الرقاة في طنجة والمغرب أصبحوا بعددهم أكثر من الجن

 

تحقيق: كادم بوطيب

ادا كانت الرقية الشرعية سنة ثابتة عن الرسول صلى الله عليه وسلم، و لكنها للأسف الشديد تحولت في المغرب وفي طنحة إلى تجارة تهدف إلى الربح السريع و الغنى الوفير فتخلت بذلك عن أهم شروطها و مقوماتها و أصبحت أقرب إلى الشعوذة منها إلى الشريعة. ولا أحد ينكر أن بزوغ الصحوة الإسلامية في مختلف المجالات و تحديدا الإعلام كان له دور كبير في إحداث قطيعة مع معتقدات و أباطيل و خزعبلات كانت راسخة في عقول الناس, وأنها وضعت المجتمعات الإسلامية خاصة على أهبة مرحلة جديدة تستند إلى خلفية دينية و معايير شرعية.

هكداتكاثرت مراكز “العلاج بالرقية الشرعية” في عدد من المدن بالمغرب وخاصة في طنجة، وبات الرقاة يعتمدون على أحدث طرق التواصل من أجل استقطاب زبائن مفترضين، وصارت لبعضهم شهرة واسعة داخل وخارج البلاد، بل إن منهم من راكم ثروات من عمله راقياً لعدد من “الأمراض الروحية”.

ويوجه كثيرون أصابع الاتهام إلى بعض القنوات الإعلامية ويتهمونها بالترويج لهؤلاء الرقاة، واستغلال رغبة البعض في الحصول على علاج لعلات أصابتهمويتنافس الرقاة المغاربة إما عبر فتح محلات تختلف من راق إلى آخر، حسب إمكانياته وعدد زبنائه وعائداته المالية وشهرته أيضا، فقد يكون للراقي مركز عصري فخم، وقد يكتفي بالعمل داخل بيته، وإما عبر التنقل إلى منازل الراغبين في خدمات ما يسمى الرقية الشرعية بالقرآن، لطرد الجن أو علاج المس والعين والسحر وغيرها من الأعراض.

وتعتري عمل عدد من الرقاة في المغرب، وليس جميعهم، الكثير من الوشايات والشكايات التي تصل إلى حد اتهام بعضهم بالتحرش الجنسي تحت ستار إخراج الجن الساكن في جسد المرأة، وهو ما وصل بعضها إلى أقسام الشرطة، وشكايات أخرى ظلت حبيسة الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي.

ونبهت تنسيقية المعالجين بالقرآن الكريم بالمغرب إلى خطورة هذه الممارسات التي يقوم بها بعض ممتهني الرقية الشرعية، أو المتطفلون على هذا المجال، من خلال تصوير فيديوهات تروع الناس، وتصور المرضى بلا استشارتهم، ليصل الأمر أحيانا إلى ابتزازهم والتشهير بهم.

وقدطالب مختصون في المغرب بتأسيس لجنة تضم عدداً من العلماء والأطباء لمراقبة وتقييم أداء الرقاة الشرعيين والإشراف عليهم، وتقنين العمل وممارساته، حتى تتم عملية الرقية بمنتهى الصدق والشفافية ودون أن يشوبها أي نوع من أنواع الشكوك، لاسيما بعد تفشي ظاهرة “الرقاة الدخلاء” والذين يستغلون حاجات الناس عبر الرقية من أجل المكسب والربح فقط، ومما فاقم المشكلة غياب نظام تنظيم عمل الرقاة الشرعيين الذي من شأنه القضاء على حالات الفوضى والنصب والاحتيال.

واليكم قصة إحدى ضحايا الرقاة في المغرب:

(في الطابق الأرضي لإحدى الفيلات بكاليفورنيا القريبة من منطقة الجبل الكبير ، كانت العديد من النساء، من مختلف الأعمار والفئات الاجتماعية، جالسات في البهو ينتظرن دورهم للدخول إلى غرفة الشيخ. صوت قرآن خافتٌ، بترتيل مشرقي، ينبعث من التلفزيون المعلَّق في مدخل البهو، ورائحة بخور تشتدُّ ثم تخفت.كانت هذه هي المرة الثالثة التي تأتي فيها «فتحية» لمقابلة الشيخ الراقي. ورغم أن حالتها لم تتحسن، فإنها ما زالت تعلق الآمال على الحصتين المتبقيتين لطرد الجني اليهودي الذي تلبس بها، وحوّل حياتها لجحيم، كما أخبرها الراقي في جلسة الكشف الأولى.توالت حصص العلاج، وامتدت يد الشيخ نحو مناطق حميمية من جسدها، وصلت لصدرها والضرب على ردفَيْها وتقبيلها على شفتيها! سَألتُه مُستَغرِبة، لماذا تقوم بهذه الأمور؟! جوابُه جاء قاطعاً: «أحاول إثارة غيرة الجني العاشق واستفزازه!»، تتذكر إلهام بوجه مُتشنِّج.في الحصة الثالثة، أخبرته بأن حالتها تسوء، وأنها أصبحت تعاني الأرق والقلق، ليخبرها بكل ثقة، بأن الحل يكمن في أن يقوم بمُضاجعتها؛ حتى يُخرج الجنِّي من جسدها بصفة نهائية، مستعيناً بقدراته وسيطرته على الجِني.الراغبة في العلاج، فطِنَت مُتأخِّرة إلى ما يرغب فيه الراقي؛ استغل رغبتها في العلاج، وخوفها من الجني الذي يسكنها وفق ما أوْهَمَها به، ليصل إلى مُبتغاه. من يومها، خرجت من الفيلا دون أن تعود.. «خسرتُ زهاء 5000 درهم دون أن أستفيد من العلاج»؛ بل ازدادت حالتها تأزُّماً وزادت انغلاقاً على نفسها.

راق معروف آخر اتهمته أكثر من سيدة بأنه تحرش جنسيا بها أثناء حصص علاجهن من “أعطاب روحية”، فيما عانت أخريات من ضرب رقاة لهن بدعوى طرد الجن من أجسادهن، كما اشتكت نساء من تصوير بعض “شيوخ الرقية” لهن أثناء العلاج بدون رغبتهن، أو لمس أجزاء حساسة من أجسادهن.

ومن هنا نتسائل جميعا قائلين: “لماذا لا تُحارب السلطات هؤلاء الذين يفتحون “محلات” للرقية الشرعية؟ لماذا يتم السكوت عنهم، وهم يمارسون أعمالاً خارجة عن القانون، ولا يتم متابعتهم في أغلب الأحوال، إلا في حالة تعرض سيدة تزورهم للاغتصاب؟” لنختم تساؤلاتنا “هل تهون المرأة المغربية على الدولة إلى هذه الدرجة؟

IMG 20181104 WA0089 1 IMG 20181104 WA0088 IMG 20181104 WA0087

زر الذهاب إلى الأعلى