والمرافقين عبد الله النمر نائب مدير الدار، وأمل يللي مشرفة القسم النسائي ونائبتها نجوى الأمير.
قبل الجولة النسائية على أقسام الدار كان اللقاء مع عدد من النساء المسنّات في الدار اللواتي وافقن على التصوير، رحّبت مشرفة الدار بالحضور وقالت في كلمة تعريفية عن دار الرعاية الاجتماعية للمسنين بمكة المكرمة إنها تعتبر من أقدم دور الرعاية الاجتماعية في المملكة العربية السعودي على الإطلاق، والتي أُنشئت عام 1380هـ (1960م). وكانت جمعية خيرية تستقبل الأرامل والمطلقات، ثم انتقلت مسؤوليتها إلى الشئون الاجتماعية وأصبحت مُقنّنة بشروط، وهي: أن يكون الشخص المسنّ سعودي الجنسية، وأن يكون العمر 60 عاماً وما فوق، وعدم وجود عائل يرعاه، وأن يكون خالياً من الأمراض السارية والمعدية والنفسية غير المستقرة والتي تشكّل خطراً عليه أو على الآخرين، وأن يثبت البحث الاجتماعي حاجت إلى خدمات الدار.
أما عن كيفية استقبالهم للمسن في الدار قالت: ” عندما يأتينا شخص بنفسه، أو تأتينا معلومة عن شخص من مستشفى أو من رباط (عمارة أوقفها صاحبها للمحتاجين والفقراء) تذهب أخصائية اجتماعية وطبيبة القسم لدراسة الحالة، وإذا اتضح بأنه لا يوجد من يرعاها وأنها في حاجة إلى خدمات الدار يتمّ قبولها وتجهيز غرفة خاصة لها، وذلك بعد التأكد من حالتها النفسية، فمثلا إذا كانت المرأة المسنّة قيادية فلا نضعها في غرفة امرأة أخرى موجودة قبلها وهي قيادية أيضاً. ونفس الأمر ينطبق على قسم الرجال. (هذا ما قاله عبد الله النمر نائب مدير الدار). ثمّ تحدّث عن الخدمات التي تقدّمها الدار للمقيمين والمقيمات فيها، من مأكل خمس وجبات يومياً، ثلاثة رئيسية واثنتان خفيفتان، وكسوة صيفية وأخرى شتوية، والعلاج والترفيه ومشاركتهن المناسبات والأعياد والافطار معهن في شهر رمضان.
بعد ذلك اصطحبت المشرفة أمل السفيرة د. عبير خليل ومرافقاتها إلى الأقسام وغرف المعيشة الخاصة لعمل جولة والسلام على المسنّات، حيث اوضح نائب مدير الدار عبد الله النمر للدكتورة عبير خليل عن الاعداد المقيمين في الدار بأنه يوجد في الدار 67 رجلاً و46 امرأة، وجميعهم فوق الـ 60 عاماً، لكن الرجال يرفضون الظهور والتصوير واضاف ان الدار تم إنشائها عام 1354هـ تحت مسمّى دار العجزة الخيرية ثم أصبحت عام 1367هـ تحت الإشراف الرسمي لمديرية الأمن العام، وعندما أنشئت وزارة العمل والشئون الاجتماعية انتقلت إليها مسؤولية الإشراف على كل المؤسسات الاجتماعية. وقد تمّ تحديث الدار بالشكل الذي ترونه الآن عام 1428هـ أي قبل 9 سنوات، وقامت الدولة حفظها الله، بتوفير كل ما يلزم لخدمة المسنين، من سيارة إسعاف وسيارات للتنقل وتجديد المبنى بالكامل .
بعد عودة السفيرة عبير خليل والمرافقات المشرفة من الجولة على الأقسام والغرف الداخلية كانت العيون دامعة، فقالت عبير إنه رغم الرقي والترتيب في الغرف وهندام السيدات إلا أن كون بعضهن لا يستطيع الحركة بنفسه هو الشيء المؤلم، فتخيلت نفسي كبرت في السن وهرمت، فدعوت الله إن أطال عمري أن يمتعني بالصحة ويحسّن عملي وأن يلطف بأمهاتنا العجائز في الدار وفي كل مكان.
وقبل المغادرة وأثناء التقاط الصور التذكارية اكدت مشرفة الدار للضيوف خلال تواجدهم في غرفة الجدّة بناء على تساؤلات الحضور إن كان بين النساء في الدار حالات عقوق لتؤكد لهم بانا الدار ترفض استقبال أي حالة ترتبط بعقوق الوالدين. وإذا حصل وجاءتنا حالة واكتشفنا أنها عقوق نتدخل لحل المشكلة بين الأم وابنها وأذكر ذات مرّة جاءتنا للدار امرأة وادّعت أن لا عائل لها، وبعد البحث والتقصي اكتشفنا أنها غاضبة من ابنها، ولما وصلنا له عرفنا أنه لم يترك باباً لم يطرقه بحثاً عن والدته، ذهب إلى جميع أقسام الشُرط والمستشفيات، وجلس يبحث عنها ثلاثة أيام، ثم حضر واعتذر من أمّه وهو يقبّل يديها ورأسها حتى ترضى عنه، ثم اصطحب والدته معه مؤكدة ان سياسة الدار لا تقبل ان يكون فيها إلا الحالات التي ليس لها عائل. أي مقطوعة من شجرة، فيكون بيتها الدار ونحن أهلها .