رسام كاريكاتير يدعو إلى طرد العرب من الجزائر….!

عمّـــــار قــــردود المحرر

 

نشرت جريدة “ليبرتي”-الحرية- الناطقة باللغة الفرنسية و المملوكة لرجل الأعمال الملياردير الجزائري إسعد ربراب ،يوم أمس الخميس،كاريكاتير صادم بريشة ديلام يدعو فيه بكل وقاحة و جهوية مقيتة و عنصرية مشينة إلى طرد العرب من الجزائر،بالرغم من أن كل الجزائريين عرب منذ أزيد من 1500 سنة،فمن هم العرب الذي يُريد ديلام طردهم من الجزائر؟.
المفارقة الغريبة أن دعوة ديلام هذه التي تضجّ عنصرية جاءت عشية الإحتفال برأس السنة الأمازيغية “ينايّر” التي أقره الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة العام الماضي عيدًا وطنيًا و يوم عطلة رسمية مدفوعة الأجر في الجزائر.فهل ما أقدم عليه الكاريكاتريست “ديلام” يُمكن وضعه في خانة حرية التعبير و الصحافة أم هو دعوة عنصرية خطيرة تستوجب تدخل الجهات المسؤولة لوقفه عند حده و إتهامه بالتفرقة العنصرية و بث الجهوية و زرع الفتنة بين أبناء الشعب الواحد؟.
ألا يعلم هذا “الديلام” بأن الجزائريين هم “أمازيع عرّبهم الإسلام” على رأي العلامة إبن باديس،و أن اللغة العربية هي اللغة الرسمية للجزائر قبل اللغة الأمازيغية.
و تاريخيًا عمل الفرنسيون-كقوة إستعمارية-قبل إستقلال بلدان المغرب العربي على عزل أقلية الجماعات الناطقة بالبربرية “الأمازيغية” عن غالبية السكان العرب و نشر التعليم الفرنسي و المبشرين في مناطقهم و بالتالي زرع فكرة “أنهم أصحاب البلاد الأصليون و أن العرب مستعمرون و أن اللغة العربية دخيلة و أنه لا بد من الإتحاد للتخلص من الوجود العربي،و أن البربر أو الأمازيغ لا علاقة لهم بالعرب و لا بالساميين،و أن أصلهم أوروبي و ما مجيئ فرنسا إلى شمال أفريقيا إنما هو لمساعدتهم على العودة إلى وطنهم الأم أوروبا و لأجل تطبيق خطتهم هذه،عمد الفرنسيون إلى نشر التعليم في المناطق البربرية و إرسال الإرساليات التبشيرية المسيحية إلى هذه المناطق و بالتالي إصدار قوانين تعتمد على النزعة البربرية العنصرية.
و قد كتب الزعيم المغربي الكبير الأمازيغي الأصيل،محمد البصري،تعقيبًا على أحداث سنة 1985 بتبزووزو قال فيه” الذين يثيرون المسألة البربرية في الجزائر يفعلون ذلك حفاظًا على مصالحهم الإقتصادية و الوظيفية في جهاز الدولة و الإدارة الجزائرية،و هؤلاء هم بربر منطقة القبائل الذين تفرنسوا لغة منذ وقت طويل و من ثم مكنهم الإستعمار من شغل كثير من المواقع الثانوية في الإدارة و التجارة و بخاصة في العاصمة التي تقع قرب منطقة القبائل و حين حصلت الجزائر على الإستقلال كان هؤلاء هم الكوادر الوحيدة المدربة،فإنتقلوا من المواقع الرئيسية الأولى التي أخلاها الفرنسيون في أجهزة الإدارة و الخدمات و الإنتاج و مع إشتداد موجة التعريب في الجزائر بات هؤلاء يشعرون بالخطر على مصالحهم فرفعوا شعار الثقافة البربرية حينًا،و شعار الثقافة الجزائرية حينًا آخر في مواجهة التعريب و الثقافة العربية”.
يشكل العرب الأغلبية الساحقة من سكان الجزائر 
و بحسب ما جاء في كتاب “تاريخ الجزائر في القديم والحديث” ـ الجزء الثاني ـ ص 187:” يشكل العرب الأغلبية الساحقة من سكان الجزائر وهذا ما ذكره كل المؤرخون. كان عرب الفتح ثم الطلائع الأولى لجيوش الهلاليين يشكلون جزرًا بشرية عربية محاطة بأغلبية بربرية، لكن أخبار انتصاراتهم انتشرت في الآفاق فأغرت الكثير من القبائل العربية بالتدفق على شمال إفريقيا لثلاثة قرون متتالية، فقلبوا المعادلة وأصبح البربر هم الأقلية ويتمركزون في الجبال والصحراء وتحيط بهم الأغلبية العربية. وهذا ما أشار إليه ابن خلدون أكثر من مرة فقال مثلا أن البربر لعهده كانوا أذلة بسبب القلة ودثور أجيالهم…

1 ـ قال ابن خلدون : ” مع أنّ المذلّة للبربر إنما هي حادثة بالقلّة ودثور أجيالهم بالملك الذي حصل لهم، ونفقوا في سبله وترفه كما تقدّم لك في الكتاب الأوّل من تأليفنا “. -المجلد السابع صفحة 6-
2 ـ وقال أن البربر في عهده كانوا عبيدا للمغارم في كل ناحية بسبب القلة …
” ومن قبائل هوارة بالمغرب أمم كثيرة في مواطن من أعمال تعرف بهم وظواعن عن شاوية تنتجع لمسرحها في نواحيها وقد صاورا عبيدا للمغارم في كل ناحية. وذهب ما كان لهم من الاعتزاز والمنعة أيام الفتوحات بسبب الكثرة وصاروا إلى الافتراق في الأودية بسبب القلة والله مالك الأمور “-المجلد السابع، صفحة 7-
3 ـ وقال أن البربر أصابهم الفناء فأصبحوا خولأ للدول وعبيدأ للجباية :
” ولكنهم لما أصابهم الفناء وتلاشت عصابتهم بما حصل لهم من ترف الملك والدول التي تكررت فيهم، قلت جموعهم وفنيت عصابتهم وعشائرهم وأصبحوا خولأ للدول وعبيدأ للجباية”.
4 ـ وقال أن العرب قهروا بربر صنهاجة وزناتة وأصاروهم عبيدا وخدما ….
” ولم يزل هذا دأب العرب وزناتة حتى غلبوا صنهاجة وزناتة على ضواحي أفريقية والزاب، وغلبوا عليها صنهاجة وقهروا من بها من البربر، وأصاروهم عبيداً وخدماً بباجة.” -الجزء السادس ، صفحة 22-
5 ـ أما المؤرخ والمفكر الجزائري الكبير وعضو جمعية العلماء المسلمين توفيق المدني فقال أن الأغلبية الساحقة من سكان الجزائر عرب :
“العرب هم الأغلبية الساحقة من سكان القطر الجزائري ، ( 7 من 10 ) وقد استقرت أقدامهم في بلاد المغرب العربي منذ أيام الفتح الإسلامي الأولى ، وتغلغلوا بين السكان الأولين الأمازيغ يعلمونهم الدين ويجمعونهم حول القرآن وسنة محمد صلى الله عليه وسلم.” – “هذه هي الجزائر” ص 29 –
وقال أيضا : ” والعرب يمثلون الآن بأرض الجزائر نحو أربعة أخماس السكان المسلمينن أما الخمس فهو يؤلف من القبائل البربرية التي حافظت على بربريتها في الجبال”
6 ـ وقال الشيخ عبد الرحمن الجيلالي : ” وتشكل نسبة السكان من البربر في عموم ارض الجزائر اليوم 30 % ” – تاريخ الجزائر العام-
7 ـ وقال العلامة والمؤرخ مبارك بن محمد الهلالي الميلي وهو من الأعضاء المؤسسين لجمعية العلماء المسلمين :
” فكان نفوذ الهلاليين في البربر اجتماعيًا لغويًا جنسيًا ، كما كان نفوذ الفاتحين دينيا سياسيا . ويمتاز نفوذ العرب في غيرهم من الأمم بأنه غير ناشئ عن دعاية سياسية وأنه خالد خلود الراسيات لا يذهب بذهاب سلطانهم ولا توهن من قوته الدسائس الأجنبية. بل لا يكترث بها إلا اكتراث القائل :

يا ناطح الجبل العــالي ليــوهنه ـ ـ ـ أشفق على الرأس لا تشفق على الجبل “

و الجدير بالذكر أن أمازيغ العالم إحتفلوا برأس السنة الأمازيغية الجديدة 12 يناير 2967 .ويحتفي أمازيغ شمال أفريقيا بـ الـ12 من ينار كرأس للسنة الزراعية، تخليدا لمآثر القائد التاريخي شيشناق، الذي تقول الأساطير أنه اعتلى الحكم في مصر الفرعونية العام 940 قبل الميلاد.

زر الذهاب إلى الأعلى