تقرير..العنوسة خطر يهدد مستقبل الزواج بالمغرب

المحررـ متابعة

كشفت تقارير دولية، أن 40 في المائة، هي نسبة تفشي العنوسة بالمغرب، بخصوص سنة 2018. وذلك بعد سنوات من تقرير منظمة بريطانية، والتي أشارت إلى أن ما يقارب 8 ملايين مغربية في سن الزواج هن عوانس.
وأوضح التقرير ذاته، أن نسبة 40 في المائة في أوساط المغربيات، هي نسبة مخيفة تجعل المغرب في الرتبة نفسها مع دول أخرى كمصر على سبيل المثال، الشيء الذي يتسبب في ضغط كبير تدخل فيها نظرة المجتمع القاسية والأحكام غير المقبولة، التي تطلق على الأشخاص المتأخرين في الزواج.
وفي ذات السياق، قال محسن بنزاكور باحث في علم النفس الاجتماعي، في اتصال هاتفي مع “مواطن” إن “مصطلح “العنوسة” في حد ذاته مصطلح قدحي، فيه نوع من الإقصاء لهاته المرأة، إذ نلاحظ دائما في مجتمعنا المغربي والعربي عموما، ما ينعتون المرأة غير المقبلة على الزواج بالعنيسة فيما لا يتم نعت الرجل غير المتزوج بنفس الصفة، الشيء الذي يولد علميا حالة من الكآبة والمعاناة النفسية، وخصوصا مع الضغط الاجتماعي الذي تعيشه بسبب عدم الزواج. حيث لا يتم النظر إليها بصفتها إنسانة منتجة ولها آفاق أخرى، إذ يُنظر لها فقط من هاته الزاوية، وأنها خلقت فقط للزواج ورعاية الأطفال.
وأوضح بنزاكور، أن ظاهرة عدم الإقبال على الزواج، لها علاقة بعوامل وأسباب عديدة، أهمها الظروف الاقتصادية والتي تتجلى في عدم التوفر على الكفاءة المادية، مشيرا إلى أن نسبة 48 في المائة، هي نسبة البطالة في صفوف الشباب وخصيصا الحاصلين على الشهادات العليا، إضافة إلى عامل التخوف من المسؤولية والذي أصبح مرتبطا بالغلاء الحقيقي للمعيشة، كما يلعب أيضا تأخر التمدرس دورا كبيرا في هذه الظاهرة، ناهيك التحرش الجنسي والعلاقات الجنسية غير الشرعية، والتي تعد من أهم العوامل التي تساهم في تأخر الإقبال على الزواج.
وأضاف المتحدث ذاته، أن معايير الزواج التي تعوذنا عليها في ثقافتنا العربية الإسلامية، والتي تتجلى في الحب، الاحترام، الصبر وبدل المجهود من أجل عش الزوجية هي معايير أصبحت تتراجع في وقتنا الحالي، مشيرا إلى أن ظاهرة عدم الإقبال على الزواج ومشاكل أخرى اجتماعية ستختفي تدريجيا على المدى البعيد إذا توفرت الإمكانيات المادية المناسبة، وخصوصا أن دور وزارة الأسرة والتضامن والمساواة والتنمية الاجتماعية يتجلى في دعم مشاريع الزواج الحديثة مقارنة مع باقي دول العالم النامية.
وختم محسن بنزاكور حديثه مشددا على ضرورة التضامن الأسري، والتكوين على الزواج، مبرزا أن أبعادا اجتماعية، نفسية، اقتصادية، وسياسية تلعب دورا مهما في انتشار ظاهرة عدم الإقبال على الزواج وتفاقم حِدّتها، وخصوصا أن الحكومة هي أحد المسؤولين عن إيجاد حل لهذه الظاهرة.
من جهة أخرى، أوضح أحمد كافي، فقيه وأستاذ في الدراسات الإسلامية، أن ظاهرة العنوسة هي ظاهرة قديمة، لا تقتصر على وقتنا الحالي فقط، رغم عيشنا بزمن كثرت فيه أسباب الفتن، وتوفرت فيه العديد من السبل المنحرفة لقضاء الشهوة، على حد تعبيره.
وأرجح أحمد كافي، أسباب تفشي ظاهرة العنوسة في المغرب لعدة عوامل، ذكر منها الغلاء المهول الذي باتت تعرفه الحياة اليومية، والمبالغة نوعا ما في بعض العادات والتقاليد، وكمية الطلبات المادية التي تطلبنها النساء قبل وبعد الزواج، كالمهر والصداق وتكاليف الزفاف وغيرها، والتي لا يقدر عليها الشباب.
بالإضافة يضيف المتحدث إلى الثقافات السائدة في مجتمعنا المغربي، والتي تخوفهم من الزواج، بدعوة أنه سيكلف مالا وجهدا على جميع المستويات، الشيء الذي يجعل الإنسان يخاف من أن يغامر بأمنه واستقراره وحريته. ناهيك سهولة الاقتران الذي أصبح يعرفه هذا الزمن، وتفشي عدم التحصن بطريقة غير شرعية.
وشدد ذات المتحدث، على المسؤولية الكبيرة التي تلعبها الدولة في ضمان وتسهيل عيش كريم لكل قادر وبالغ، ما يمكنه من مدخول محترم يمكنه من مواجهة الصعاب، مضيفا ضرورة مشاركة العلماء والفقهاء، في تنوير الرأي العام بهذا الموضوع، ومساعدتهم على فهم أنه لا عاصم من الانزلاق في مهاوي الرذيلة والفساد الأخلاقي إلا التحصن بزواج شرعي حلال.
بالمقابل، ومن خلال آراء عديدة استقاها “مواطن”، فإن أغلب المواطنين أبدوا تخوفهم من هذه الظاهرة، بصفتها خطرا على المجتمع كما أنها تهدد مستقبل الزواج في المغرب. فيما رأى آخرون أن انتشار هذه الظاهرة، يدل على تعافي المجتمع من التقاليد والعادات القديمة، وخصوصا أن الفتاة في عهدنا هذا، أصبحت تحدد مصيرها بنفسها، وتطلب العلم وتشتغل ولا تسعى للزواح المبكر بقدر ما تسعى جاهدة لتحقيق أحلامها وطموحاتها.

التعليقات

زر الذهاب إلى الأعلى