تجربتي المتواضعة تساءلني عن المدرسة الخصوصية

كريم حدوش

 

  لا أحد ينكر واقع مدرستنا العمومية ، واقع يتأسف له الأمي قبل المثقف ، واقع يتألم  عن حاله الغير معني قبل المعني ، واقع لا نعلم إن استمر في نفس المسار أي جدار سيرتطم به ، هل جدار الجهل؟ أم جدار الفتنة؟ أم جدار الذل؟ أم جدار العار؟ أم أم أم …

  الواقع لا يرتفع وعجلة الحياة والتقدم والتطور لا يمكن أن تنتظر استيقاظنا من سباتنا كي تستأنف دورانها. كل من استلم زمام الأمور في قطاع التربية والتكوين يزعم أنه حاول والمؤكد أنه لا أحد استطاع الخروج بتعليمنا من النفق المظلم الذي لا نعلم نهايته .

   فلنترك مدرستنا العمومية ولنطرح سؤالا: هل يجد أولياء التلاميذ في المدرسة الخصوصية ما افتقدوه لأبنائهم في المدرسة العمومية ؟ فلسفيا، يمكن الحصول على الإجابة بمجرد حذف أداة الاستفهام (هل).

  إن الإقبال المتزايد الذي تعرفه المدارس الخصوصية كل سنة يجعلنا نسلم ونقول بأن القطاع الخاص في التعليم يلبي حاجيات الباحثين عن الجودة والتفوق الدراسي لأبنائهم ، لكننا سنكون مخطئين إذا ما عممنا الأمر وجعلنا القاعدة تسري على كل مؤسسة  تربوية تنتمي إلى القطاع الخاص .

  بالنسبة لي، تجربة متواضعة بإحدى المدارس الخصوصية كفيلة بجعلي أقول: “إن ما نريده شيء وما نصطدم به في الواقع شيء آخر”. علمتني  مناهج البحث الميداني في علم الاجتماع أن تعميم نتائج البحث مرتبطة أساسا بالعينة المشتغل عليها في مجال الدراسة ،حيث عدد العينة هي معيار في تعميم  خلاصات البحث على مجتمع الدراسة ،هذا ما يصطلح عليها في البحوث الاجتماعية بالتمثيلية.

  الأمر ها هنا مخالف ، فلا بحث ميداني قمنا به ولا عينة اشتغلنا عليها  وبالتالي فلا خلاصات يجب تعميمها، فقط تجربة ولو قصيرة إلا أنها كشفت لي واقعا آخر عن المدرسة الخصوصية ، تجربة أزالت تلك التمثلات المسبقة  التي ترسبت في مخيلتي عن هذا النوع من التعليم ، وكل من درس به طبعا مع التذكير دائما بعدم جواز التعميم.

   المدرسة في القطاع الخاص أولا وقبل كل شيء مقاولة تسعى بالدرجة الأولى إلى الربح، وبالتالي مفهوم المؤسسة التربوية يوضع بين آلاف الأقواس ، الحديث عن شيء اسمه “البيداغوجيا” في المدرسة الخصوصية  صعب جدا ، تكوين الأساتذة وتأهيلهم لمزاولة مهنة التدريس في المدرسة الخصوصية قليل إلا من رحم ربي، التسيير الإداري في المدرسة الخصوصية يطبعه الارتجال…

  سنسلم بخلاصة من خلاصات محمد عابد  الجابري في إحدى إطلالاته على قرائه وهو يحاول وضع الأصبع على جرح اسمه التعليم بالمغرب،  حينما أكد بأن معضلة منظومتنا التربوية ليست مرتبطة أساسا بالقائمين عليه ولا بمستوى المتعلمين ولا بالمناهج التعليمية ولا حتى بإضرابات الطلبة … مشكلة التعليم في نظر كاتبنا ، لها علاقة مباشرة بجذوره والسياق العام الذي نشأ فيه ، لكن ماذا عن التعليم الخصوصي أي سياق ؟وأي منهج؟ وأي إضراب؟ يمكن الوقوف عليه لفك شفرات واقع نسأل الله أن يلطف بأبنائنا فيه.

زر الذهاب إلى الأعلى