عادل قرموطي
يبدو أن اشكالية التطور و التقدم لا تزال تواجه المملكة في العديد من القطاعات، رغم المجهودات المبدولة و الشعارات التي يرفعها الشعب المغربي، و التي تندد بالفساد و بنهب المال العام من خلال طرق متعددة، لا تتجاوز التلاعب بالصفقات، و الاستيلاء على المشاريع في اطار عصابات منظمة، تظم مستثمرين أثرياء، و مسؤولين فاسدين، يمررون الاموال فيما بينهم، على الطريقة المعروفة باللهجة المغربية “هاك و أرا”.
و رغم أن الدولة تعيش على وقع طفرة تنموية تتخللها المئات من المشاريع، و الأوراش الكبرى، التي أطلقها الملك محمد السادس، الا أن عددا كبيرا من المواطنين، يتساءلون عن الاسباب التي تحول دون أن تظهر نتائجها على أرض الواقع، في وقت يجب فيه على الاقل التقليص من حجم البطالة التي تنخر الشباب المغربي، و التي أصبحت شبحا يهدد المواطن اينما حل و ارتحل، ما يؤكد وجود عراقيل تحول بين المغرب و التنمية الحقيقية، و تجعل المال العام يعيش على وقع النهب و السرقة.
و من بين الاشكاليات التي تبقى موضوع علامات استفهام فيما سبق ذكره، هو الهيكلة البشرية لمجموعة من الادارات، التي تعتبر مصدر قوة بالنسبة للمملكة، و أعمدة يقف عليها الوطن دون تعرضه للغرق بشكل نهائي، حيث يلاحظ أن معظم المسؤولين الكبار في الدولة، تجاوزوا سن التقاعد من أعمارهم، و تقلص حجم مستقبلهم بشكل كبير، ما يجعلنا نتساءل عما اذا كان مسؤول في السبعينات من عمره، سيتبنى منهجية العمل على مستقبل الوطن بعد اربعين أو خمسين سنة؟؟؟
و حسب المنطق و لغة العقل، فان المسؤول الذي شارفت حياته على الانتهاء، “علما أن الأعمار بيد الله تعالى”، لن يفكر في مستقبل يفوق المدة التي يتوقع هو أن يعيشها، في وقت لا نتوفر فيه نحن العرب على ثقافة دخول التاريخ، و ترك أعمال تذكرنا بها الأجيال القادمة، و هو ما يجعل عددا من القطاعات التي يسيرها هؤلاء المسؤولين، معرضة لطريقة تسيير تغيب عنها الرؤية المستقبلية، حيث يعمل بعض هؤلاء على خدمة جيوبهم في انتظار مغادرة المنصب، و هم على يقين من أنه ليس لديهم شيء يخسرونه.
مناصب سياسية و اقتصادية و عسكرية و طبية… يسيرها رجال منتهو الصلاحية، من المفروض أنهم متقاعدون، يجب على الدولة أن توفر لهم الوسائل الضرورية من أجل قضاء تقاعد مريح نظير خدمتها لعقود، بالمقابل يجب فتح المجال للشباب دون الاربعين سنة من أجل حمل المشعل، و العمل على مستقبل الوطن، و مهما فعلت الجهات المعلومة، فلا يمكن لأحد أن ينكر أن هناك قطاعات حيوية يسيرها رجال يفتقدون للحيوية، رغم أن الوطن يتوفر على طاقات شبابية من شأنها أن تعطي الشيء الكثير، بل اذا عدنا الى كواليس هذه القطاعات سنجد أن الشباب هم من يسيرون بينما يبقى هؤلاء فوق كراسيهم ينتظرون ما يمكن نهبه.